وعمل أرشينوف برأينا وهو على مضض، ولكنه لم يتحدث إلينا بكلمة واحدة في أثناء سيرنا إلى مقر سوفيت القرية، وهو بيت خشبي كبير قبيح المنظر متهدم، وكان في داخله مصباح كيروسين يشع فيه نورا ضئيلا من تحت مدخنة من الورق، وكانت الحجرة ملأى بالدخان وأطراف لفافات التبغ منتشرة فيها، وجلس على أرضها نحو عشرين من الفلاحين صامتين وعلى وجوههم غبرة.
وسألهم أرشينوف بصوت عال يريد أن يظهر به سلطانه: «أين رئيس السوفيت؟»
وأشار الفلاحون بأيديهم وقالوا: «هو هنا في مكتبه.» - «وماذا تفعلون أنتم هنا؟ أليس لديكم عمل خير من الجلوس على أعجازكم؟»
فأجابه أحد الفلاحين: «إن لدينا أعمالا كثيرة، ولكنا دعينا إلى هذا المكان، وهم يطلبون إلي خبزا، ولكني أنا نفسي أسأل الخبز.»
وسخر منه أرشينوف وقال: «أرى أن سيكون لدي عمل كثير في هذا الجحر النتن.»
وسرنا من ورائه إلى مكتب السوفيت فأبصرنا فيه شابا متعبا رفيع الوجه ذا نظرات فاترة يجلس خلف منضدة ويتحدث إلى شيخ قروي.
وصاح أرشينوف قائلا: «نحن فرقة الحزب، وقد جئنا إلى هنا في عمل.»
وقام الرئيس واقفا وسلم علينا بيده وقال: «مرحبا بكم، كيف حالكم؟» ولكن وجهه كان ينم عن غير ما نطق به لسانه، فلم يكن الرجل مغتبطا بقدومنا، ثم واصل حديثه قائلا: «سأفض الاجتماع ونبدأ العمل من فورنا.»
وسأله أرشينوف قائلا: «وماذا يصنع هؤلاء الناس جميعا هنا؟» - «لقد دعوتهم إلى الحضور، إن أمر هؤلاء الناس ليس بالأمر الهين، وهم يصرون على أن ليس لديهم حبوب، وكان المحصول رديئا في هذه الجهات، والناس كلهم يتوجسون خيفة مما سيصادفهم في الشتاء المقبل، وليس من السهل علينا أن ننتزع الحبوب منهم أيها الرفاق، وهم يرفضون الانضمام إلى المزارع الجماعية، ومهما فعلنا بهم فإنهم لا ينضمون إليها.»
وقال أرشينوف وهو مقطب الوجه: «سننظر في هذا الأمر، وما دمت قد دعوتهم للحضور فخير لك أن تفرغ من عملك معهم، وسنبدأ عملنا نحن في صباح الغد.»
Bog aan la aqoon