بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
مُقَدّمَة الْمُؤلف
الْحَمد لله الَّذِي أخرج عباده عَن شفا حُفْرَة النَّار ببعثة خَاتم أنبيائه وَسيد أصفيائه الأخيار وَهدى بِهِ الْفرق الباغية، والطوائف الطاغية من الكُفّار والفُجّار، وَفضل أمته على الْأُمَم الْمَاضِيَة، فيالهم من عزّ وافتخار ووهب لَهُم علما غزيرا وفهما كَبِيرا فاقوا بِهِ على من مضى من الصغار والكبار، وَجعل مِنْهُم أصحابا ونقادا وأبدالا وأوتادًا اشتغلوا بتفسير كتاب رَبهم وتنقيد آثَار نَبِيّهم أناء اللَّيْل وأطراف النَّهَار، ووعد على لِسَان رَسُوله بِأَن يبْعَث فِي أمته على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا وينقيه من تخاليط الأشرار وَجعل نظم الشَّرِيعَة الْعلية منتظما محكمًا لَا يُبطلهُ جور جَائِر وَلَا كيد سَاحر، وَلَا يُفْسِدهُ كذب كَذَّاب غدار ومكار، أشهد أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن سيدنَا ومولانا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله سيد الْأَبْرَار وعَلى آله وَصَحبه الَّذين هَاجرُوا لنصرته ونصروه فِي هجرته وعَلى من حمل عَنْهُم عُلُوم الشَّرْع من التَّابِعين وَمن تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْم الْقَرار صَلَاة دائمة لَا تَنْقَطِع مَا دَار الدوار وَسَار السيار.
وَبعد فَيَقُول الراجي عَفْو ربه الْقوي أَبُو الْحَسَنَات مُحَمَّد الْمَدْعُو بِعَبْد الْحَيّ اللكنوي ابْن مَوْلَانَا الْحَاج الْحَافِظ مُحَمَّد عبد الْحَلِيم أدخلهُ الله دَار النَّعيم: إِنِّي قد كنت فِي سَابق الزَّمَان شرعت فِي تأليف رِسَالَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة نصْرَة للشريعة المطهرة المرفوعة قَاصِدا جمع مَا اتّفق المحدثون على وَضعهَا. وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ مَعَ ذكر مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا، وَلم يَتَيَسَّر لي
1 / 7
إِتْمَامهَا لاشتغالي بإكمال التصانيف الْأُخَر الفائقة على أقرانها وأمثالها إِلَى أَن جرت بيني وَبَين بعض أعزتي وأحبابي مكالمة لَطِيفَة ومباحثة شريفة فِي يَوْم عَاشُورَاء من السّنة الْحَاضِرَة، وَهِي السّنة الثَّالِثَة بعد ثَلَاثمِائَة وَألف من الْهِجْرَة، وَهِي أَنه قد سَأَلَني بعض النَّاس عَن صَلَاة يَوْم عَاشُورَاء وكميتها وكيفيتها، وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من ثَوَابهَا، فأجبت بِأَنَّهُ لم ترد فِي رِوَايَة مُعْتَبرَة صَلَاة مُعينَة كَمَا وكيفًا فِي هَذَا الْيَوْم وَغَيره من أَيَّام السّنة المتبركة، وكل مَا ذَكرُوهُ فِيهِ مَصْنُوع وموضوع لَا يحل الْعَمَل بِهِ مَعَ اعْتِقَاد ثُبُوته وَلَا الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ مَعَ اعْتِقَاد ترَتّب أجره الْمَخْصُوص عَلَيْهِ.
فعارضني بعض الأعزة قَائِلا: قد ذكر صلوَات يَوْم عَاشُورَاء وَلَيْلَته وَغَيرهمَا من أَيَّام السّنة ولياليها جمع المشائخ الصُّوفِيَّة فِي دفاترهم الْعلية وَذكروا فِيهَا أَخْبَارًا مروية، فَكيف لَا يعْمل بهَا وَيحكم بِكَوْنِهَا مُخْتَلفَة.
فَقلت: لَا عِبْرَة بذكرهم فَإِنَّهُم لَيْسُوا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَلا أَسْنَدُوا الْحَدِيثَ إِلَي أَحَدٍ مِنَ الْمُخَرِّجِينَ.
فَقَالَ لي: مَا تَقول تفكر فِيمَا فِيهِ تجول إِذا لم يعْتَبر بِنَقْل هَؤُلَاءِ الأكابر فَمن هُوَ يعْتَبر بنقله وَذكره.
