131

Awail Kharif

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Noocyada

وللحظة، انتابها شعور رهيب ومشوش، ومنتش، بالقوة، شعور بأنها تملك وسيلة تدميره، هو وهذا الصرح الزائف من الافتخار والاحترام. لم يكن يتعين عليها سوى أن تقول: «كان هناك سافينا بينتلاند وعشيقها ...» مرت اللحظة سريعا وأدركت على الفور أنه تصرف لا يمكنها فعله. وبدلا من ذلك، تمتمت قائلة: «أه، آنسون، هل تظن حقا أن العالم يتطلع إلينا أصلا؟ هل تظن أنهم يهتمون حقا بما نفعله أو ما لا نفعله؟ لا يمكن أن تكون أعمى هكذا.» «لست أعمى ... ولكن كل ما في الأمر أنه توجد أمور مثل الشرف والعادات والتقاليد. نحن نمثل شيئا ما.»

قاطعته: «وما هو؟» «اللياقة، الماضي المجيد، الاستقرار ... أشياء لا تحصى ... كل الأشياء التي تمثل أهمية في مجتمع متحضر.»

كان يؤمن فعلا بما يقوله؛ عرفت أنه لا بد وأنه كان يؤمن به ليؤلف آلاف الكلمات المملة والمجهدة تمجيدا في الماضي.

واصل حديثه. «كلا، ما تطلبينه مستحيل. أنت تعرفين ذلك قبل أن تطلبيه ... وسيكون لطفا منك تجاهي ألا تذكريه ثانية مطلقا.»

كان لا يزال شاحبا، ولكنه كان قد تمالك نفسه مرة أخرى ولم تعد يداه ترتجفان؛ وأثناء حديثه، إذ تصاعد شعوره بالفضيلة، ازداد فصاحة، واكتسى صوته بتلك المسحة المقدسة التي كان يصطبغ بها دوما صوت «أسقف الطبقة الأرستقراطية» وجعلته يبدو كرجل دين شهير وعصري. وربما لأول مرة منذ طفولته، منذ الأيام الخوالي التي كانت الفتاة الصغيرة الصهباء سابين تسخر فيها من خصلات شعره المجعد وبدلاته المخملية، شعر بأنه شخص قوي ذو نفوذ. كان يوجد نوع من النشوة العارمة في معرفة قدر سلطته على أوليفيا. وفي خضم حماسه العفيف، بدا للحظة أنه صار شخصا إيجابيا، بل ومثيرا للإعجاب.

وأخيرا قالت بهدوء: «وماذا لو هربت ببساطة ... دون أن أكلف نفسي عناء الطلاق؟»

حطم التعليق كل ما لديه من ثقة بنفسه مرة أخرى؛ وأدركت أنها قد ضربته في أضعف نقطة في نقاط دفاعه كلها، وهي الخوف من الفضيحة.

صاح قائلا: «لن تفعلي ذلك! لا يمكنك - لا يمكنك التصرف كعاهرة رخيصة.» «إن حب رجل لا يجعلني عاهرة رخيصة ... لم أحب أي رجل غيره قط.» «لا يمكنك أن تجلبي العار لسيبيل، حتى وإن كنت لا تكترثين ببقيتنا.» (قالت في نفسها: «إذن، هو يعرف أنني لا أستطيع فعل شيء كهذا، وأنني لا أتحلى بالشجاعة. يعرف أنني عشت فترة طويلة جدا في هذا العالم.») وجهرا قالت: «أنت لا تعرفني يا آنسون ... طيلة كل هذه السنوات لم تعرفني مطلقا.»

أضاف بسرعة قائلا: «إلى جانب أنه لن يفعل شيئا كهذا. فمن المستبعد أن يلقي شخص وصولي كهذا بحياته المهنية كلها وراء ظهره بالهرب مع امرأة. ستكتشفين هذا بنفسك إن سألته.» «بل هو على استعداد لذلك. لقد أخبرني بذلك بالفعل. ربما لا تستطيع أن تستوعب أمرا كهذا.» وعندما لم يرد عليها، أردفت تقول بنبرة ساخرة: «علاوة على ذلك، لا أظن أن الرجل المهذب سيتكلم كما تتكلم أنت الآن. كلا يا آنسون ... لا أظن أنك تعرف ماهية العالم الخارجي. لقد عشت هنا دوما، منعزلا في زاويتك الخاصة الصغيرة.» وهي تنهض، تنهدت وتمتمت قائلة: «لكن لا جدوى من الكلام. سأخلد إلى النوم ... أظن أنه يجب علينا أن نجاهد بأقصى ما نستطيع ... ولكن ثمة أوقات ... أوقات كهذه الليلة يصعب علي فيها احتمال الأمر. يوما ما ... من يدري ... لن يعود ثمة وجود لشيء يبقيني ...»

خرجت دون أن تعبأ بإنهاء ما كانت تعتزم قوله، وقد شردت مجددا في شعور مربك بعدم جدوى كل شيء. خيل إليها أنه كان ينتابها نفس شعور شخص أبله واقف وسط حقل فارغ يلوح بذراعيه في الهواء دون طائل.

Bog aan la aqoon