ولكني لم آت إليكم لأفعل بكم هذا، إن السجون لا تأتيكم بالخبز، ومن ذا الذي تضرونه بهذا الإهمال المروع: أنا أو أنتم؟ لقد قضيت جزءا من حياتي في الريف، وكان بعض أهلي من الفلاحين، ولكني لم أر في حياتي كلها شيئا مخجلا كهذه الإصطبلات وهذه الجرون، وهذا الفناء، إني أدرك ما يشعر به بعضكم، ولكن لم يحل العقاب بالخيل والأبقار؟ إني لأتوارى منكم خجلا، وأنا أعرف أنكم لا تزالون فلاحين وألجأ فيكم إلى كرامة الفلاحين.»
وصاح واحد منهم قائلا: «حسن، إن هذا الرفيق يتكلم كلاما له معنى.» - «إذن فلنبدأ عملنا، أعلن افتتاح الاجتماع أيها الرئيس، واختر عددا من الأشخاص يعرف كل واحد منهم ما يجب عليه أن يقوم به، وسندون نحن الأسماء والتواريخ وما يجب على كل واحد أن يعمله.»
وقضينا عدة ساعات نتكلم ونضع الخطط، وأبى كثير من الفلاحين أن يتحملوا أية تبعة، ولكن كل عضو من أعضاء اللجنة الإدارية وافق في نهاية الأمر على أن يقوم بعمل معين: كتنظيم الدراس، وتنظيف حظائر الحيوانات، وتسجيل الأدوات وما إلى ذلك، وانتهى الاجتماع بروح ودية.
وحدثني مضيفي وقت العشاء فقال إنه قابل بعض أعضاء اللجنة الإدارية عقب الاجتماع، وإنهم يقولون: «إنك بدأت بداية طيبة، وإنهم مسرورون منك، وبخاصة لأنك لا تسب ولا تملأ الدنيا صخبا ووعيدا.» - «قل لي يا أبي، هل أصبت حين طلبت إليهم أن ينظموا من فورهم ما في المزرعة الجماعية من أدوات؟» - «لقد أصبت كل الإصابة، إن الفلاحين أنفسهم يدركون أن الأمور لا تسير كما يجب أن تسير، وكل ما في الأمر أن صدورهم تنطوي على أشد الغيظ؛ لأنهم خسروا أرضهم وماشيتهم وآلاتهم، ولكن الأمور يجب مع هذا أن تنظم والحياة يجب أن تجري في مجراها.»
وانفردت بسريزها بعد العشاء فوجدته مكتئبا حزينا. - «كيف حالك يا رفيقي؟» - «لست كما أحب يا فكتور أندريفتش، إني أسير في عملي حسب خطط أرشينوف، ولكني لا أحصل على نتائج كثيرة طيبة، فقد استدعيت المقصرين في توريد الحبوب واحدا بعد واحد، ولكن قصتهم جميعا كانت قصة واحدة، فقد كان الواحد منهم يخلع قبعته ويجلس في أدب واحترام.
ثم أبدأ أقول له: «إنك لم تؤد ما عليك من الحبوب بعد.» - «ربما أكون قد أديته وربما أني لم أؤده.»
فأقول له: «لا يزال عليك للدولة عشر بودات.»
فيهز كتفه ويقول: «وأنى لي بهذا القدر كله ؟! ليس لدي منه شيء.» - «وكم تستطيع أن تورده منه اليوم؟» - «قد أستطيع أن أورد بودتين أو ثلاث بودات.»
1
وهكذا نظل في جدال مستمر فأقول أنا: إن الحكومة في حاجة إلى الحبوب، ويقول الفلاح: «نعم، إن الحكومة في حاجة إليها، ولكن ماذا يفعل أطفالي وزوجتي؟ أظنهم في غير حاجة إليها! وأنت نفسك تعرف أن المحصول قد خاب، ومن ذا الذي يطعمنا طول العام بعد أن اغتصبتم كل حبوبنا؟»
Bog aan la aqoon