Awn al-Hanan fi Sharh al-Amthal fi al-Quran
عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
بأقصى وأشد أنواع العقوبات، وهم بهذا يتساوون مع المشركين الماديين فى أن الله تعالى طالبهم بالإيمان بالقرآن، كذلك قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء: ٤٧].
وقال جل ذكره فى سورة التغابن بعد أن حكى عن المشركين أنهم ينكرون البعث:
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا [التغابن: ٨]، يعنى فالمليّون والماديون متساوون فى التكليف من الله تعالى بالإيمان بالقرآن، ولذلك أمر الله تعالى نبيه، ﵇، أن يوبخ الفريقين على ترك الإيمان به، فقال تعالى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ [آل عمران: ٢٠].
وقد جعل الله تعالى أهل الكتاب فى عداد من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، قال تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [التوبة: ٢٩].
قال سيدى عبد الرحمن الثعالبى الجزائرى فى تفسيره عند هذه الآية ما نصه: ونفى سبحانه عن أهل الكتاب الإيمان بالله واليوم الآخر، حيث تركوا شرع الإسلام، وأيضا فكانت اعتقاداتهم غير مستقيمة؛ لأنهم تشعبوا وقالوا: عزير ابن الله، والله ثالث ثلاثة، وغير ذلك، ولهم أيضا فى البعث آراء فاسدة، كشراء منازل الجنة من الرهبان، إلى
غير ذلك من الهذيان، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ [التوبة: ٢٩]، أى لا يطيعون ولا يمتثلون، ومنه قول عائشة، رضى الله عنها: «وما عقلت أبوى إلا وهما يدينان الدين»، والدين هنا الشريعة.
فصار المعنى: ولا يطيعون ولا يمتثلون شريعة الحق، وشريعة الحق هى ما جاء به النبى ﷺ؛ لأنها نسخت جميع الأديان وجميع الشرائع السابقة، بدليل قوله تعالى بعد ذلك فى هذه السورة أيضا: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة: ٣٣].
فتبين بهذا أن أهل الكتاب ليسوا كالمسلمين سواء بسواء كما ادعى الكاتب، وإنما هم
1 / 133