(الأخيار) في القاموس جمع خير مخففا أو مشددا، على وزن سيد بمعنى كثير الخير، أو جمع خير مشددا بمعنى كثير الخير في الدين والصلاح، والمخفف في الجمال وأثر الحسن، وكأنه بهذا الاعتبار، قال الشارح: جمع خير بالتشديد فإن المناسب هو المدح بالدين والصلاح لا بالحسن والجمال، وليس جمع خير اسم تفضيل، وإن كان يلائم وصف الأصحاب به ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (¬1)؛ لأن خيرا لا يتغير في التأنيث والجمع والتثنية على ما في الصحاح، وقال في القاموس: إذا أردت التفضيل تقول فلان خير الناس وفلانة خير الناس.
(أما) لتفصيل مجمل سابق، مع التأكيد لمضمون الجزاء، وقد يستعمل لمجرد التأكيد، كذا في الرضى، فهي هنا للتأكيد، وتصحيح التفصيل هنا بتمحلات في التقدير خال عن التحصيل (بعد) أي بعد الحمد والصلاة، هذا هو المشهور في هذا المقام، ونظائره، والحق بعد البسملة والحمد والصلاة، والمقصود منه تذكير ابتداء تأليفه بهذه الأمور المتبركة ليكون مع التبرك والتيمن آن الشروع غير ذاهل عنها، فيزيد في التيمن والتبرك والفصل لأن ما سبق إنشاءات وما سيأتي إخبارات وتحقيق كلمة أما وبعد أغناك عنه قطع مسالك معرفتهما وإعراب علم آخر عنه، فلا يناسب قصد نحوهما هنا.
(فلما كان) لما: لوقوع أمر لوقوع غيره، بحيث يكون وقوع الثاني مع الأول معية المسبب مع السبب المقتضي؛ فيلزم من ذلك اتحاد زمانهما، وهل الزمان مدلوله، فيكون اسما كمتى؟ ذهب إليه ابن السراج وأبو علي، وابن جني (¬2)، وجماعة، ورده ابن خروف لصحة «لما أسلم دخل الجنة» وأجيب بأنه مبني على المبالغة، وكلام سيبويه محتمل حيث قال: لما: لوقوع أمر لوقوع غيره، وإنما يكون مثل (لو) فإنه يحتمل القصد إلى أنه مثل لو في المضي أو في عدم العمل، والقصد إلى أنه حرف، وهذا مسلك يصعب فيه القطع، وإن جزم الشارح بكونه # اسما وجعل كونه حرفا وهما، وبالجملة يليه ماض محقق أو مقدر لفظا ومعنى.
Bogga 142