Awraqaygee … Noloshayda (Qeybta Koowaad)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Noocyada
خرجنا من بيتنا نحمل حقائبنا، نودع الأهل والوطن، شريف يحوطني بذراعيه داخل الطائرة: «أمامنا يا نوال رحلة بديعة، تجربة جديدة تضاف إلى تجاربنا السابقة.» تعانقنا في الجو بين السماء والأرض، والبوينج تشق السحب نحو الشمال.
الفصل الثاني
الانطلاق الأول
سماء ولاية نورث كارولينا تمتد فوق رأسي حتى الساحل الشرقي الجنوبي لأمريكا الشمالية، الليل كثيف الظلمة بلا قمر، النجوم ترتعش من بعيد توشك على الانطفاء، في طفولتي كنت أسأل أبي وأمي: مين خلق النجوم دي كلها؟ ربنا يا بنتي، وأعود أسأل: ومين خلق ربنا؟ يكف أبي وأمي عن الرد، يدب الصمت لحظة، يبتلع أبي لعابه، أرى تفاحة آدم تعلو وتهبط في عنقه، يخرج صوته متحشرجا: ما فيش حد خلق ربنا، هو خلق نفسه، لم يكن لعقلي الطفولي أن يتصور شيئا خلق نفسه.
أصبع أبي الكبير هو أصبع الله يشير إلى السماء، يعطي كل نجم اسمه، ده المريخ، وعطارد، وزحل، والزهرة، أتوقف عند الزهرة، النجمة الوحيدة الأنثى بين النجوم الذكور، إنها نجمتي، ولدت معي وتموت معي، كانت ستي الحاجة - جدتي لأبي - تقول لكل واحد من الناس نجم في السماء، يولد معه ويموت معه.
عيناي مشدودتان إلى «زهرة»، أهي النجمة نفسها التي كنت أراها في سماء قريتي في دلتا النيل، تبعد عني في الزمان والمكان أكثر من نصف قرن وعشرة آلاف ميل، حنين جارف إلى طفولتي وأيام صباي، في العاشرة من عمري عرفت الحب الأول، في العشرين من عمري عرفت الحب الثاني، مضت عشر سنوات بين الأول والثاني، ثم مضت ثلاثة عشر عاما حتى عرفت الحب الثالث، في كل قصة عشتها أسأل نفسي: لماذا هو بالذات من دون البشر؟ لم يكن للسؤال جواب، كأنما انعدام الأسباب هو شرط الحب.
لحظات في عمري أتوقف عندها، تبدو عصية على الفهم، يدركها القلب دون كلام أو لغة، الحب يسبق اللغة في التاريخ، الإدراك الجسدي يرتفع فوق العقل.
تفسد الكتابة لحظات الحب، القلم مثل المشرط يقتل اللحظة، يمزق الجسد، يفصل الرأس عن العنق، عن القلب، عن الصدر، عن البطن.
في مفكرتي السرية وأنا في العشرين من العمر كان سهلا أن أكتب كلمة الرأس أو القلب أو الصدر، كلمات بريئة تشير إلى أجزاء بريئة من الجسم، كلمة بطن لم ترد على لساني حتى بعد دخولي كلية الطب وتشريح بطون الجثث، كلمة «جنس» لم أنطقها حتى بعد زواجي الأول أرقد مع زوجي في سرير واحد، يصنع منا الزواج حيوانا بجسد واحد ورأسين، لم أنطق كلمة «جنس»، وإن نطقت كلمة «زوجي» باللغة العامية «جوزي» ترن في أذني نابية.
وفي كلية الطب لم ندرس شيئا عن الجنس، درسنا الجهاز التناسلي والبولي والحمل والولادة وأمراض النساء وسرطان الرحم وسرطان الخصية، لم نعرف شيئا عما كان يشغلنا معظم الوقت، كان علم الطب مفصولا عن حياتنا اليومية.
Bog aan la aqoon