١٥٦ - فشرح الله صدره، وألقى محبة الشيخ في قلبه، وسار إليه في دار ابن سويلم، وحياه أجمل تحية، وقال له: "أبشر يا شيخ ببلاد خير من بلادك، بلاد فيها العز والمنعة، فيها الصدق والإخلاص لما تدعو إليه من الهدى ودين الحق الذي بعث الله به أشرف المرسلين ﵊".
١٥٧ - فامتلأ قلب الشيخ سرورا، واطمأنت نفسه المضطربة، وأحسَّ بالظفر والقوة على حمل ذلك الأمر الذي كان يراه منذ أمد قريب ثقيلا عسيرا إذ عوضه الله دارًا خيرا من داره، فيها أنصار أقوياء أشداء مخلصون صادقون جزاء صبره، وثمرة يقينه، وحسن توكله على الله الذي لا يضيع أجر من أحسن التوكل عليه في كل أمره، واعتمد عليه وحده في جميع شأنه ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: ٤] .
١٥٨ - أخذ الشيخ يشرح للأمير محمد حقيقة الإسلام الذي بعث الله تعالى به رسله، وأوحاه إلى أنبيائه، وأخذ عليهم العهد به من نوح ﵇ إلى خاتمهم محمد ﷺ، والذي أجمله الله في قوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦] وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:٢٥] وشرح له حال المشركين، ودينهم الذي كانوا يحرصون عليه، ويعادون النبي ﷺ من أجله، ويزعمون أنه دين إبراهيم وأن الله تعالى أمر نبيه ﷺ بقتالهم والغلظة عليهم، ووعده النصر عليهم، ووعد أصحابه إحدى الحسنين: النصر، أو الشهادة التي يبوؤهم بها ﴿غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ [الزمر: ٢٠] وأن قلة المؤمنين دائما إلى كثرة، وفقرهم إلى غنى، وذلتهم إلى عزة، إذا هم أخلصوا