At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Noocyada
- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) إِذَا كَانَتِ الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْكِ! فَمَا الجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ (الإِسْرَاء:١٣)؟ (١)
الجَوَابُ: ذِكْرُ الطَّيْرِ فِي الآيَةِ الكَرِيْمَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِالطِّيَرَةِ المَعْرُوْفَةِ، وَإنَّمَا المَقْصُوْدُ بِهِ عَمَلُ المَرْءِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (٢): (وَطَائِرُهُ هُوَ مَا طَارَ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدُ وَغَيْرُهُمَا - مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَيُلْزَمُ بِهِ وَيُجَازَى عَلَيْهِ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (الزَّلْزَلَةِ:٨)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿عَنِ اليَمِيْنِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيْدٌ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيْبٌ عَتِيْدٌ﴾ (ق:١٨) وَقَالَ: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِيْنَ كِرَامًا كَاتِبِيْنَ يَعْلَمُوْنَ مَا تَفْعَلُوْنَ﴾ (الانْفِطَار:١٤)، وَقَالَ: ﴿إِنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ﴾ (الطُّوْر:١٦)، وَقَالَ: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوْءًا يُجْزَ بِهِ﴾ (النِّسَاء:١٢٣) الآيَة، وَالمَقْصُوْدُ أَنَّ عَمَلَ ابْنِ آدَمَ مَحْفُوْظٌ عَلَيْهِ قَلِيْلَهُ وَكَثِيْرَهُ، وَيُكْتَبُ عَلَيْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ صَبَاحًا وَمَسَاءً). (٣)
(١) وَيُشْبِهُهُ حَدِيْثُ أَحْمَدَ (١٤٨٧٨) عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعًا (طَائِرُ كُلِّ إِنْسَانٍ فِي عُنُقِهِ). صَحِيْحٌ. الصَّحِيْحَةُ (١٩٠٧).
(٢) تَفْسِيْرُ ابْنِ كَثِيْرٍ (٥٠/ ٥).
(٣) قُلْتُ: وَحَمَلَهُ الطَّبَرِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (٣٩٧/ ١٧) عَلَى الكِتَابَةِ القَدَريَّةِ فَقَالَ: (وكُلَّ إِنْسَانِ أَلْزَمْنَاهُ مَا قُضيَ لَهُ أَنَّهُ عَامِلُهُ، وَهُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنْ شَقَاءٍ أَوْ سَعَادَةٍ بِعَمَلِهِ فِي عُنُقِهِ لَا يُفَارِقُهُ).
1 / 261