المقالة الثالثة والأربعون:
علماء السوء
ما لعلماء السوء جمعوا عزائم الشرع ودونوها، ثم رخصوا فيها لأمراء السوء وهونوها. ليتهم إذا لم يرعوا شروطها لم يعوها. وإذا لم يسمعوها كما هي لم يسمعوها، إنما حفظوا وعلّقوا وصفقوا وحلقوا. ليقمروا المال وييسروا، ويُفقروا الأيتام ويوسروا. إذا أنشبوا أظفارهم في نشب فمن يخلّص، وإن قالوا لا نفعل أو يزاد كذا فمن يُنقص، دراريع ختّالة، ملئها ذراريح قتالة. وأكمام واسعة، فيها أصلال لاسعة. وأقلام كأنها أزلام وفتوى، يعمل بها الجاهل فيتوى. فإن وازنت بين هؤلاء والشرط، وجدت الشرط أبعد من الشطط. حيث لم يطلبوا بالدين الدنيا، ولم يثيروا الفتنة بالفتيا.
المقالة الرابعة والأربعون:
اتقاء الكبائر
هب أنك اتقيت الكبائر التي نُصت، وتجنبت العظائم التي قُصت. ورضت نفسك مع الرائضين، على أن لا تخوض مع الخائضين. فما قولك في هنات توجد منك وأنت ذاهل، وفي هفوات تصدر عنك وأنت غافل. ولعلك ممزق الشلو مأكول، وإلى المؤاخذة باقترافها موكول. فمثلك مثل الريبال، في محاماته عن الأشبال. يصد عن التصدي لها البطل الحميس، بل يرد عن مرابضها الخميس. ثم يصبح أبو الشبل، والنمل إلى ابنه كالحبل. وهي بأوصاله مُطيفة، كأنما كسته قطيفة. فما أغنى عنه ذياده، حتى تمّ للنمل كياده.
1 / 19