حتى بلغ البلاغ المبين، وترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.
وشربت نفوس الصحابة -رضوان الله عليهم- ذلك العلم، فعملوا به وعلّموه لمن بعدهم. وظل هذا العلم والنور الإلهي ينقله من كل عصر عدوله، وبقي ظاهرًا جليًا سليمًا في جماعة من الناس محفوظًا بحفظ الله إلى أن يأتي أمر الله.
ورغم هذا البيان الواضح والحفظ للرسالة، سرت في الأمة الإسلامية سنة الله الجارية، وقضاؤه النافذ بوقوع الاختلاف بعد العلم والبينة، بسبب بغي الناس وتعديهم، وبفعل الطبائع الشريرة الحاقدة المعادية للخير.
فكان الخلاف في هذه الأمة أوسع منه فيمن قبلها، كما كان البيان فيها أوضح، وقد وردت الإشارة لذلك في قول النبي ﷺ: " ألا إن مَن قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة " ١.