Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Noocyada
5
د. عادل مصطفى
قطوف من كتاب «الأورجانون الجديد»
من التصدير: «... إن منهجي - على الرغم من صعوبته في التطبيق - سهل في الشرح، منهجي هو أن نرسي درجات متزايدة من اليقين ... أن نستمر في الأخذ بشهادة الحواس، ونساعدها ونحصنها بنوع من التصويب، ولكن نرفض - بصفة عامة - العملية العقلية التي تتلو الإحساس، بل نفتح مسارا جديدا للعقل أكثر وثوقا يبدأ مباشرة من الإدراكات الحقيقية الأولى للحواس نفسها. كانت هذه - بدون شك - وجهة أولئك الذين أولوا المنطق دورا كبيرا، فمن الواضح أنهم كانوا يبحثون عن نوع من الدعم للعقل، ولا يأمنون لعملياته الطبيعية التلقائية. غير أن هذا العلاج يأتي متأخرا جدا بعد أن استفحل الداء وضاع كل شيء، وأصبح العقل من خلال عادات الحياة اليومية ومداولاتها محشوا بمذاهب فاسدة وأوهام فارغة. هنالك يسهم فن المنطق الذي وصل للإنقاذ متأخرا وسقط في يده، يسهم في تثبيت الأخطاء لا في كشف الحقيقة،
1
ولا يبقى ثمة إلا أمل واحد للخلاص، وهو أن نبدأ العمل العقلي كله من جديد، ولا نترك العقل لحاله وطبيعته منذ البداية، بل نرشده في كل خطوة، وننفذ العمل كما لو كان يتم بمساعدة آليات ميكانيكية ...»
من الكتاب الأول (1) الإنسان هو الموكل بالطبيعة والمفسر لها، وهو بهذه الصفة لا يملك أن يفعل أو يفهم إلا بالقدر الذي تتيحه له ملاحظته التي قام بها لنظام الطبيعة، سواء كان ذلك في الواقع أو في الفكر، وليس بوسعه أن يعرف أو يعمل أكثر من ذلك. (2) ليس لليد وحدها ولا للعقل وحده أية قدرة تذكر، إنما يجري العمل بالأدوات والعدد، تلك التي يحتاجها الفكر بقدر ما تحتاجها اليد، ومثلما تقوم أدوات اليد بحفز حركتها وترشيدها، كذلك تقوم أدوات العقل بحفز الفهم أو وقايته. (3) المعرفة البشرية والقدرة البشرية صنوان؛ لأن الجهل بالعلة يمنع المعلول؛ ذلك أن الطبيعة لا يمكن قهرها إلا بإطاعتها، وما يعد علة في مجال الفكر النظري يعد قاعدة في مجال التطبيق. (6) إنه لمن الخطل والتناقض الذاتي أن نتوقع أن الأشياء التي لم تنجز حتى الآن على الإطلاق يمكن أن تنجز ما لم يكن ذلك بوسائل لم تجرب حتى الآن قط. (7) تبدو نواتج العقل واليد وفيرة جدا إذا قدرت بعدد الكتب والسلع، غير أن كل هذا النتاج المتنوع لا يعدو أن يكون تنقيحا مفرطا واستنباطات من عدد قليل مما تمت معرفته، ولا يعبر عن عدد المبادئ
2 (المكتشفة). (8) وحتى النواتج التي اكتشفت بالفعل إنما تم اكتشافها بطريق المصادفة والخبرة أكثر مما هو بطريق العلوم؛ ذلك أن علومنا الراهنة لا تعدو أن تكون تنظيمات لائقة لأشياء سبق اكتشافها، وليست طرائق للكشف أو موجهات لعمليات جديدة. (11) مثلما أن العلوم في وضعها الحالي لا تجدي نفعا في اكتشاف نتائج جديدة، كذلك المنطق الذي بحوزتنا لا جدوى منه في اكتشاف العلوم. (12) نسق المنطق الحالي يفيد في تثبيت وترسيخ الأخطاء (القائمة على الأفكار السائدة) أكثر مما يفيد في البحث عن الحقيقة؛ ومن ثم فإن ضرره أكبر من نفعه. (13) لا ينطبق القياس
syllogism
على مبادئ العلوم، ولا جدوى من تطبيقه في المبادئ الوسطى؛ إذ إنه لا يجاري الطبيعة في دقتها، وهو من ثم يفرض الموافقة على القضية دون أن يمسك بالأشياء. (14) يتكون القياس من قضايا، والقضايا من كلمات، والكلمات هي مقابلات رمزية لأفكار، وعليه فإذا كانت الأفكار نفسها (وهذا هو جذر المسألة) مختلطة ومنتزعة برعونة من الوقائع، فلن يكون هناك ثبات فيما يبنى فوقها، لذا فلا أمل لنا إلا في الاستقراء
Bog aan la aqoon