68

Asraar Macluumaad

أسرار معلنة

Noocyada

صاحت شارلوت: «كم هو لطيف منك أن تحضري! كنا نخشى أن تشغلك عن زيارتنا أمور أكثر أهمية. أين ترغبين في الجلوس؟ ما رأيك أن تجلسي هنا؟» أزاحت كومة من المجلات عن كرسي من الخيزران، وقالت: «أهذا الكرسي مريح؟ إنه يصدر أصواتا مثيرة، فهو من الخيزران. أحيانا أجلس هنا وحدي، وأسمعه يصدر صريرا وكأن أحدا يتحرك به من مكان إلى آخر. يمكنني أن أقول إن ثمة قوى خارقة للطبيعة هي التي تفعل ذلك، لكنني لا أؤمن بهذه الترهات؛ فقد جربت بنفسي.»

صب جوردي خمرا حلوا أصفر اللون لي في كأس طويلة لامعة، ولشارلوت في قدح، ولنفسه في كوب بلاستيكي. بدا أن من رابع المستحيلات إعداد عشاء في ذلك المطبخ المتناهي الصغر الذي تراكمت فيه الأطعمة والقدور والأطباق، لكن ثمة رائحة دجاج مشوي شهية تفوح في المكان. وبعد برهة جاء جوردي بالصنف الأول من الطعام؛ صحون صغيرة تحوي شرائح الخيار وأطباق الزبادي. جلست على الكرسي المصنوع من الخيزران، بينما جلست شارلوت على كرسي بذراعين، أما جوردي فجلس على الأرض. كانت شارلوت ترتدي بنطالها وقميصا قصير الكمين زهري اللون التصق بصدرها الذي لم تكن تحمله حمالة. كانت قد طلت أظافر قدميها بلون يتماشى مع قميصها. وكانت أساورها تصدر خشخشة كلما لامست الطبق وهي تتناول شرائح الخيار (كنا نأكل بأصابعنا). كان جوردي يعتمر قبعته ومبذله الحريري الأحمر القاني على بنطاله. اختلطت البقع مع الرسوم التي زينت مبذله.

بعد الخيار، تناولنا الدجاج المطهو مع الزبيب والتوابل الذهبية اللون، والخبز الحامضي، والأرز. حصل كل منا أنا وشارلوت على شوكة، لكن جوردي طفق يأكل الأرز بالخبز. ظللت أتذكر هذه الوجبة على مدار السنوات التالية عندما أصبح هذا النوع من الطعام، وهذه الطريقة غير الرسمية في الجلوس والأكل، وحتى شكل الغرفة وافتقارها إلى الترتيب؛ أمرا شائعا وعصريا. الذين أعرفهم - وأنا شخصيا كذلك - لا بأس عندهم من التخلي، لفترة، عن طاولات غرف الطعام، وكئوس الخمر المتطابقة، وإلى حد ما عن أدوات المائدة أو الكراسي. عندما يستضيفني الآخرون، أو أحاول أنا استضافة الناس بهذه الطريقة، تخطر شارلوت وزوجها على بالي، وأفكر في معنى الحرمان الحقيقي، والأصالة المحفوفة بالخطر التي تميزهما عن كل محاولات التقليد اللاحقة. كنت حديثة عهد بموقف كهذا آنذاك، وكنت أشعر بالاضطراب والسعادة في آن واحد. كنت آمل أن أكون جديرة بهذه الطريقة الغريبة في التعامل، ولكن دون أن يمتحن صبري أكثر من اللازم.

خطرت ماري شيلي ببالي بعد ذلك بوقت قصير، وأخذت أسرد عناوين الروايات الأخيرة لها، وقالت شارلوت بنبرة حالمة: «بيركن ووربيك. ألم يكن هو؟ ألم يكن هو الذي تظاهر بأنه أمير صغير قتل في البرج؟»

كانت الشخص الوحيد الذي قابلته - ولم يكن مؤرخا، لم يكن مؤرخا لعائلة تيودور - ويعرف هذه المعلومة.

قالت: «هذا الكتاب يستحق أن يتحول إلى فيلم، أليس كذلك؟ السؤال الذي دائما ما يلح علي بخصوص المطالبين بالعرش أمثاله هو: ماذا يظن «هؤلاء» بأنفسهم؟ هل يؤمنون بما يدعونه أم ماذا؟ لكن حياة ماري شيلي الخاصة هي الفيلم نفسه، أليس كذلك؟ أنا أتساءل لماذا لم يصنع فيلم كهذا من قبل! من ذا الذي سيلعب دور ماري في رأيك؟ لا، لا، لنبدأ بهارييت أولا. من سيلعب دور هارييت؟»

أردفت وهي تمزق قطعة ذهبية اللون من الدجاج: «لا بد أن تكون ممثلة بارعة في لعب دور الغارقة. إليزابيث تايلور؟ ليس بالدور الذي يشبع غرورها. سوزانا يورك؟»

تساءلت مشيرة إلى رضيع هارييت الذي لم يولد: «من كان والد الرضيع؟ لا أعتقد أنه كان شيلي. لم أظن ذلك قط. هل ظننت ذلك؟»

كان كل ذلك رائعا وممتعا جدا، ولكنني كنت أعقد الآمال على أن نصل إلى مرحلة التفسيرات - اعترافات شخصية إن لم تكن أسرارا بالفعل. هكذا يتوقع المرء في مناسبات كهذه. ألم تحك لنا سيلفيا وهي جالسة إلى طاولتي عن تلك المدينة في شمال أونتاريو، وعن نيلسون باعتباره أذكى طلاب المدرسة؟ ذهلت من فرط شعوري بالحماس لأن أقص قصتي. دونالد ونيلسون - كنت أتطلع إلى أن أقص الحقيقة أو جزءا منها، بكل ما فيها من تعقيدات جارحة، على شخص لم يكن ليصيبه الذهول منها، أو تثور ثائرته بسببها. كنت أود أن أحاول فهم سلوكي العجيب كلما كنت برفقة أناس طيبين. هل تعاملت مع دونالد باعتباره رمزا للأب - أو رمزا للوالد بصفة عامة - بما أن والدي لم يكونا على قيد الحياة؟ وهل هجرته لأنني كنت غضبى «منهما» إذ فارقاني؟ ماذا كان يعني صمت نيلسون؟ وهل صار صمته دائما؟ (لكنني لم أكن أحسب على أية حال أنني سأخبر أحدا أبدا عن الخطاب الذي أعيد لي الأسبوع الماضي مذيلا بعبارة: «لم يستدل على العنوان».)

لم يكن ذلك ما كانت شارلوت تفكر فيه، فلم تكن الفرصة سانحة، ولم يكن بيننا تبادل للأسرار. بعد أن انتهينا من تناول الدجاج، أزيل كأس الخمر والقدح والكوب وملئت بشربات وردي اللون حلو المذاق كان احتساؤه أسهل من تناوله بالملعقة. وأتبع ذلك بأقداح صغيرة من القهوة المركزة جدا. أشعل جوردي شمعتين بينما ازدادت الغرفة عتمة، وأخذت واحدة منهما معي إلى الحمام الذي اتضح أنه عبارة عن مرحاض ودش فحسب. قالت شارلوت إن المصابيح لا تعمل.

Bog aan la aqoon