77

Asraar Macluumaad

أسرار معلنة

Noocyada

تعمل فرانسيس عند مورين بالبيت، لكنها لم تكن خادمة؛ كانتا بنات عم، ولو أن فرانسيس كانت تكبر مورين بجيل كامل. كانت فرانسيس تعمل في هذا البيت قبل أن تطأه مورين بفترة طويلة - كانت تعمل لدى الزوجة الأولى - وأحيانا ما كانت تنادي مورين «سيدتي» على سبيل السخرية، بنبرة فيها من الود ما فيها من النفور. كم دفعت لقاء هذا الفستان، سيدتي؟ أوه، لا بد أن البائع خدعك! وكانت تقول لمورين إنها تعاني ترهلا في منطقة الأرداف، وأن طريقة تصفيف شعرها والصبغة التي تستخدمها لم تكونا تناسبانها؛ كل هذا على الرغم من أن فرانسيس نفسها كانت امرأة سمينة غطى الشيب شعرها، وبدت على وجهها أمارات الوقاحة. لم تعتبر مورين نفسها هلوعة؛ فقد كانت تتمتع بهيئة مهيبة. وبالتأكيد لم تكن الكفاءة تعوزها؛ حيث كانت تدير مكتب المحاماة الخاص بزوجها قبل أن «تتأهل» (على حد تعبيرهما) لإدارة بيته وتدبير شئونه. كانت تحدث نفسها أحيانا بأنه ينبغي عليها أن تحاول أن تحظى بقدر أكبر من الاحترام من جانب فرانسيس، لكنها كانت بحاجة لمن تمزح وتتشاجر معه بالبيت. لم يكن لها أن تثرثر نظرا لحساسية موقف زوجها، وهي لم تعتقد أن الثرثرة من طبيعتها على أية حال، لكنها تسامحت مع فيض التعليقات الخبيثة والتخمينات الطائشة القاسية والواثقة التي كانت تصدر من فرانسيس. (على سبيل المثال: ما قالته فرانسيس عن والدة هيذر بيل، وعن ماري جونستون والرحلة الخلوية بصفة عامة. حسبت فرانسيس أنها خبيرة في هذا المضمار لأن ماري كاي تريفيليان كانت حفيدتها).

كان من الصعب أن يأتي أحد على ذكر ماري جونستون في مدينة كارستيرز دون أن يلحق بذكرها صفة «رائعة»؛ فقد أصيبت بمرض شلل الأطفال، وكادت تقضي نحبها تأثرا به في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمرها، وأفضى المرض إلى أن صارت ساقاها قصيرتين، وقوامها قصيرا ومكتنزا، وكتفاها مائلتين، وعنقها متقوسا بقدر طفيف؛ مما أدى إلى أن مال رأسها الكبير بعض الشيء إلى جانب واحد. درست ماري إدارة الحسابات، وحصلت على وظيفة مكتبية في مصنع آل دود، وكرست أوقات فراغها للفتيات، وغالبا ما كانت تقول إنها لم تلتق فتيات سيئات قط، بل بعض الفتيات اللائي كن مرتبكات. وكانت مورين كلما التقت ماري جونستون على قارعة الطريق أو في محل من المحلات يخفق قلبها من فرط الحزن والأسى. كانت ماري تلقاها أولا بتلك الابتسامة الفاحصة حيث تحملق في عينيها، وبإعلان سعادتها بحالة الجو أيا كانت - سواء أكانت عاصفة أم باردة أم مشمسة أم مطيرة - ثم بطرح السؤال المغلف بضحكة عذبة: «كيف حالك إذن سيدة ستيفنز؟!» كانت ماري جونستون دوما حريصة كل الحرص على تلقيبها ب «السيدة ستيفنز»، لكنها كانت تلفظه وكأنه عنوان مسرحية، وكانت تحدث نفسها طوال الوقت بأنها مورين كولتر فحسب. (كان آل كولتر شأنهم شأن آل ترويل تماما الذين علقت عليهم فرانسيس واصفة إياهم بأنهم معلم من معالم المدينة لا أكثر ولا أقل). سألتها ماري قائلة: «ما الأشياء المثيرة التي قمت بها مؤخرا، سيدة ستيفنز؟»

