2
وإنما لي من الملك اسمه.»
ويتقدم إسكندر تلقاء كليتوس، ولا يجرؤ القواد أن يقفوه قسرا، ثم ينقض كالصاعقة فينزع حربة من أحد الجند فيغمدها في صدر كليتوس صديقه القديم!
3
يرتاع الحاضرون ويفيق إسكندر من نشوته وثورته وعنجهيته فيفتح عينيه فإذا كليتوس طريح يضطرب في دمه.
خرج إسكندر من البهو يعدو إلى فراشه، فارتمى عليه ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب، ويبكي بدموع عزت على الخطوب الشداد، وغلت في الحوادث السود، ويتمادى به البكاء، وكلما كفكف دمعه تمثل له صديقه طعينا، فيلعن نفسه نادما، ويهتف باسم كليتوس وأخته لانيس، ثم يقول: «ويلي! أنا الغادر الكنود؛ لقد جزيت كليتوس ولانيس شرا بما أحسنا إلي، لست بعد اليوم جديرا بالحياة.»
ويجتمع إليه صحبه يعزونه، ويسوغون ما عمل، فلا يزداد إلا حزنا واكتئابا، وندما وأسفا، ويجتمع الجند المقدونيون فيجمعون على أن كليتوس قتل بحقه، وأنه ينبغي ألا يدفن، فيغضب ويقول: كلا، إنه سيدفن بأمري.
ويأتي الكهنة فيقولون: إن الملك لم يقتل صديقه بيده، ولكنها نقمة من الإله «ديونسوس» أجراها الله على يد الملك انتقاما لنفسه بما حرم القربان في هذه المأدبة، ثم يأتي الفيلسوف «أنكشر خوس» فيقول: أيها الملك، إن الذي أنت فيه لعجز. إنك أيها الملك العظيم، والفاتح القاهر، لجدير بأن تحل وتحرم، وتحق وتبطل بإرادتك، لا أن تخضع للقوانين التي سنها الناس، ثم يأتي كلستنوس الفيلسوف فيجهد أن يهون على الإسكندر ما فعل. •••
فارق إسكندر مضجعه بقلب كليم إجابة لنصحائه، وإجابة لواجبه في هذه البلاد النائية، ولكني أحسب الجرح قد ذهب مع إسكندر إلى قبره!
إسكندر العظيم لم يعظم عليه مطلب، ولا بعدت على همته غاية، ولا ثبتت في طريقه دولة، ولا وهن قلبه في سلم ولا حرب، ولكن إسكندر الفاتح القاهر، والملك المسلط، لم يحمل وخزة واحدة من وخزات الضمير؛ فخر كالطفل يبكي ويتململ، وكاد يبخع نفسه فرارا من الندم!
Bog aan la aqoon