المسمى بالإنسان، الذي جعل الله تعالى خليفة في الأرض ليعمرها ويستثمرها. ويعبرها إلى دار الكمال الحق والحياة الدائمة الأبدية.
هذه النفوس البشرية جاءت الشرائع السماوية كلها بإيجاب حفظها، فكان حفظها أصلًا قطعيًا وكلية عامة في الدين، وجاءت هذه الآيات في تقرير هذا الحفظ من وجوه ثلاثة سنتكلم عليها واحدًا واحدًا:
١ - حفط النسل:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾.
العرب في زمان البعثة هم المخاطبون قبل الناس بالقرآن، وهم المأمورون أول الناس- لعموم الرسالة- بالبلاغ، وعلى اهتدائهم كان يتوقف اهتداء غيرهم، فمن الحكمة توجه القصد إلى تطهيرهم من مفاسدهم، وقد كانوا في الجاهلية منهم من يقتل البنات خشية الفقر وليوفر ما ينفق عليهن لينفقه على نفسه وبيته وبنيه، ويرى النفقة عليهن ضائعة لأنه لا ينتظر منهن سعيًا للكسب ولا نصرة على العدو، وهذه هي المؤودة المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ على أنه قد كان من ساداتهم من يحي المؤودة فيشتريها من عند أبيها وينجيها من القتل. كزيد بن نفيل القرشي أبي سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين ﵃، وصعصعة ابن ناجية التميمي الصحابي جد الفرزدق الشاعر المشهور. وقد كان قتل البنات شائعًا فيهم مستفيضًا ومنهم- كما في "لسان العرب"- من كان يئد البنين عند المجاعة، فجاء النهي عن القتل في الآية متعلقًا بلفظ الولد شاملًا للبنات والبنين، ومعه السبب الذي كان يحملهم على القتل وهو