188

Awraqaygee … Noloshayda (Qeybta Koowaad)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Noocyada

من هذا السؤال بدأت رحلتي الطويلة داخل الخضم المقدس، المحاط بالغموض والتناقض، المتسربل تحت اسم صاحب الجلالة، أول الرحلة هذه العبارة من أربع كلمات «الجنة تحت أقدام الأمهات.» قال أبي إنها حديث من أحاديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - بدأت أبحث في الأحاديث النبوية عن حقوق الأمهات في الجنة، لم أكن أبغي إلا الاطمئنان على مصير أمي، لم أتصورها داخل النار، عاشت وماتت من أجل زوجها وأطفالها التسعة، اشتغلت من أجلهم الليل والنهار بلا أجر إلا طعامها، خرجت من بيت أبيها إلى بيت الزوجية وهي طفلة، ماتت في عز الشباب، لم تعرف في حياتها رجلا غير أبي، أخلصت له منذ ليلة زفافها حتى ليلة موتها، لم تشرب الخمر، لم تلعب الميسر، لم تدخن سيجارة واحدة، لم يكن لها أصدقاء رجال أو نساء، قضت عمرها ما بين غرفة النوم والمطبخ، ألا تستحق بعد كل ذلك أن تدخل الجنة؟!

في مكتبة أبي عثرت على مجلدات تحوي أحاديث الرسول محمد، كلها أحاديث صحيحة عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - وعن الرواة من الصحابة والذين سمعوا الأحاديث من فم الرسول مباشرة دون وسيط، كانت هناك أحاديث مكذوبة يعرفها أبي، يعلم عليها في هامش الكتاب، يكتب بخط يده «هذا الحديث عن أبي هريرة وهو حديث مكذوب.»

نشأت فكرة الحياة بعد الموت قبل الأديان السماوية الثلاثة، بدأها قدماء المصريين من الفراعنة، تصوروا أن الجسد حين يموت تخرج منه الروح، إن الروح الصالحة المطيعة لفرعون تذهب إلى دار النعيم، مع الملائكة والملوك والأمراء، الروح المتمردة العاصية تذهب إلى دار الجحيم مع الشياطين والعبيد من النساء والرجال.

كان فرعون هو الحاكم فوق الأرض وهو أيضا الحاكم بعد الموت، هو الذي يحدد من يذهب إلى الجنة ومن يذهب إلى النار.

اندثر الكثير من أوصاف الجنة والنار عند قدماء المصريين، إلا أن النعيم في الجنة لا يختلف كثيرا عما جاء في الكتب السماوية، الفاكهة اللذيذة والأرائك المريحة والأنهار تجري بالمياه العذبة والعسل الشهي واللبن الطازج، والخمر تجري كالأنهر داخل كئوس من الفضة والذهب، بعد شرب الخمر تأتي نشوة الجنس، هناك ترابط بين لذة فقدان العقل واللذة الجنسية.

عثرت بين أحاديث الرسول على حديث يصف الحياة في الجنة على نحو تفصيلي، أدهشتني التفاصيل الخاصة باللذة الجنسية، وهي لذة قاصرة على الرجال، يشتمل الحديث على هذه الفقرة، تصف علاقة الرجل في الجنة بالحوريات العذراوات ولكل رجل اثنتان وسبعون حورية.

يدخل على الأولى في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس وإستبرق، وإنه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يده من صدرها، ومن وراء ثيابها وجلدها ولحمها وإنه لينظر إلى مخ ساقه كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبده لها مرآة يعني وكبدها له مرآة، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره ولا يشتكي إلا أنه لا مني ولا منية، فبينما هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا أنك لا تمل إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت: والله ما في الجنة شيء أحسن منك وما في الجنة شيء أحب إلي منك. •••

أتقلب في الفراش مؤرقة، في الحلم أرى أمي تمشي في الجنة وحدها، ماتت في الخامسة والأربعين أما لتسعة من العيال، ليست حورية عذراء ولا تريد أن تنقلب بعد كل هذا العمر إلى فتاة صغيرة بلهاء تقف في الطابور الطويل ضمن اثنتين وسبعين عشيقة لرجل واحد، تنتظر دورها لتدخل حيث يفض بكارتها وهي تبكي بالألم، وما إن يتمزق غشاؤها حتى يخلق الله لها غشاء جديدا، لا يلبث أن يتمزق مع الألم ليعود سليما من جديد، وهكذا يستمر عذاب الحوريات في الجنة، لا يقل عذابهن عمن دخلوا النار، كلما احترقت جلودهم يخلق الله لهم جلودا جديدة لا تلبث أن تحترق ثم تعود سليمة من جديد، ويستمر العذاب الأبدي دون انقطاع.

سألت أبي ذات يوم: «أليس سيدنا محمد هو الذي قال: الجنة تحت أقدام الأمهات؟ لماذا إذن لم يرد حديث واحد له عن حقوق الأمهات في الجنة؟ لماذا لم ترد فقرة واحدة في القرآن أو التوراة أو الإنجيل عن حقوق النساء في الجنة؟»

موت أمي جعلني أفكر في حياتها داخل الجنة، عقلي لا يكف عن التفكير في هذا الموضوع، أعيد قراءة القرآن من الغلاف إلى الغلاف، لا شيء عن حقوق أمي في الجنة، كيف تكون الجنة تحت أقدام أمي؟ أتنقلب فتاة عذراء في ذلك الكابوس المرعب لإشباع شهوات الرجال؟! لا عمل لهم إلا شرب الخمر وممارسة الجنس مع أعداد غير محدودة من العذراوات البيضاوات البشرة؟!

Bog aan la aqoon