Awail Kharif
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Noocyada
قال جان، وهو مستغرق في التفكير فجأة، كحال الرجال دوما، في هذه المسألة المحددة الخاصة بالأسلاف: «هذا غريب. لا بد أن بعض أفراد عائلة ميلفورد هؤلاء أجداد مباشرون لي، وليس لدي أدنى فكرة أيهم كذلك.»
قالت: «عندما ننزل من التل، سأصطحبك إلى المصلى الكنسي وأريك اللوحة التذكارية التي تسجل رحيل القسيس جوشيا ميلفورد المبجل وأبرشيته.»
أجابته دون حتى أن تفكر فيما تقوله، وقد أصابتها خيبة الأمل فجأة من أن الاكتشاف قطع عليهما قطعا حالة المثالية التي جمعتهما قبل قليل. •••
وجدا بقعة عشبية تحميها من شمس أغسطس أوراق شجرة كرز برية غير مكتملة النمو، تشابكت جميع أوراقها بفعل نسائم البحر، وهناك جلست سيبيل لتفتح السلة وتخرج الغداء؛ الدجاج والشطائر المقرمشة والفاكهة. بدا الأمر كله مغامرة، كما لو أنهما كانا بمفردهما على جزيرة صحراوية، وهذا التظاهر البسيط جعلها تشعر بنوع جديد من المتعة، متعة فطرية وجدتها في خدمته بينما وقف ينظر إليها بابتسامة إعجاب صريحة.
وعندما انتهت، استلقى بكامل جسده على العشب إلى جوارها، ليأكل بشهية رجل قوي يتمتع بصحة جيدة ميال إلى ممارسة التمارين البدنية العنيفة. تناولا الطعام في صمت تقريبا، ولم يتبادلا سوى عبارات قليلة، وهما يتطلعان إلى الأهوار والبحر. ومن وقت إلى آخر، كانت تدرك أنه يراقبها ببريق غريب في عينيه الزرقاوين، وعندما انتهيا من تناول الطعام، جلس القرفصاء مثلما يجلس خياط، ليدخن؛ وبعد هنيهة، قال دون أن ينظر إليها: «منذ قليل، عندما صعدنا لأول مرة على التل ، سمحت لي أن أمسك يدك، ولم تمانعي.»
ردت سيبيل بسرعة: «أجل.» وبدأت ترتجف قليلا، في خوف ولكن بسعادة جامحة. «هل كان هذا لأن ... لأن ...» وتلعثم للحظة بحثا عن الكلمات، وأخيرا وجدها، فتابع حديثه سريعا: «لأنك تشعرين بما أشعر به؟»
أجابته همسا. وقالت: «لا أعرف»، وشعرت فجأة برغبة عارمة في البكاء.
قال بسرعة: «أقصد أنني أشعر بأن كلا منا خلق من أجل الآخر ... بشكل مثالي.» «أجل ... يا جان.»
لم يمهلها حتى تنهي كلامها. واندفع، وقد سيطرت عليه موجة عاطفية صبيانية غامرة، قائلا: «تمنيت لو لم يكن الحديث ضروريا. فالكلمات تفسد كل شيء ... إنها ليست جيدة بما يكفي ... كلا، يجب أن تتقبليني، يا سيبيل. أحيانا، أكون بغيضا وضيق الصدر وأنانيا ... ولكن يجب أن تتقبليني. سأبذل قصارى جهدي لإصلاح نفسي. سأجعلك سعيدة ... سأفعل أي شيء من أجلك. ويمكننا أن نسافر إلى أي مكان في العالم ... دوما معا، ولن نفترق أبدا ... كما نحن هنا الآن، على قمة هذا التل.»
ودون أن ينتظر منها إجابة، قبلها بسرعة، برقة حانية جعلتها تبكي مرة أخرى. وأخذت تقول مرارا وتكرارا: «أنا سعيدة جدا، يا جان ... سعيدة جدا.» ثم قالت في خجل: «يجب أن أعترف لك بشيء ... كنت أخشى ألا تعود أبدا، ورغبت فيك دوما ... منذ اللحظة الأولى. أقصد أنني كنت أرغب في أن تكون لي من البداية ... منذ ذلك اليوم الأول في باريس.»
Bog aan la aqoon