فَقلت: لَا عجب، فَإِن الله تَعَالَى جعل لكل مقَام مقَالا وَخلق لكل فن رجَالًا، فكم من فَقِيه غائص فِي بحار الْعُلُوم القاسية عَاد عَن تنقيد الْأَدِلَّة الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُحدث نقاد عَاد عَن تَفْرِيع الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة وتأصيلها على الْقَوَاعِد الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُفَسّر خائض فِي الْقُرْآن لَا تَمْيِيز لَهُ فِي معرفَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والسقيمة، وَلَا امتياز لَهُ بَين الْمَشْهُورَة وَبَين المصنوعة، وَكم من صوفي سابح فِي بحار الْعُلُوم اللدنية عَاجز عَن دَرك مَا يتَعَلَّق بالعلوم الظَّاهِرِيَّة، وَكم من عَالم متبحر جَامع للعلوم الظَّاهِرَة لَا مذاق لَهُ فِي اللطائف الْبَاطِنَة، فَإِذن الْوَاجِب أَن ننزل النَّاس مَنَازِلهمْ ونوفيهم حظهم ونعرف مرتبتهم وقدرهم، فَلَا نعرج الْأَدْنَى إِلَى رُتْبَة الْأَعْلَى، وَلَا ننزل الْأَعْلَى إِلَى مرتبَة الْأَدْنَى وتعرف
1 / 8
مَا يتَعَلَّق بِكُل فن من أهل ذَلِك الْفَنّ لَا من مهرَة غير ذَلِك الْفَنّ، فَإِن صَاحب الْبَيْت أدرى بِمَا فِيهِ، والماهر فِي شَيْء أعلم من غَيره بِمَا يتَعَلَّق بِهِ، وَقد نَص المحدثون على أَن أَحَادِيث أَمْثَال هَذِه الصَّلَوَات مَوْضُوعَة وَإِن ذكرهَا جمع من الصُّوفِيَّة.
فَعَاد قَائِلا: إِن الْعجب كل الْعجب أَن أحدا من المشائخ الْعِظَام كَالْإِمَامِ الْغَزالِيّ مؤلف إحْيَاء الْعُلُوم وَغَيره من التصانيف النافعة، ومولانا عبد الْقَادِر الجيلاني قدس سره مؤلف غنية الطالبين، وفتوح الْغَيْب وَغَيرهَا من التآليف الرافعة، وَأبي طَالب الْمَكِّيّ مؤلف قوت الْقُلُوب وَغَيره من الدفاتر الموصلة إِلَى حسن الْمَطْلُوب وَغَيرهم مِمَّن تقدمهم أَو تأخرهم، وهم من الصُّوفِيَّة الْكِبَار معدودون فِي طَبَقَات الْأَوْلِيَاء حَملَة ألوية الْأَسْرَار يضع حَدِيثا على رَسُول الله مَعَ اشتهار أَن الْكَذِب على رَسُول الله لَا يحل لمُسلم فضلا عَن مثل هَذَا الْمُسلم.
1 / 9
فَقلت: حاشاهم ثمَّ حاشاهم عَن أَن يضعوا حَدِيثا وَمن ينْسب الْوَضع إِلَى أَمْثَال هَؤُلَاءِ الأكابر عد شقيا وخبيثا قَدِيما كَانَ أَو حَدِيثا.
فَقَالَ: فَإِذا لم ينْسب الْوَضع إِلَى هَؤُلَاءِ فَمن هُوَ واضعها؟ .
فَقلت: قوم من جهلة الزهاد أَو قوم من أَرْبَاب الزندقة والإلحاد فَإِن الروَاة الَّذين وَقعت فِي رواياتهم المقلوبات والموضوعات والمختلفات والمكذوبات على مَا بَسطه ابْن الْجَوْزِيّ والسيوطي وَابْن الصّلاح والعراقي وَابْن حجر الْعَسْقَلَانِي وَعلي الْمَكِّيّ الْقَارِي وَغَيرهم من الْمُحدثين الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين منقسمون على أَقسَام:
1 / 10
الْقسم الأول: قوم غلب عَلَيْهِم الزّهْد والتقشف فغفلوا عَن الْحِفْظ والتمييز أَو ضَاعَت كتبهمْ أَو احترقت ثمَّ حدثوا من حفظهم.
الثَّانِي: قوم لم يعاينوا علم النَّقْل فَكثر خطأؤهم وفحش غلطهم.
الثَّالِث: قوم ثِقَات اخْتلطت عُقُولهمْ فِي أَوَاخِر أعمارهم فَوَقع الْخَلْط والخبط فِي رواياتهم.
وَقد ألف الْحَافِظ إِبْرَاهِيم الْحلَبِي الشهير بسبط ابْن العجمي تلميذ الْعِرَاقِيّ رِسَالَة ذكر فِيهَا جمعا من الْمُخْتَلطين أَخذهَا من ميزَان الِاعْتِدَال وَغَيره سَمَّاهَا بالاغتباط بِمن رمى بالاختلاط.
وَله رِسَالَة أُخْرَى مُسَمَّاة بالتبيين لأسماء المدلسين وَأُخْرَى مُسَمَّاة بالكشف الْحَثِيثِ عَمَّنْ رَمَى بِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَكلهَا مَعَ اختصارها مفيدة.
الرَّابِع: قوم غلبت عَلَيْهِم الْغَفْلَة حَتَّى تلقنوا بالتلقين وَرووا من حَيْثُ لَا يعلمُونَ.
الْخَامِس: قوم رووا الْكَذِب من غير أَن يعلمُوا أَنه خطأ، فَلَمَّا عرفُوا الصَّوَاب وأيقنوا بِهِ أصروا على الْخَطَأ غيرَة وأنفة أَن ينسبوا إِلَى الْغَلَط.
السَّادِس: قوم رووا عَن كَذَّابين وضعفاء، وهم يعلمُونَ فدلسوا أسمائهم بِالْكَذِبِ من أُولَئِكَ وترويجه من هَؤُلَاءِ.
السَّابِع: قوم تعمدوا وَرووا الْكَذِب عمدا لَا لأَنهم أخطأوا أَو رووا عَن كَذَّابين فَمن هَؤُلَاءِ من يكذب فِي الْإِسْنَاد بِأَن يروي عَمَّن لم يسمع مِنْهُ أَو يَجْعَل إِسْنَاد حَدِيث لآخر، وَمِنْهُم من يسرق الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا غَيره وَمِنْهُم من يضع الْأَحَادِيث بِنَفسِهِ.
