[الخطبة]
الحمد لله على كل حال، كما يستوعب مزايا الإفضال، ويستجلب خواص الإقبال، ويتسبب بالافتتاح به ختم كل أمر ذي بال، والشكر لمنشئ النعم المنزه عن المثال، على حسب ما يقتضيه شواهد النوال، والصلاة والسلام على من بيده مفتاح الجنان ومصباح الجنان (¬1)، وكشف طرق الحق بأوضح بيان، اللسن الذي بلسانه تلخيص خير الأديان، وببيانه إيضاح أفضل ملل الإنسان، محمد المبعوث من أشرف قبائل بني عدنان وعلى آله وأصحابه الذين كان الدنيا عندهم أخصر من كل مختصر، وكانوا ما كانوا فيها غرباء بل كالمحتضر، فوصلوا بالفصل عن لذاتها إلى عيشة أبدية أطيب، وفازوا بكمال الانقطاع عنها لكمال الاتصال (¬2) إلى حياة سرمدية أعذب، اللهم اجعل أوجز صلاة عليهم أطول من كل مطنب، واجعلهم في قلوب المؤمنين محبوبين لا يساوي حبهم حب كل أحب.
(وبعد) فيقول المفتقر إلى الله الغني، إبراهيم بن محمد بن عربشاه الإسفراييني، إن أفضل ما يتمسك به في تحصيل الكمال، وأمثل ما يتوسل به إلى نيل خير الآمال، وأعز ما يعتصم به للترقي إلى ذروة الجلال، قول على آل النبي خير آل: لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال، وكيف لا وهو قاطع ربقة التقليد، الذي ابتلى صاحبه بأضيق تقييد، وبعد عن الحق الصريح غاية التبعيد، ولولا التقليد لما حرم عن معرفة الحق واحد من الجاهلين، ولما سمع منهم ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، من شاء ربه أن يكون العالم المتقن، وفقه بفقه الحكمة ضالة المؤمن، وجعله ملتزما أن يأخذ ما صفا ويدع ما كدر، ولا يفرق في مقام الانتفاع بين البحر والجدول والنهر، وعرفه أن الخطأ من لوازم البشر، وأنه لا يكون بغير الوحي في مقعد محض الصدق ومستقر.
Bogga 133