Saamaynta Carabta ee Ilbaxnimada Yurub
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Noocyada
ومنها ما يصح أن يسمى الطور الأول لمذهب التطور، وقد عبر عنه الفارابي حيث قال في آراء أهل المدينة الفاضلة مفسرا لأقوال المعلم الأول: إن «ترتيب هذه الموجودات هو أن تقدم أولا أخسها، ثم الأفضل فالأفضل إلى أن تنتهي إلى أفضلها الذي لا أفضل منه. فأخسها المادة الأولى المشتركة، والأفضل منها الأسطقسات، ثم المعدنية، ثم النبات، ثم الحيوان غير الناطق، وليس بعد الناطق أفضل منه.»
وقد توسع اللاحقون في القول بالتدرج نصا، والإشارة إلى بعض المشابهة بين القرد والإنسان، فقال ابن خلدون: «انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن، ثم النبات، ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج، وآخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لا بذر له، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف، ولم يوجد لها إلا قوة اللمس فقط.
ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريجه التكويني إلى الإنسان صاحب الفكر والروية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إليه الفكر والروية بالفعل، وكان ذلك أول أفق الإنسان من بعده، وهذا غاية شهودنا.»
والمشهور عن ديكارت أنه إمام الفلسفة الأوروبية الحديثة، وهو مسبوق إلى ثلاث من أهم قضاياه الفلسفية فيما كتبه الغزالي وابن سينا على الخصوص؛ فإن الغزالي يقول بأن الشك أول مراتب اليقين، والشك هو مقدمة الفلسفة الديكارتية إلى البراهين اليقينية. وأول هذه البراهين اليقينية عند ديكارت هو قضيته التي يثبت بها الوجود فيقول: «أنا أفكر فأنا موجود.»
وهي بعينها قضية الإنسان المعلق بالفضاء كما عبر عنه ابن سينا حين تصدى لإثبات «الأنية»، أي وجود النفس بمعزل عن الموجودات الخارجية، فقال: إننا لو علقنا إنسانا في الفضاء لا يتصل عضو منه بعضو، ولا تقع حاسة منه على موجود لشعر بأنيته، أو شعر بذاته، وتأتي بعد ذلك مسألة الموجودات وحاجتها بعد وجودها إلى النعمة الإلهية لدوام قوة الوجود فيها، فهي لا تكسب الإيجاد مرة واحدة، بل تكسبه على التجدد بنعمة فياضة من الله جل وعلا. وهذا هو مذهب ابن سينا وديكارت بلا اختلاف. •••
ويخطئ من يرى أن كل ما تركه فلاسفة المسلمين قد نقلوه قبل ذلك بحرفه عن فلاسفة اليونان، فقد وجد من الفلاسفة الإسلاميين من تصرف واستقل برأيه، كما وجد منهم من وقف عند النقل والتفسير، وأكثرهم قد تلقوا مذاهب الأولين على أنها عمل قابل للتعديل، وليس على أنها قضية مسلمة لا يأتيها الباطل بحال.
فالغزالي، مثلا، كان على علم وثيق بأصول المنطق، وكان من أقدر المفكرين السابقين واللاحقين على مناقشة البراهين اليونانية بمثلها، أو بما يفوقها وضوحا في بعض القضايا العقلية.
وابن سينا لا يرضى على مذاهب المشائين كل الرضى؛ فيتخذ له منطقا مقابلا لمنطقهم يسميه «منطق المشرقيين»، ويقول في مقدمته: ... ولا نبالي من مفارقة تظهر منها لما ألفه متعلمو كتب اليونانيين إلفا عن غفلة وقلة فهم، ولما سمع منا في كتب ألفناها للعاميين من المتفلسفة المشغوفين بالمشائين الظانين أن الله لم يهد إلا إياهم ...
وقد أخذ البيروني على أرسطو في أسئلة لابن سينا أنه يعتقد بآراء الأقدمين، «وأنه جعل أقاويل القرون الماضية والأحقاب السالفة في الفلك ووجودهم إياه على ما وجده عليه حجة قوية.»
وقال عن أرسطو: إنه يرى «أن الشكل البيضي والعدسي محتاجان في الحركة المستديرة إلى فراغ وموضع خال، وأن الكرة لا تحتاج إلى الفلك، وليس الأمر كما ذكره»، فاستصوب ابن سينا انتقاده وذكر له أعذار المفسرين، ومنها ما رواه عن تامسطيوس في تفسيره لكتاب السماء؛ إذ يوصي بأن يحمل قول الفيلسوف على أحسن الوجوه.
Bog aan la aqoon