1 / 11
ثمَّ انقسم هَؤُلَاءِ الوضاعون بِحَسب اخْتِلَاف أغراضهم وظنونهم على أَقسَام.
الأول: قوم من الزَّنَادِقَة قصدُوا إِفْسَاد الشَّرِيعَة وإيقاع الْخَلْط والخبط فِي الْأمة كَمَا نقل عَن عبد الْكَرِيم ابْن أبي العوجاء حَيْثُ أَخذ وَأمر بِضَرْب عُنُقه. قَالَ: وَالله لقد وضعت فِيكُم أَرْبَعَة آلَاف حَدِيثا أحرم فِيهَا الْحَلَال وأحلل الْحَرَام. وَعَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان قَالَ سَمِعت الْمهْدي يَقُول: أقرّ عِنْدِي رجل من الزَّنَادِقَة أَنه وضع أَرْبَعمِائَة حَدِيث تجول فِي أَيدي النَّاس، وَقَالَ حَمَّاد بن زيد: وضعت الزَّنَادِقَة أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث، وَهَذِه الْفرْقَة شابهت الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَيْثُ حرفوا الْكتب الإلهية، وأسقطوا مِنْهَا مَا شاؤا وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِم فِيهَا مَا شاؤا، وَقَالُوا: هَذَا من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا من أتباعهم ومقلديهم. وَقد حكى الله سُبْحَانَهُ عَمَلهم هَذَا فِي الْقُرْآن فِي غير مَوضِع مَعَ تقبيح أَعْمَالهم والتشنيع على أفعالهم، وَلما من الله على هَذِه الْأمة بِأَن تكفل لحفظ كَلَامه بِنَفسِهِ حَيْثُ قَالَ: ﴿إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ . لم يقدر أحد من الْكفَّار والأشرار على تَغْيِير حرف أَو نقطة من كَلَامه فضلا عَن تَحْرِيف زَائِد عَلَيْهِ وَمن آثَار ذَلِك التكفل مَا وهب الله لهَذِهِ الْأمة من قُوَّة الْحِفْظ فحفظ كَلَامه بِتَمَامِهِ فِي كل عصر جمع لَا يُحْصى عَددهمْ حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان، فَمنع ذَلِك الْكَافرين والملحدين عَن تَحْرِيف كَلَامه بِزِيَادَة أَو نُقْصَان خوفًا من أَن تكذبهم حفاظ الصّبيان، وَمن ثمَّ ترى الْكفَّار وأعداء الدَّين الإسلامي يستكتبون الْقُرْآن ويكتبونه ويطبعونه وَلَا يُغير أحد مِنْهُم شَيْئا مِنْهُ مَعَ قدرتهم عَلَيْهِ وميل طبعهم إِلَيْهِ بل يهتمون فِي تَصْحِيحه أَزِيد من الاهتمام فِي الْكتب الْأُخَر العلمية خوفًا من أَن تتعقبهم أَطْفَال الْأمة المحمدية. وَلما كَانَ وُقُوع كل مَا ارتكبته الْأُمَم الْمَاضِيَة من الْأَفْعَال الردية بِنَفسِهِ أَو بنظيره فِي هَذِه الْأمة أمرا مُقَدرا كَمَا أخبر بِهِ النَّبِي بقوله «لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ»]]]]]]] الحَدِيث. تَوَجَّهت ملاحدة هَذِه الْأمة إِلَى أَمريْن
1 / 12
وَتَفَرَّقُوا شيعتين، فَمنهمْ من توجه إِلَى التحريف الْمَعْنَوِيّ فِي الْكَلَام الإلهي حِين عجزوا عَن التحريف اللَّفْظِيّ، ففسروا الْقُرْآن بآرائهم ونسبوا مَا ظنُّوا إِلَى رَبهم غافلين عَن قَوْله: «من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فقد كفر»]]]]]]] . وَقد حدثت من زَمَاننَا فِي أول الْعشْرَة الْآخِرَة من عشرات الْمِائَة الثَّالِثَة بعد الْألف من الْهِجْرَة فرقة مِنْهُم أفسدت فِي الدَّين الْإِسْلَام مَعَ إِظْهَار أَنَّهَا مؤيدة لدين الْإِسْلَام اشتهرت بالنيجرية أنكر رَأسهَا ورئيسها، وَتَبعهُ من تبعه وجود الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ والأرواح وَالْعرش والكرسي وَغَيرهَا من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع، وأنكروا الْجنَّة وَالنَّار وجزئيات النشر والحشر وَعَذَاب الْقَبْر وَقَالُوا إِنَّهَا أَوْهَام وخيالات وَألف رئيسهم تَفْسِيرا لِلْقُرْآنِ فاهتم فِي إبْقَاء مبانيه وَأدْخل آراؤه الْفَاسِدَة فِي مَعَانِيه ففسر جَمِيع الْآيَات الْوَارِدَة فِي تِلْكَ الْأُمُور بِمَا تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يخشونه رَبهم وتتنفر عَنهُ الصُّدُور، وَقَالُوا إِن الله لَا يعذب مُشْركًا وَلَو مَاتَ على الْكفْر، وَإِن من قَالَ بثالث ثَلَاثَة لَيْسَ بمشرك، وَإِن عِيسَى
