Awail Kharif
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Noocyada
تطلع إليها وقال بجدية: «أردت أن أتحدث إليك يا أوليفيا. لم تكوني منشغلة، أليس كذلك؟ لم أزعجك، أليس كذلك؟»
أجابت: «بلى. لست منشغلة بشيء مهم ... جان وتيريز هنا مع سيبيل. ... هذا كل ما في الأمر.»
كرر قائلا: «سيبيل. سيبيل ... إنها في غاية السعادة هذه الأيام، أليس كذلك؟» أومأت أوليفيا برأسها بل وابتسمت قليلا بطريقة ودودة ومتفهمة، فأضاف قائلا: «حسنا، يجب ألا نفسد عليها سعادتها. يجب ألا نسمح لأي شيء بأن ينال منها.»
لمعت عينا أوليفيا. وكررت قوله: «أجل؛ يجب ألا نفعل.» ثم أردفت قائلة: «إنها فتاة ذكية ... وهي تعرف ما الذي تريده من الحياة، وهنا يكمن السر كله. فمعظم الناس لا يعرفون أبدا حتى فوات الأوان.»
أعقب هذا الحديث صمت، بليغ للغاية، زاخر بالكثير من الأشياء غير المعلنة، وجعل أوليفيا تشعر بعدم الارتياح. «أردت أن أتحدث معك بخصوص ...» تردد للحظة، ولاحظت أنه أسفل حافة المكتب كانت يداه مقبوضتين بشدة بالغة لدرجة أن البراجم النحيلة برزت من تحت الجلد الأسمر. تشجع وواصل حديثه قائلا: «أريد أن أتحدث معك عن أشياء كثيرة جدا.» ثم أضاف فجأة: «أولا وقبل كل شيء، ها هي وصيتي.»
فتح درج المكتب وأخرج حزمة أوراق، وفصلها بحرص إلى رزم صغيرة قبل أن يتحدث مجددا. بدا الإنهاك في كل حركاته. ثم قال: «لقد أجريت بعض التعديلات. تعديلات يجب أن تعرفي بشأنها ... وثمة أمر أو أمران آخران.» نظر إليها بعينين قابعتين أسفل حاجبين أشعثين محتدين قائلا: «كما تلاحظين، ليس أمامي وقت طويل لأعيشه. وليس لدي سبب يجعلني أتوقع أنني سأعيش إلى الأبد وأريد أن أترك الأمور مرتبة ترتيبا مثاليا، كما كانت دوما.»
رأت أوليفيا، التي جلست ملتزمة الصمت، أن الحوار صار فجأة موجعا. مع كل كلمة شعرت بأن سورا يرتفع حولها، ويعزلها، بينما واصل الرجل المسن حديثه بهدوء موجع، وبطريقة متسمة باليقين بأن مشيئته ستطاع في موته كما كانت دوما في حياته. «بداية، ستكونون جميعا أثرياء جدا ... أثرياء جدا ... بثروة تتعدى ستة ملايين دولار . وهي أموال خالصة، يا أوليفيا ... أموال لم تجن بالمقامرة، وإنما وفرت وضوعفت بالعيش بحرص. فعلى مدار خمسة وسبعين عاما، صار تقليدا في العائلة أن تعيش على عائد دخلها. استطعنا أن نفعل ذلك بشكل أو آخر، وفي النهاية صرنا أثرياء ... أثرياء جدا.»
أثناء حديثه، ظل يلمس الأوراق بأصابعه في عصبية موزعا إياها في رزم صغيرة منظمة، ثم مرتبا إياها ومعيدا ترتيبها. «وكما تعرفين، يا أوليفيا، سيظل المال محفوظا بطريقة تمنع إنفاق رأس المال الأساسي مطلقا. وسيستطيع أحفاد سيبيل أن ينعموا بجزء منه ... هذا إن بلغت بكم الحماقة أن تتركوه لهم على تلك الحال.»
تطلعت إليه أوليفيا فجأة. وأردفت قائلة: «ولكن لماذا أنا؟ ما علاقتي أنا بهذا؟» «هذا ما أنا بصدد توضيحه يا عزيزتي أوليفيا ... هذا لأنني سأترك الثروة بأكملها لك.»
وفجأة شعرت بشدة بأنها لا ترغب في أي من هذا. تملكتها رغبة سريعة وحماسية بالإمساك بجميع الرزم الورقية المرتبة وإحراقها كلها وتقطيعها إلى قصاصات صغيرة وإلقائها من النافذة.
Bog aan la aqoon