136

Awail Kharif

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Noocyada

أجابته قائلة: «كلا ... أحرقتها ... الليلة الماضية ... لأنني كنت خائفة منها. خشيت أن أفعل شيئا مخجلا بها. وإذا أحرقت، فلن يصدق أحد هذه القصة المنافية للعقل ولن يوجد أي دليل.» ثم أضافت بهدوء قائلة: «وخشيت أيضا مما كان فيها ... ليس مما كان مكتوبا فيها، وإنما من الطريقة التي كتب بها.»

أمسك يدها في تصرف بالغ الغرابة والإحراج، وقبلها برفق. وأردف قائلا: «كنت محقة يا عزيزتي أوليفيا. هذا كل ما لديهم ... أعنى الآخرين ... الذين يؤمنون بالماضي. لا نجرؤ على أن ننتزعه منهم. الأقوياء لا يجرءون على قمع الضعفاء. سيكون هذا قاسيا للغاية. سيكون من شأنه أن يدمر الشيء الوحيد الذي كرس له آنسون حياته كلها. في الواقع يا أوليفيا، يوجد أناس ... أناس مثلك ... ممن يجب أن يكونوا أقوياء جدا من أجل أن يعتنوا بالآخرين. إنها مهمة صعبة ... وأحيانا تكون قاسية. ولولا هؤلاء الأشخاص لتصدع العالم ولرأيناه مكانا قاسيا لا يحتمل، كما هي حقيقته. ولهذا السبب عهدت إليك بكل شيء. هذا ما كنت أحاول أن أخبرك به في تلك الليلة. في الواقع يا أوليفيا، أنا أعرفك ... أعرف أن ثمة أشياء يعجز أمثالنا عن فعلها ... ربما لأننا ضعفاء أو حمقى - من يدري؟ ولكن هذا حقيقي. عرفت أنك من نوعية الأشخاص الذين سيقدمون على شيء كهذا.»

وبينما كانت تستمع إليه، شعرت مرة أخرى بأن عزيمتها تسلب منها. كان شعورا غريبا، كما لو أنه سيطر عليها، تاركا إياها عاجزة عن التصرف، ليحبسها مرة أخرى وراء ذلك الجدار الرهيب من الصواب الذي كان يؤمن به. كان الطابع المألوف لقوته يخيفها، لأنها بدت قوة لا تقاوم. كانت قوة رجل يتعدى أمره أنه على صواب؛ كانت قوة رجل يؤمن بما يفعله.

كانت لديها رغبة جامحة في أن تتحول عنه وتركض بسرعة وبتهور عبر المروج الرطبة نحو مايكل، تاركة وراءها المنزل القديم الجميل الهادئ تحت أشجار الدردار.

كان يقول لها: «ثمة أشياء يستحيل فعلها ... على أناس مثلنا، يا أوليفيا. هي مستحيلة لأن مجرد فعلها سيدمرنا إلى الأبد. هي ليست أشياء يمكننا القيام بها بأريحية.»

وأدركت مرة أخرى ما كان يعنيه، مثلما أدركت على نحو غامض حين وقفت بمفردها في الظلام أمام جسدي هيجينز والآنسة إيجان اللذين ظهرا وسط ضباب الأهوار. «حري بك أن تذهبي الآن وتهاتفي آنسون. أظنه سينزعج بشدة، ولكني سأضع حدا لذلك ... وكاسي، أيضا. لقد خططت لكل شيء بخصوص فتى عائلة مانرينج.»

2

تعذر الاتصال بآنسون في المكتب طوال الصباح؛ لأنه كان قد ذهب، على حد قول سكرتيره، لحضور اجتماع «جمعية حماة الشابات العاملات المشردات» وترك رسالة واضحة مفادها أنه لا يريد مقاطعته. ولكن العمة كاسي سمعت بالخبر حين وصلت في زيارتها الصباحية إلى منزل عائلة بينتلاند. أخبرتها به أوليفيا بلطف بقدر الإمكان، ولكن ما إن استوعبت العجوز ما حدث، حتى انهارت تماما. ظهر الهياج في عينيها، وصار شعرها أشعث تماما. اعتبرت متيقنة أن سيبيل تعرضت للإغواء وصارت الآن امرأة ضائعة ميئوسا منها تماما. وظلت تردد وسط عبارات التعاطف الشديد مع أوليفيا في مصابها الأليم، أن هذا الأمر لم يسبق أن حدث مطلقا في عائلة بينتلاند؛ إلى أن ذكرتها أوليفيا، التي غشيتها حالة الهدوء المخيف المعهودة بها، بهروب جاريد بينتلاند وسافينا دالجيدو، وطلبت منها باقتضاب أن تكف عن التفوه بترهات.

عندئذ أظهرت العمة كاسي من نبرة صوتها أن مشاعرها قد جرحت جرحا عميقا، وتعين إرسال بيرترز لإحضار كربونات النشادر في نفس اللحظة التي وصلت فيها سابين، بابتسامة عريضة ومنتصرة على وجهها. كانت سابين هي من ساعد في وضع كربونات النشادر بطريقة كئيبة وكأنها تضع جمرا. وعندما هدأت السيدة العجوز قليلا عادت تردد مرارا وتكرارا: «سيبيل المسكينة ... طفلتي البريئة المسكينة سيبيل ... ما كان ينبغي أن يحدث لها هذا!»

وعلى هذا القول جاء أخيرا رد أوليفيا: «جان شاب رائع. وأنا متأكدة من أنها قد أحسنت صنعا.» ثم، لكي تخفف قليلا من وطأة معاناة العمة كاسي، أردفت: «وهو غني جدا، يا عمة كاسي ... أغنى بكثير من أي زوج كان يمكن أن تعثر عليه هنا.»

Bog aan la aqoon