1 / 13
ابْن مَرْيَم ابْن يُوسُف النجار لم يخلق بِغَيْر أَب وأباحوا شرب الْخمر وَالزِّنَا وَغير ذَلِك عِنْد الضَّرُورَة الشَّدِيدَة وَكَون النِّيَّة صَالِحَة. وأسقطوا الْعِبَادَات الشاقة بل السهلة أَيْضا وخالطوا النَّصَارَى أكلا وشربًا ومشيًا وقيامًا وقعودًا ولباسًا ومسكنًا، وحسنوا أطوارهم فِي حركاتهم ومسكناتهم وأباحوا التَّشَبُّه بهم فِي جَمِيع أطوارهم وَلَهُم غير هَذِه أَقْوَال خبيثة وأفعال ردية قد خالفوا دين الْإِسْلَام أصولًا وفروعًا وَمَعَ ذَلِك ظنُّوا أَن طريقهم هِيَ الَّتِي فطر الله الْخلق عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله وَأَنَّهَا هِيَ الْإِسْلَام حَقًا وَإِن الْمُسلمين كلهم أَوَّلهمْ وَآخرهمْ من عصر الصَّحَابَة إِلَى عصرهم قد أخطأوا فِي فهم مَعَاني الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَلم يصلوا إِلَى فهم أسرار الشَّرِيعَة النقية ولعمري إِفْسَاد هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَة وإفساد إخْوَانهمْ الأصاغر الْمَشْهُورين بِغَيْر المقلدين الَّذين سموا أنفسهم بِأَهْل الحَدِيث وشتان مَا بَينهم وَبَين أهل الحَدِيث قد شاع فِي جَمِيع بِلَاد الْهِنْد وَبَعض بِلَاد غير الْهِنْد فخربت بِهِ الْبِلَاد وَوَقع النزاع والعناد فَإلَى الله المشتكى وَإِلَيْهِ المتضرع والملتجأ. «بَدَأَ الدَّين غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا فطوبى للغرباء»]]]]]]] . وَلَقَد كَانَ حُدُوث مثل هَؤُلَاءِ المفسدين والملحدين فِي الْأَزْمِنَة السَّابِقَة فِي أزمنة السلطنة الإسلامية غير مرّة فقابلتهم أساطين الْملَّة وسلاطين الْأمة بالصوارم المنكية وأجروا عَلَيْهِم الجوازم المفنية فاندفعت فتنتهم بهلاكهم وَلما لم تبْق فِي بِلَاد الْهِنْد فِي أعصارنا سلطنة إسلامية ذَات شَوْكَة وَقُوَّة عَمت الْفِتَن وأوقعت عباد الله فِي المحن فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ رَاجِعُون. وَمِنْهُم من توجهّوا إِلَى الافتراء على النَّبِي الْمُصْطَفى الَّذِي مَا نطق بالهوى «إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى»]]]]]]] . وحرفوا فِي كَلِمَاته الشَّرِيفَة بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان ونسبوا إِلَيْهِ مَا اخترعته خواطرهم تشكيكًا وتخليطًا وإفسادًا فِي أهل الْإِيمَان. وَقد وفْق الله خدام حَدِيث نبيه وحملت ألوية شرعة بِإِبْطَال خبائثهم وَإِظْهَار مكائدهم فميزوا بَين الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَبَين الْأَخْبَار الاختراعية وألفوا تَأْلِيفَات اضمحلت بهَا خزعبلاتهم وفنت بهَا مزخرفاتهم فَللَّه دِرْهَم ودر من سلك مسلكهم.
1 / 14
الثَّانِي: قوم كَانُوا يقصدون وضع الْأَحَادِيث نصْرَة لمذاهبهم وَهَذَا مَنْقُول عَن قوم من السالمية. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن يزِيد المقرئي قَالَ: تَابَ رجل من أهل الْبدع عَن بدعته، فَجعل يَقُول إنظروا هَذَا الحَدِيث عَمَّن تأخذون، فَإنَّا كُنَّا إِذا ترائينا رَأيا جعلنَا لَهُ حَدِيثا. وَعَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: سَمِعت شَيخا من الْخَوَارِج تَابَ وَرجع، فَكَانَ يَقُول: إِن هَذِه الْأَحَادِيث دين فأنظروا عَمَّن تأخذون دينكُمْ. إِنَّا كُنَّا إِذا هوينا أمرا صيرناه حَدِيثا، وَعَن حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من الرافضة قَالَ: كُنَّا إِذا استحسنا شَيْئا جَعَلْنَاهُ حَدِيثا. وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم كَانَ مُحَمَّد ابْن الْقَاسِم من رُؤَسَاء المرجئة يضع الحَدِيث على مَذْهَبهم.
