بعد برهة راودتني أحلام مختلفة؛ حلمت بأن جورج حضر وتحدث معي ولا تزال النظرة المزرية تعلو وجهه، لكنه حاول إخفاءها والتظاهر بأنه حنون. استمر في الظهور بأحلامي واستمر في الكذب. زادت برودة الطقس بالخارج ولم أرغب في العودة مرة أخرى إلى الكوخ، وكان الندى كثيفا للغاية حتى إنه كان يصيبني البلل كثيرا حين كنت أنام فوق العشب. ذهبت وفتحت الإنجيل كي أكتشف ما ينبغي لي فعله.
وحينها نلت عقابي لقاء الخداع؛ لأن الإنجيل لم يخبرني بأي شيء أتمكن من تفسيره لأفعله؛ إذ مارست الخداع حين كنت أبحث عن آيات أقرؤها لجورج، ولم أقرأ الآيات التي وقف عندها إصبعي تحديدا، لكن جلت بناظري سريعا وعثرت على شيء آخر أقرب إلى ما أردته. اعتدت فعل ذلك أيضا حين كنا نبحث عن آيات في الدار، ودائما ما وقفت عند أمور جيدة ولم يضبطني أحد أو يشك في الأمر قط. وأنت لم يساورك الشك أيضا يا سادي.
لذا، الآن نلت عقابي عندما لم أعثر على أي شيء يساعدني أينما نظرت، لكن ثمة ما جعلني أفكر في القدوم إلى هنا ففعلت ذلك. كنت قد سمعتهم يتحدثون عن مدى دفء المكان هنا، وكيف أن المتسولين يرغبون في المجيء إلى هنا والدخول إلى السجن؛ لذا فكرت أن أفعل هذا أيضا، وكذلك ثمة ما أدخل في رأسي فكرة أن أخبرهم بما فعلته. أخبرتهم بالكذبة نفسها التي كثيرا ما أخبرني بها جورج في أحلامي في محاولة لإقناعي بأنني من قتله وليس هو. إن شعوري بالأمان هنا بعيدا عن جورج هو ما يهم. إذا ظنوا أنني مختلة العقل وأنا أعي الفارق فأنا آمنة. لا أرغب إلا في قدومك إلى هنا وزيارتي.
كما أرغب أن يتوقف ذلك الصراخ.
عندما أنتهي من كتابة هذا الخطاب، سأضعه بين الستائر التي أحيكها من أجل دار الأوبرا، وسأكتب عليها: رجاء ممن يعثر على الخطاب أن يرسله إلى وجهته. أثق في هذه الطريقة أكثر من إعطاء الخطاب إليهم مثل الخطابين السابقين اللذين أعطيتهم إياهما بالفعل ولم يرسلوهما قط.
4
من الآنسة كريستينا مالن، مدينة والي، إلى السيد ليوبولد هنري، قسم التاريخ، جامعة كوينز، كينجستون، 8 يوليو 1959.
أجل، أنا الآنسة مالن التي تذكر شقيقة تريس هيرون حضورها إلى المزرعة، وهو لطف بالغ منها أن تقول عني إنني كنت سيدة شابة جميلة ترتدي قبعة ووشاحا. كان ذلك وشاحا مخصصا للقيادة، والسيدة العجوز التي ذكرتها هي زوجة شقيق جد السيد هيرون، إن كان ما تبينته صحيحا. وحيث إنك تكتب السيرة الذاتية، فلا بد أن صلات القرابة ستتضح لديك. لم أصوت قط لتريس هيرون؛ إذ إنني من مؤيدي حزب المحافظين، لكنه كان سياسيا لامعا، وكما تقول فإن سيرة ذاتية عنه ستلفت الأنظار إلى هذا الجزء من البلاد الذي كثيرا ما ينظر إليه على أنه «ممل إلى أبعد حد».
أشعر بالدهشة - إلى حد ما - من أن شقيقته لم تذكر السيارة على وجه الخصوص. كانت سيارة بخارية من طراز ستانلي ستيمر، اشتريتها لنفسي في عيد ميلادي الخامس والعشرين عام 1907. كلفتني ألفا ومائتي دولار؛ اشتريتها بجزء من إرثي عن جدي جيمس مالن؛ الذي ينتمي إلى الرعيل الأول من كتاب المحكمة في والي، وجنى ثروته من بيع المزارع وشرائها.
بعد موت والدي في شبابه، انتقلت أمي للعيش في منزل جدي بصحبتنا نحن الفتيات الخمس جميعا. كان منزلا حجريا كبيرا يدعى تراكوير، وهو الآن دارا للمجرمين الأحداث . أحيانا ما أقول مازحة إنه طالما كان كذلك!
Bog aan la aqoon