ثم إنه ذكر في أوائل هذه السورة الطوائف الثلاث الذين ذكرهم في الفاتحة، فذكر الذين على هدى من ربهم، وهم المنعم عليهم، والذين اشتروا الضلالة بالهدى، وهم الضالون، والذين باءوا بغضب من الله، وهم المغضوب عليهم1. انتهى.
[و] 2 أقول: قد ظهر لي بحمد الله وجوها من هذه المناسبات:
أحدها: أن القاعدة التي استقرأتها3 القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له، وإطناب لإيجازه، وقد استمر4 معي ذلك في غالب سور القرآن، طويلها وقصيرها، وسورة البقرة قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة.
فقوله: {الحمد لله} تفصيله: ما وقع فيها من الأمر بالذكر في عدة آيات، ومن الدعاء في قوله: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} "186" الآية، وفي قوله: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} "286"، وبالشكر في قوله: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} "152".
وقوله: {رب العالمين} تفصيله قوله: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشا
Bogga 56