الثَّالِث: قوم كَانُوا يضعون الْأَحَادِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب ليحثوا النَّاس على الْخَيْر ويزدجروهم عَن الشَّرّ وَأكْثر الْأَحَادِيث صلوَات الْأَيَّام والليالي من وضع هَؤُلَاءِ. وَمن هَؤُلَاءِ من كَانَ يظنّ أَن هَذَا جَائِز فِي الشَّرْع لِأَنَّهُ كذب للنَّبِي لَا عَلَيْهِ، فَعَن أبي عمار الْمروزِي قيل لأبي عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْمروزِي: من أَيْن لَك عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة وَلَيْسَ عِنْد أَصْحَاب عِكْرِمَة شَيْء مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت النَّاس أَعرضُوا عَن الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِفقه أبي حنيفَة وَمَغَازِي ابْن إِسْحَاق فَوضعت هَذَا الحَدِيث حسبَة. وَقَالَ أَبُو عبد الله النهاوندي قلت لغلام خَلِيل: هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تحدث بهَا من الرقَاق فَقَالَ: وَضَعْنَاهَا لِتُرَقِّقَ بِهَا قُلُوبَ الْعَامَّةِ، وَعَن مُحَمَّد بن عِيسَى الطباع قَالَ: سَمِعت ابْن مهْدي يَقُول لِميسرَة بن عبد ربه: من أَيْن جِئْت بِهَذِهِ الْأَحَادِيث من قَرَأَ فَلهُ كَذَا. وَقَالَ: وَضَعتهَا أَرغب النَّاس فِيهَا. وَمن هَذَا الْقَبِيل أَحَادِيث النَّهْي عَن شرب دُخان التنباك فَإِنِّي رأيتُ فِي رِسَالَة لبَعض مانعيه أَخْبَار منسوبة إِلَى النَّبِي مِنْهَا «كل دُخان حرَام»]]]]]] وَمِنْهَا: «كل جَوف يدْخل الدُّخان فِيهِ من أوراق السمُوم يخرج من الْإِيمَان»]]]]]] . وَمِنْهَا: «سَيَأْتِي على النَّاس زمانٌ يَأْكُل أمتِي الدُّخان قلوبها سود ووجوهها نَاقص وشفتاها أَخْضَر فَإِنَّهُ ذَرِيعَة الشَّيْطَان من زمَان نوح وَسقي من بَوْله من أكله مرّة لَا يدْخل الْجنَّة»]]]]]] وَمِنْهَا: «دُخان كل شَيْء حرَام»]]]]]] . وَمِنْهَا «سَيَأْتِي على النَّاس زمَان يشربون النَّار من ورق
1 / 15
الشّجر يحصل فيهم سِتّ خِصَال قُلُوبهم سَوْدَاء ألسنتهم خضر وفمهم رسوق ورغبتهم نَاقص وبصرهم قَلِيل يُعَذبُونَ فِي الْقَبْر أبدا»]]]]]]] وَمِنْهَا «من شرب الدُّخان وَلَا يَتُوب عِنْد الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة»]]]]]]] وَمِنْهَا «تظهر شَجَرَة فِي بِلَاد الْهِنْد يشرب النَّاس دخانها يذهب الدَّين والعقول فِي الدُّنْيَا»]]]]]]] . وَمِنْهَا: من شرب الدُّخان القاحك وَلَو كَانَ مرّة دخل النَّار فِي بَطْنه وَنَفس قلبه بالنَّار. وَهَذِه الْأَخْبَار يشْهد من لَهُ أدنى ممارسة بالمحاورات الْعَرَبيَّة فضلا عَمَّن لَهُ مهارة بالأحاديث النَّبَوِيَّة بِأَنَّهَا مَوْضُوعَة مختلقة وَضعهَا. المشددون من مانعي شرب الدُّخان وتبوأوا مَقَاعِدهمْ من النيرَان وَقد فصلت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي ذكر أَقْوَال المانعين والمبيحين فِي رسالتي ترويح الْجنان بتشرير حكم شرب الدُّخان فلتطالع.
وَمن هَذَا الْقَبِيل أَحَادِيث الْقَضَاء الْعمريّ.
وَقد ذكرتها مَعَ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فِي رسالتي ردع الأخوان عَن محدثات آخر جُمُعَة رَمَضَان فلتطالع.
وَمن هَذَا الْقَبِيل أَكثر أَحَادِيث فَضَائِل صِيَام أَيَّام رَجَب وَأَيَّام الْمحرم وَغير ذَلِك على مَا بَسطه الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي تَبْيِين الْعجب فِي فضل رَجَب وَغَيره فِي غَيره.
الرَّابِع: قوم استجازوا وضع الْأَسَانِيد لكل كَلَام حسن زعما مِنْهُم أَن الْحسن كُله أَمر شَرْعِي لَا بَأْس بنسبته إِلَى رَسُول الله وَلم يفهموا أَن قَول الرَّسُول حسن صَادِق وَعكس الْكُلية لَا يصدق فَلَا يَصح كَون كل حسن قَول الرَّسُول فنسبته إِلَيْهِ كذب.
الْخَامِس: قوم حملهمْ على الْوَضع غَرَض من أغراض الدُّنْيَا، كالتقرب إِلَى السُّلْطَان وَغَيره كَمَا حُكيَ عَن غياث بن إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ حِين دخل على الْمهْدي أحد خلفاء بني الْعَبَّاس وَكَانَ يحب الْحمام فَقيل لَهُ: حدث أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: حَدثنَا عَن فلَان عَن فلَان إِلَى النَّبِي أَنه قَالَ: «لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح»]]]]]]] فَزَاد
1 / 16
كلمة أَو جنَاح من عِنْد نَفسه ليطيب قلب الْمهْدي، فتفطن لَهُ الْمهْدي وَقَالَ: أشهد أَنه كَذَّاب على رَسُول الله وَقَالَ: أَنا حَملته على ذَلِك، فَأمر بِذبح الْحمام ورفض مَا كَانَ فِيهِ.
