Caawinul Ma'bood
عون المعبود شرح سنن أبي داود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1415 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Culuumta Xadiiska
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالُوا وَأَمَّا ذِكْرهَا فِي حَدِيث الْمِعْرَاج فَمِنْ الْعَجَب أَنْ يُحَال هَذَا الْحَدّ الْفَاصِل عَلَى تمثيل النبي نَبْق السِّدْرَة بِهَا وَمَا الرَّابِط بَيْن الْحُكْمَيْنِ وَأَيّ مُلَازَمَة بَيْنهمَا أَلِكَوْنِهَا مَعْلُومَة عِنْدهمْ مَعْرُوفَة لَهُمْ مَثَّلَ لَهُمْ بِهَا وَهَذَا مِنْ عَجِيب حَمْل الْمُطْلَق عَلَى الْمُقَيَّد
وَالتَّقْيِيد بِهَا فِي حَدِيث الْمِعْرَاج لِبَيَانِ الْوَاقِع فَكَيْف يُحْمَل إِطْلَاق حَدِيث الْقُلَّتَيْنِ عَلَيْهِ وَكَوْنهَا مَعْلُومَة لَهُمْ لَا يُوجِب أَنْ يَنْصَرِف الْإِطْلَاق إِلَيْهَا حَيْثُ أُطْلِقَتْ الْعِلَّة فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا وَيَعْرِفُونَ غَيْرهَا
وَالظَّاهِر أَنَّ الْإِطْلَاق فِي حَدِيث الْقُلَّتَيْنِ إِنَّمَا يَنْصَرِف إِلَى قِلَال الْبَلَد الَّتِي هِيَ أَعْرَف عِنْدهمْ وَهُمْ لَهَا أَعْظَم مُلَابَسَة مِنْ غَيْرهَا فَالْإِطْلَاق إِنَّمَا يَنْصَرِف إِلَيْهَا كَمَا يَنْصَرِف إِطْلَاق النَّقْد إِلَى نَقْد بَلَد دُون غَيْره هَذَا هُوَ الظاهر وإنما مثل النبي بِقِلَالِ هَجَرَ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِع فِي نَفْس الْأَمْر كَمَا مَثَّلَ بَعْض أَشْجَار الْجَنَّة بِشَجَرَةٍ بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَة دُون النَّخْل وَغَيْره مِنْ أَشْجَارهمْ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِع لَا لِكَوْنِ الْجَوْز أَعْرَف الْأَشْجَار عِنْدهمْ
وَهَكَذَا التَّمْثِيل بِقِلَالِ هَجَرَ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِع لَا لِكَوْنِهَا أَعْرَف الْقِلَال عِنْدهمْ
هَذَا بِحَمْدِ اللَّه وَاضِح
وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّهَا مُتَسَاوِيَة الْمِقْدَار فَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرهمَا تَحْدِيد وَالتَّحْدِيد إِنَّمَا يَقَع بِالْمَقَادِيرِ الْمُتَسَاوِيَة
وَهَذَا دَوْر بَاطِل وَهُوَ لَمْ يَنْقُلهُ عَنْ أَهْل اللُّغَة وَهُوَ الثِّقَة فِي نَقْله وَلَا أَخْبَرَ بِهِ عِيَان
ثُمَّ إِنَّ الْوَاقِع بِخِلَافِهِ فَإِنَّ الْقِلَال فِيهَا الْكِبَار وَالصِّغَار فِي الْعُرْف الْعَامّ أَوْ الْغَالِب وَلَا تَعْمَل بِقَالَبٍ وَاحِد
وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَر السَّلَف الْقُلَّة الْجَرَّة
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَحَد رُوَاة الْحَدِيث الْقِلَال الْخَوَابِي الْعِظَام
وَأَمَّا تَقْدِيرهَا بِقِرَبِ الْحِجَاز فَلَا نُنَازِعكُمْ فِيهِ وَلَكِنْ الْوَاقِع أَنَّهُ قَدَّرَ قُلَّة مِنْ الْقِلَال بِقِرْبَتَيْنِ مِنْ الْقِرَب فَرَآهَا تَسَعهُمَا فَهَلْ يَلْزَم مِنْ هَذَا أَنَّ كُلّ قُلَّة مِنْ قِلَال هَجَرَ تَأْخُذ قِرْبَتَيْنِ مِنْ قِرَب الْحِجَاز وَأَنَّ قِرَب الْحِجَاز كُلّهَا عَلَى قَدْر وَاحِد لَيْسَ فِيهَا صِغَار وَكِبَار وَمَنْ جَعَلَهَا مُتَسَاوِيَة فَإِنَّمَا مُسْتَنَده أَنْ قَالَ التَّحْدِيد لَا يَقَع بِالْمَجْهُولِ فَيَا سُبْحَان اللَّه إِنَّمَا يَتِمّ هَذَا أَنْ لَوْ كَانَ التَّحْدِيد مُسْتَنِدًا إِلَى صَاحِب الشَّرْع فَأَمَّا وَالتَّقْدِير بِقِلَالِ هَجَرَ وَقِرَب الْحِجَاز تَحْدِيد يَحْيَى بْنِ عقيل وبن جُرَيْجٍ فَكَانَ مَاذَا وَأَمَّا تَقْرِير كَوْن الْمَفْهُوم حُجَّة فَلَا تَنْفَعكُمْ مُسَاعَدَتنَا عَلَيْهِ إِذْ الْمُسَاعَدَة عَلَى مُقَدِّمَة مِنْ مُقَدِّمَات الدَّلِيل لَا تَسْتَلْزِم الْمُسَاعَدَة عَلَى الدَّلِيل
وَأَمَّا تَقْدِيمكُمْ لَهُ عَلَى الْعُمُوم فَمَمْنُوع وَهِيَ مَسْأَلَة نِزَاع بَيْن الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء وَفِيهَا قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ
وَمَنْشَأ النِّزَاع تَعَارُض خُصُوص الْمَفْهُوم وَعُمُوم الْمَنْطُوق فَالْخُصُوص يَقْتَضِي التَّقْدِيم وَالْمَنْطُوق يَقْتَضِي التَّرْجِيح فَإِنْ رَجَّحْتُمْ الْمَفْهُوم بِخُصُوصِهِ رَجَّحَ مُنَازِعُوكُمْ الْعُمُوم بِمَنْطُوقِهِ
ثُمَّ التَّرْجِيح مَعَهُمْ ها هنا لِلْعُمُومِ مِنْ وُجُوه أَحَدهَا أَنَّ حَدِيثه أَصَحّ
الثَّانِي أَنَّهُ مُوَافِق لِلْقِيَاسِ الصَّحِيح
1 / 79