من السيد جيمس مالن إلى الموقر والتر ماكبين، 17 يناير 1853.
أكتب إليك لإحاطتك بأن صحة الشابة التي نتحدث عنها تبدو جيدة، ولم تعد تبدو كالفزاعة في الحقول؛ فهي تأكل جيدا وتحافظ على نظافتها وهندامها، كما أنها تبدو أكثر هدوءا من الناحية النفسية؛ فقد اعتادت إصلاح البياضات في السجن، وهو ما تجيد فعله، لكن يتحتم علي إخبارك بأنها لا تزال ثابتة على موقفها فيما يتعلق بالزيارات، كما في السابق، ولا أستطيع نصحك بالمجيء لزيارتها هنا؛ لأنني أظن أن عناءك سيضيع هباء. إن الرحلة قاسية للغاية في الشتاء ولن تكون مفيدة لحالتك الصحية.
لقد بعث لي شقيق زوجها خطابا رقيقا للغاية يؤكد فيه أن روايتها ليست صادقة؛ لذا أشعر بالرضا حيال ذلك.
ربما ترغب في سماع ما قاله الطبيب الذي زارها عن حالتها. يرى الطبيب أنها رهن نوع من الوهم خاص بالنساء، والدافع وراءه هو رغبة في الاعتداد بالنفس، وكذلك رغبة في الفرار من رتابة الحياة، أو حالة الكدح التي كتبت عليهن. ربما يتخيلن أنفسهن وقد استحوذت عليهن قوى الشر لدفعهن لارتكاب جرائم متنوعة وبشعة، وغير ذلك. في بعض الأحيان يقلن إن لهن عشاقا كثرا، لكن هؤلاء العشاق وهميون، والمرأة التي ترى نفسها آية في الرذيلة تكون في الحقيقة عفيفة تماما ولم تمس. وفي هذا، يلقي الطبيب باللوم على نوع القراءات المتاحة لهؤلاء النساء، سواء أكانت تلك القراءات عن الأشباح، أم الشياطين، أم مغامرات العشق بين الملوك والأدواق وما شابه. بالنسبة إلى كثير منهن، يمثل ميلهن لهذه الحكايات ميلا عابرا يعزفن عنه عندما تطرأ الواجبات الحقيقية للحياة، وبالنسبة إلى أخريات، يكون ثمة انغماس من جانبهن في تلك الحكايات بين الحين والآخر، كما لو كانت حلوى أو شرابا مسكرا. أما الفريق الثالث منهن، فيستسلمن استسلاما تاما لها ، ويعشن داخل تلك الحكايات كما لو كانت حلما. لم يستطع استخلاص معلومات منها عن قراءاتها، لكنه يرى أنها ربما تكون نسيت في الوقت الحالي ما قرأته، أو تخفي الأمر بدافع الخداع والمراوغة.
لدى حديثه معها اتضح بالفعل شيء آخر لم نكن نعلمه. عندما سألها: هل هي لا تخشى الموت شنقا؟ أجابت قائلة: «كلا، سوف يوجد سبب يحول دون شنقي.» سألها ما إذا كانت تقصد أنهم سيعفون عنها لاختلالها عقليا، فقالت: «ربما يحدث ذلك، لكن أليس من الصحيح أيضا أنهم لا يقدمون أبدا على شنق امرأة تحمل طفلا؟» بعد ذلك فحصها الطبيب ليكتشف ما إذا كانت صادقة في كلامها - ووافقت على الفحص - فلا بد أنها قالت هذا الادعاء بحسن نية. لكنه اكتشف مع ذلك أنها خدعت نفسها؛ فالأعراض التي استندت إليها لم تكن سوى نتيجة لعدم حصولها على التغذية الكافية لفترة طويلة وبقائها في تلك الحالة الواهنة، وفيما بعد - على الأرجح - نتيجة لإصابتها بالاضطراب العصبي. أبلغها الطبيب بنتائج فحصه، لكن من الصعب تقرير ما إذا كانت صدقته أم لا.
لا بد من الاعتراف بأن هذه البلاد تقسو بالفعل على النساء؛ فقد دخلت مؤخرا امرأة أخرى مختلة عقليا إلى هنا، وحالتها أكثر إثارة للشفقة؛ إذ مسها الجنون بعد حادث اغتصاب. حبس الشخصان اللذان اعتديا عليها هنا. هما في واقع الأمر في قسم الرجال. لا يفصل بينها وبينهما سوى جدار. أحيانا ما يدوي صراخ الضحية لساعات بلا توقف؛ ونتيجة لذلك أضحى السجن مأوى أقل إمتاعا بكثير، لكن هل هذا سيقنع قاتلتنا المدعية على نفسها بالتراجع عن أقوالها والرحيل. لا أدري. إنها خياطة بارعة وتستطيع الحصول على وظيفة إذا أرادت.
يؤسفني سماع أنباء عن سوء حالتك الصحية ومسكنك البائس. لقد أضحت البلدة هنا أكثر تحضرا للغاية، حتى إننا نسينا مشقات المناطق النائية. إن أمثالك من الناس الذين يختارون تحمل المشقة هناك جديرون بالإعجاب، لكن أظنك تسمح لي أن أقول إنه يبدو من المؤكد - إلى حد كبير - أن رجلا لا يتمتع بصحة جيدة لن يكون قادرا على الصمود طويلا في مثل موقفك. من المؤكد أن كنيستك لن تعتبر الأمر ارتدادا عن العقيدة إذا اخترت تأدية خدمتك لها لوقت أطول بنقلك إلى مكان أكثر راحة.
أرفقت خطابا كتبته الشابة وأرسلته إلى الآنسة سادي جونستون، القاطنة بكينج ستريت، في تورونتو. اطلعنا على الخطاب بحيث يتسنى لنا معرفة المزيد حول سلامتها العقلية، ثم أرسلناه، لكنه عاد إلينا وعليه علامة «لم يستدل عليه.» لم نطلع كاتبة الخطاب على الأمر أملا في أن تكتب ثانية وعلى نحو واف؛ ومن ثم تكشف لنا شيئا يساعدنا في تقرير ما إذا كانت كاذبة تتعمد الكذب أم لا. •••
من السيدة آني هيرون، سجن والي، مقاطعتا هورون وبروس المتحدتان، إلى الآنسة سادي جونستون، 49 كينج ستريت، تورونتو، 20 ديسمبر 1852.
سادي، أنا هنا في حالة جيدة للغاية وآمنة، ولا يوجد شيء أشكو منه، سواء أكان يتعلق بالطعام أم الغطاء. إنه مبنى حجري جميل يشبه دور الرعاية. إذا استطعت المجيء لزيارتي فسأسعد كثيرا. كثيرا ما أتحدث إليك في مخيلتي، وهو ما لا أود أن أكتبه خشية أن يتجسسوا على خطابي. أمارس الخياطة هنا. لم تكن الأمور بحالة جيدة عندما أتيت، لكنها الآن جيدة جدا. كذلك أصنع الستائر لدار الأوبرا، وقد أرسلت تلك المهمة. أتمنى رؤيتك. بإمكانك ركوب العربة التي تجرها الخيول إلى هذا المكان مباشرة. ربما لا تودين المجيء في الشتاء، لكن قد ترغبين في المجيء في فصل الربيع. •••
Bog aan la aqoon