السَّادِس: قوم حملهمْ على الْوَضع التعصب المذهبي والتجمد التقليدي كَمَا وضع مَأْمُون الْهَرَوِيّ حَدِيث «من رفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع فَلَا صَلَاة لَهُ»]]]]]]]، وَوضع حَدِيث: «من قَرَأَ خلف الإِمَام فَلَا صَلَاة لَهُ»]]]]]]]، وَوضع أَيْضا حَدِيثا فِي ذمّ الشَّافِعِي وحديثًا فِي منقبة أبي حنفية.
وَقد ذكرت قدرا من حَاله مَعَ ذكر بعض مصنوعاته فِي تَعْلِيق رسالتي إِمَام الْكَلَام، فِيمَا يتَعَلَّق بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام الْمُسَمّى بغيث الْغَمَام فليطالع.
السَّابِع: قوم حملهمْ على الْوَضع حبهم الَّذِي أعماهم وأصمهم كَمَا وضعُوا أَحَادِيث فِي مَنَاقِب أهل الْبَيْت ومثالب الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَمُعَاوِيَة وَغَيرهم وَوَضَعُوا أَحَادِيث فِي مَنَاقِب أبي حنفية.
وَمن هَذَا الْقَبِيل الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة فِي مَنَاقِب الْبلدَانِ وذمها، وَالْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة فِي فضل اللِّسَان الفارسية وذمها كَحَدِيث لِسَان أهل الْجنَّة الْعَرَبيَّة والفارسية الدرية، وسنبسط كَلَام فِي هَذِه الْأَخْبَار
1 / 17
فِي تحفة الثِّقَات فِي تفاضل اللُّغَات. وفقني الله لختمها كَمَا وفقني لبدئها.
الثَّامِن: قوم حملهمْ على الْوَضع قصد الإغراب والإعجاب وَهُوَ كثير فِي الْقصاص والوعاظ الَّذين لَا نصيب لَهُم من الْعلم وَلَا حَظّ لَهُم من الْفَهم.
وَهُنَاكَ أَقسَام أخر بِحَسب الْأَغْرَاض المتنوعة والمقاصد المتشتتة.
فَقَالَ: بَين لي كَيفَ يضع الزهاد الْأَحَادِيث مَعَ زهدهم وورعهم فَإِنِّي لفي عجب من ذَلِك.
فَقلت: لَا عجب فَإِن كثيرا من الزهاد كَانُوا جاهلين غير مميزين بَين مَا يحل لَهُم وَمَا يحرم عَلَيْهِم، فَكَانُوا يظنون أَن وضع الْأَحَادِيث ترغيبًا وترهيبًا لَا بَأْس بِهِ بل هُوَ وَاجِب لِلْأجرِ أَلا ترى إِلَى عباد زَمَاننَا مِمَّن لم يمارس الْعُلُوم وَلم يوفق لخدمة أَرْبَاب الْفَهم كَيفَ إنهمكوا فِي ارْتِكَاب البدعات ظنا مِنْهُم أَن ارتكابها من الْحَسَنَات، وَكثير مِنْهُم قد علمهمْ شيوخهم الصَّلَوَات بتراكيب مَخْصُوصَة لَا لِأَنَّهَا ثبتَتْ بالأخبار المروية، بل بِنَاء على أَن التطوعات لَا يضمر فِيهَا إختيار الكمية الْمعينَة والكيفية المشخصة، فعلموهم ليعملوا بهَا لَا يتكاسلوا عَنْهَا، فَظن المريدين أَنَّهَا كلهَا من الحضرة النَّبَوِيَّة فأسندوها إِلَى الحضرة الْعلية.
فَقَالَ: فَكيف قبل تِلْكَ الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة جمع من الْمَشَايِخ الجامعين بَين عُلُوم الْحَقِيقَة والشريعة وأدرجوها فِي تصانيفهم السلوكية.
فَقلت: لحسن ظنهم بِكُل مُسلم وتخليهم أَنه لَا يكذب على النَّبِي مُسلم.
فَعَاد قَائِلا: قد ذكر بعض الصُّوفِيَّة فِي دفاترهم أَسَانِيد لتِلْك الْأَحَادِيث فَكيف لَا يعْتَبر بهَا. فَقلت من ذكرهَا بِغَيْر إِسْنَاد لَا يعْتَمد عَلَيْهِ
1 / 18
بِنَاء على أَن بَينه وَبَين النَّبِي مفاوز تَنْقَطِع فِيهَا أَعْنَاق المطايا. وَمن ذكرهَا بأسانيدها يبْحَث عَن حَال رواتها.
فَعَاد قَائِلا: كثيرا من الْمَشَايِخ الذَّاكِرِينَ لَهَا قد كَانُوا مِمَّن يتشرف بِرُؤْيَة النَّبِي مناما ويقظة وَكَانُوا أَصْحَاب كرامات يُلْهمُون إلهامًا فلعلهم صححوا تِلْكَ الرِّوَايَات بمشافهة النَّبِي أَو بِرُؤْيَتِهِ مناما. وَمن رَآهُ فِي الْمَنَام فقد رَآهُ حَقًا أَو ألهموا بذلك إلهاما.
فَقلت: احْتِمَال هَذِه الْأُمُور لَا يَكْفِي وَمُجَرَّد ذكرهم تِلْكَ الرِّوَايَات لَا يدل عَلَيْهِ نعم لَو صرح أحد مِنْهُم بذلك لقبلنا قَوْله اعْتِمَادًا على صدقه ووثاقته وعلو مرتبته.