حينئذ شعرت مورين وكأن الأضواء سلطت عليها، ولم تستطع أن تفعل شيئا حيال ذلك، وكأنها في مواجهة تحد ما، وكان الأمر يتعلق بزواجها المبني على الحظ، وقوامها الممشوق الغض الذي كان الشيء الوحيد المعيب فيه خفيا - فقد ربطت قناتا فالوب لمنعها من الإنجاب - وبشرتها وردية اللون، وشعرها الكستنائي، والملابس التي أنفقت أموالا طائلة ووقتا طويلا عليها؛ وكأنها يجب أن تكون مدينة لماري جونستون بشيء ما؛ تعويض لا يمكن تحديده أبدا، أو كأن ماري جونستون بإمكانها أن ترى نوعا من القصور أكبر بكثير مما تواجهه مورين نفسها.

لم تعبأ فرانسيس بماري جونستون هي الأخرى بنفس الطريقة البسيطة المحضة التي لا تعبأ بها بأي شخص يبالغ في تقديره لذاته. •••

صحبتهم الآنسة جونستون في رحلة تسلق لمسافة نصف ميل قبل الإفطار كعادتها دوما لارتقاء الصخرة؛ كتلة الحجر الجيري التي برزت أعلى نهر بيريجرين، وكانت شيئا نادرا جدا في هذه البقعة من البلدة، لدرجة أنها لم يطلق عليها سوى «الصخرة». صباح الأحد، يتعين القيام برحلة التسلق هذه مهما كان المرء خدرا من فرط محاولة مغالبة النعاس طوال الليل، وشاعرا بشبه غثيان من فرط تدخين السجائر المهربة، ومرتعشا أيضا؛ لأن الشمس لم تكن تتخلل الغابات في تلك الساعة من النهار. كاد الطريق لا يوصف بأنه طريق؛ إذ كان يتعين على المرء أن يتسلق جذوع أشجار متعفنة، ويخوض عبر السراخس، وما بينت الآنسة جونستون أنه نبات اليبروح ونبات إبرة الراعي البري والزنجبيل البري. كانت تجذبه لأعلى وتقضمه برفق دون أن تتمكن من إزالة القذارة عنه بالكامل. انظروا بم تحبونا الطبيعة!

نسيت سترتي. هكذا قالت هيذر عندما قطعا نصف الطريق لأعلى. هل يمكنني العودة لجلبها؟

في الأيام الخوالي، كانت إجابة الآنسة جونستون على الأرجح هي النفي. أسرعي الخطى وستشعرين بالدفء من دونه. هكذا كانت تقول. لا بد أنها شعرت بعدم الارتياح هذه المرة؛ نظرا لأن شعبية رحلات التسلق خاصتها ما برحت تتضاءل، الأمر الذي ألقت باللائمة فيه على التليفزيون والأمهات العاملات والتكاسل في البيت. أجابت لها طلبها.

حسن، ولكن أسرعي. أسرعي والحقي بنا.

وهو ما لم تفعله هيذر قط. عند الصخرة، استمتعن بالمنظر (تذكرت مورين بحثها عن موانع الحمل بين زجاجات الجعة ولفافات الحلوى) ولم تلحق بهن هيذر، وفي طريق عودتهن لم يقابلنها. لم تكن في الخيمة الكبيرة ولا في الصغيرة؛ حيث كانت الآنسة جونستون تنام، أو حتى بين الخيام. لم تكن في أي ملاذ أو مخبأ من مخابئ العشاق بين أشجار الأرز المحيطة بأرض المعسكر. اختصرت الآنسة جونستون عملية البحث.

قالت: «الفطائر المحلاة. الفطائر المحلاة والقهوة. ترى هل ستقاوم الفتاة العابثة رائحة الفطائر والقهوة فتخرج من مخبئها؟»

Bog aan la aqoon