فَقَالَ: هلا يكون علو مرتبتهم وجلالة قدرهم مقتضيا لِأَن يقبل مَا ذَكرُوهُ وَإِن كَانَ بِغَيْر سَنَد، فَإِن حسن الظَّن بهم يحكم بِأَنَّهُم لم يذكرُوا ذَلِك إِلَّا بعد ثُبُوته بِسَنَد مُسْتَند.
فَقلت: هَذَا إِنَّمَا يكون إِذا عرف أَنهم من مهرَة الحَدِيث ونقاده وَذكرهمْ تِلْكَ الرِّوَايَات مَحْمُول على حسن الظَّن بِكُل مُسلم والاعتماد على قَوْله. هَذَا تَفْصِيل المكالمة الَّتِي وَقعت بيني وَبَين بعض أعزتي.
فَعِنْدَ ذَلِك أردْت أَن أكمل رسالتي فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وأقتصر فِيهَا على الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي صلوَات أَيَّام السّنة ولياليها وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهَا وَأبين اختلافها ووضعها لِئَلَّا يغتر بهَا الجاهلون وليتيقظ الْعَالمُونَ.
وَلَكِن اشتغالي بتعليق تَعْلِيق رسالتي أَمَام الْكَلَام فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام الْمُسَمّى بغيث الْغَمَام قد عاقني عَن ذَلِك. وَلما فض بالاختتام ختامه وتيسر اتمامه تَوَجَّهت إِلَى إبراز الْمكنون. وَإِذا أَرَادَ الله شَيْئا قَالَ لَهُ كن فَيكون وَسميت هَذِه الرسَالَة بإسم يخبر عَن كَيْفيَّة الْمُسَمّى وَهُوَ:
1 / 19
الْآثَار المرفوعة فِي الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة راجيا من الله تَعَالَى أَن يَجْعَلهَا وَسَائِر تصانيفي خَالِصَة لوجهه الْكَرِيم بِلُطْفِهِ الْقَدِيم.
ولنقدم مُقَدّمَة تشْتَمل على ذكر أَحَادِيث التَّرْهِيب من الْكَذِب على النَّبِي وَذكر بعض الْقَصَص الْمَوْضُوعَة والحكايات المكذوبة مِمَّا ولع الوعاظ بذكرها فِي مجَالِس وعظهم واعتقد الْعَوام صدقهَا عِنْد سماعهَا عَن قصاصاتهم. وَذكر حكم نقل الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة ورواياتها وَالْعَمَل بهَا ثمَّ نذْكر الْأَحَادِيث الْمَقْصُود ذكرهَا مَعَ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فِي إيقاظتي، ثمَّ نختم الرسَالَة بخاتمة مُشْتَمِلَة على ذكر كثير من الصَّلَوَات المسطورة فِي كتب المشائخ الثِّقَات مَعَ مَا قيل فِيهَا وَمَا قيل لَهَا.
ثمَّ نذْكر تذنيبًا لذكر بعض الْأَحَادِيث الشبيهة بالموضوعة مَعَ إِنَّهَا لَيست بموضوعة بل حَسَنَة أَو صَحِيحَة.
1 / 20
حُرْمَة رِوَايَة الحَدِيث الْمَوْضُوع
الْمُقدمَة فِي المطالب المعظمة.
اعْلَم أَنه قد صرح الْفُقَهَاء والمحدثون بأجمعهم فِي كتبهمْ بِأَنَّهُ تحرم رِوَايَة الْمَوْضُوع وَذكره وَنَقله وَالْعَمَل بِمَا فاده مَعَ اعْتِقَاد ثُبُوته إِلَّا مَعَ التَّنْبِيه على أَنه مَوْضُوع وَيحرم التساهل فِيهِ سَوَاء كَانَ فِي الْأَحْكَام والقصص أَو التَّرْغِيب والترهيب أَو غير ذَلِكَ، وَيحرم التَّقْلِيد فِي ذكره وَنَقله إِلَّا مَقْرُونا بِبَيَان وَضعه بِخِلَاف الحَدِيث الضَّعِيف فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي غير الْأَحْكَام يتساهل فِيهِ وَيقبل بِشُرُوط عديدة قد بسطتها فِي تعليقي على رسالتي تحفة الطّلبَة فِي مسح الرَّقَبَة الْمُسَمّى بتحفة الكملة، وَفِي رسالتي الْأَجْوِبَة الفاضلة للأسئلة الْعشْرَة الْكَامِلَة، وصرحوا أَيْضا بِأَن الْكَذِب على النَّبِي من أكبر الْكَبَائِر. بَالغ بعض الشَّافِعِيَّة فَحكم بِكُفْرِهِ، وَذَلِكَ لوُرُود الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة الدَّالَّة على مَا ذَكرْنَاهُ وأشهرها لفظ «من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار»]]]]]] وَله طرق كَثِيرَة حَتَّى قيل أَنه من الْأَحَادِيث المتواترة.
وَقد أوضحت هَذَا الْبَحْث بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فِي ظفر الْأَمَانِي فِي الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَى الْجِرْجَانِيّ فِي بحث الْمُتَوَاتر. وفقنا الله لختمه كَمَا وفقنا لبدئه وَلِأَن فسح الله فِي عمري وساعدني قدري لأكمله بعد الْفَرَاغ من تأليف هَذِه الرسَالَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَالَ على الْقَارِي الْمَكِّيّ فِي كتاب الموضوعات ثُمَّ مِمَّا تَوَاتر عَنهُ ﵊ معنى وَكَاد أَن يتواتر مبْنى مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالْحَاكِم
1 / 21
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنِّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَه وَالدَّارقطني عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] . وَلَهُمْ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ قَالَ، قَالَ النَّبِي: «لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ»]]]]]]] .
وَلِلْشَيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنِ الْمُغِيرِةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي يَقُولُ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلِلْبُخَارِيُّ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنِّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَه وَالدَّارقطني، عَن عبد الله ابْن الزُّبَيْرِ ﵄ قَالَ، قُلْتُ لِلْزُبَيْرِ إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تحدث عَن رَسُول الله كَمَا يُحَدِّثُ فُلانٌ وَفُلانٌ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار»]]]]]]] وَزَاد الدَّارقطني، وَاللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقولُونَ «مُتَعَمدا»]]]]]]] .
وللبخاري وَالدَّارقطني، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُول الله: «مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
1 / 22
وللبخاري وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ، قَالَ ﵊: «حَدِّثُوا عَنِّي وَلا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَصَحَّحَهُ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ ﵊: «مَنْ كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ ﵊: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار»]]]]]]] .
وَلِلدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ ﵊ يَقُول على هَذَا الْمِنْبَرِ: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي فَلا يُقِلُّ إِلا حَقًّا وَصِدْقًا وَمَنْ قَالَ عليَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ مَنْ كَتَبَ شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا تَكْذِبُوا عليَّ، فَمَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَبِي يَعْلَى وَالْعُقَيْلِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ، عَنْ أبي بكر الصّديق
1 / 23
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا أَوْ رَدَّ شَيْئًا أَمَرْتُ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى، عَنْ عُمَرَ ﵁ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَهُوَ فِي النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَأبي يعلى وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أحدث عَن رَسُول الله أَنْ لَا أَكُونَ أَوْعَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَكِنِّي أَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدٍ اللَّهِ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار»]]]]]]] .
وللبزار وَأبي يعلى وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمِ فِي «الْمَدْخَلِ»]]]]]]] عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نوفيل رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ ﵊ قَالَ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَهَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ فِي الزُّهْدِ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي «الْمَدْخَلِ»]]]]]]] عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ مَرْفُوعًا «إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّار»]]]]]]] .
1 / 24
وَلأَحْمَدَ وَالْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ فِي «مُسْنَدِهِ»]]]]]]] وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْن أبي سُفْيَانَ ﵁ مَرْفُوعًا: «من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وْالْبَزَّارِ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْفُطَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَالْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي «الْمَدْخَلِ»]]]]]]] عَنِ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْغَافَقِيَّ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ ﵁ يُحَدِّثُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنْ رَسُول الله أَحَادِيثَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا لَحَافِظٌ أَوْ هَالِكٌ أَنَّهُ ﵊ كَانَ آخِرَ مَا عَهِدَهُ إِلَيْنَا أَنْ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسَتَرْجِعُونَ إِلَى قَوْمٍ يُحِبُّونَ الْحَدِيثَ عَنِّي فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ حَفِظَ شَيْئًا فَلْيُحَدِّثْ بِهِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرقم مَرْفُوعا: «من كذب عل مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار»]]]]]]] .
1 / 25
وَلأَحْمَدَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيِّ ﵁ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَضْجَعًا مِنَ النَّارِ أَوْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ»]]]]]]] .
وَلِلْبَزَّارِ وَالْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلِلْطَبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِنَّ رَجُلا لَبِسَ حُلَّةً مِثْلَ حُلَّةِ النَّبِي ثُمَّ أَتَى أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنَّهُ ﵊ أَمَرَنِي أَيَّ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ شِئْتُ اسْتَطْلَعْتُ فَأَعَدُّوا لَهُ بَيْتًا وَأَرْسَلُوا رَسُولا إِلَى رَسُول الله فَأَخْبِرُوهُ فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: انْطَلِقَا إِلَيْهِ فَإِنْ وَجَدْتُمَاهُ فَاقْتِلاهُ ثُمَّ حَرِّقَاهُ بِالنَّارِ وَإِنْ وَجَدْتُمَاهُ قَدْ كُفِيتُمَاهُ وَلا أَرَاكُمَا إِلا وَقَدْ كُفِيتُمَاهُ فَحَرِّقَاهُ بِالنَّارِ»]]]]]]] فَأَتَيَاهُ فَوَجَدَاهُ قَدْ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ يَبُولُ فَلَدَغَتْهُ حَيَّةٌ أَفْعَى فَمَاتَ فَحَرَّقَاهُ بالنَّار، ثمَّ رجعا إِلَيْهِ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ ﵊: «من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»]]]]]]] .
وَلابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَلَى مَيْلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطَبَ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يُزَوِّجُوهُ فَأَتَاهُمْ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ فَقَالَ إِن رَسُول الله كَسَانِي هَذِهِ الْحُلَّةَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي أَمْوَالِكُمْ وَدِمَائِكُمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَنَزَلَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ خَطَبَهَا فَأَرْسَلَ الْقَوْمَ رَسُولا إِلَى رَسُول الله فَقَالَ: «كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ»]]]]]]] ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلا فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَاحْرِقْهُ، فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ، فَحَرَّقَهُ بِالنَّارِ فَذَلِكَ قَوْله: «من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار»]]]]]]] .
1 / 26