أكتب إليك سيدي لإبلاغك بالوصول المحتمل لسيدة شابة من هذه الضاحية إلى بلدتكم، تحمل اسم آني هيرون، وهي أرملة وأحد أعضاء أبرشيتي. هذه الشابة تركت منزلها هنا في المنطقة المحيطة بكارستيرز ببلدة هولوواي، وأعتقد أنها تنوي التوجه إلى مدينة والي. ربما تذهب إلى السجن طالبة احتجازها بها؛ لذا أظن أنه من واجبي أن أطلعك بهويتها وقصتها؛ حيث إنني أعرفها.
حضرت إلى هذه المنطقة في نوفمبر العام الماضي، وكنت أول قس على الإطلاق يقدم على ذلك. لا تزال أبرشيتي دغلا في أغلبها، ولم يكن ثمة مكان لي لأمكث به سوى نزل كارستيرز. ولدت في غرب اسكتلندا وحضرت إلى هذا البلد في كنف إرسالية جلاسكو. بعد أن اجتهدت لمعرفة مشيئة الرب، أرشدني الرب إلى الذهاب وإلقاء الوعظ في أي مكان بحاجة ماسة إلى قس. أخبرك بهذا كي يتسنى لك معرفة شخصية من سيسرد لك القصة، ووجهة نظري في شأن هذه المرأة.
حضرت هذه المرأة إلى البلاد في أواخر شتاء العام الماضي كعروس للشاب سايمون هيرون. كان سايمون قد خاطب - عملا بنصيحتي - دار هاوس أوف إندستري بتورونتو ليرشحوا له فتاة مسيحية، تابعة للكنيسة المشيخية على الأفضل، تفي بمتطلباته، وكانت هي الفتاة التي رشحوها له. تزوجها على الفور وأحضرها إلى الكوخ الذي بناه هو وشقيقه. حضر هذان الشابان الصغيران إلى البلاد ليخليا لنفسيهما قطعة أرض من الأشجار ويستحوذان عليها؛ إذ إنهما كانا يتيمين وبلا أي تطلعات. خرجا إلى العمل في أحد الأيام في نهاية الشتاء فوقعت لهما حادثة؛ إذ سقط غصن فوق الأخ الأكبر أثناء قطع شجرة ما؛ مما تسبب في وفاته على الفور. تمكن الشقيق الأصغر من إحضار الجثمان إلى الكوخ، ونظرا لأنهما احتجزاه داخله من جراء العاصفة الثلجية القوية أقاما مراسم الجنازة والدفن.
إن الرب رحيم للغاية، ونحن نتلقى ابتلاءاته كأمارات على عنايته وجوده؛ لأنه سيتبين لنا أنها كذلك بالفعل.
عثر الفتى، بعد أن حرم من عون شقيقه، على مكان له بين عائلة في الجوار؛ وهم أناس ذوو منزلة طيبة في أبرشيتي، قبلوا به كابن لهم، ومع ذلك عمل على اكتساب ملكية أرض خاصة به. أرادت تلك العائلة الاعتناء بالأرملة الشابة أيضا، لكنها لم تقبل عرضهم، وبدا أنه يتنامى لديها شعور بالمقت تجاه جميع الأشخاص الذين يودون مساعدتها، وعلى وجه الخصوص بدت كذلك تجاه شقيق زوجها، الذي قال إنه لم ينشب بينهما أي شجار على الإطلاق من قبل، وتجاهي أنا أيضا. عندما تحدثت إليها، رفضت إبداء أي إجابة أو إعطاء أي أمارة تظهر رضوخها. إنه عيب بشخصي؛ لأنني لست مؤهلا على نحو جيد للحديث مع النساء؛ لا أتمتع بالمرونة التي تخولني كسب ثقتهن، فعنادهن مختلف عن عناد الرجال.
قصدت فقط أن أقول إنني لم أستطع ترك أي تأثير إيجابي عليها. توقفت عن حضور القداس، وعكس تدهور أرضها ومنزلها تدهور حالتها الذهنية والنفسية. لم تزرع البازلاء والبطاطا على الرغم من إعطائها إياها كي تزرعها بين جذول الأشجار، ولم تقطع أوراق العنب البري النامية حول بابها. وفي كثير من الأحيان، لم تشعل النيران بحيث تصنع كعك الشوفان أو العصيدة. وبعد أن أبعد شقيق زوجها، لم يعد ثمة نظام يحكم أيامها. عندما ذهبت لزيارتها كان الباب مفتوحا، وكان واضحا أن الحيوانات كانت تدخل المنزل وتخرج منه. إن كانت بداخله، فإنها كانت تختبئ لتسخر مني. ذكر الناس الذين رأوها أن ثيابها كانت متسخة وممزقة نتيجة لتجولها في الأدغال، وظهر عليها آثار خدوش الأشواك ولدغات البعوض، وتركت شعرها غير ممشط أو معقوص. أظن أنها عاشت على تناول السمك المملح وخبز الشوفان اللذين كانا يتركهما لها الجيران أو شقيق زوجها.
وبينما كنت لا أزال في حيرة من البحث عن سبيل لحماية جسدها خلال فصل الشتاء والتعامل مع الخطر الأهم المحدق بها، انتشر خبر رحيلها. تركت الباب مفتوحا ورحلت دون أن ترتدي عباءة أو قلنسوة، وكتبت فوق أرضية الكوخ بعود محترق كلمتين: «والي، السجن.» فهمت من هذا أنها تنوي الذهاب إلى هناك لتسلم نفسها. لا يرى شقيق زوجها جدوى من ذهابه وراءها بسبب موقفها العدائي منه، وأنا لا أستطيع المغادرة؛ إذ علي الوقوف بجانب شخص يحتضر؛ ومن ثم، أطلب منك إخطاري ما إذا كانت قد وصلت إليكم، وكيف حالها، وكيف ستتعامل معها. لا أزال أعتبرها نفسا أتحمل مسئوليتها، وسأحاول زيارتها قبل الشتاء إذا أبقيتها هناك. إنها ابنة من أبناء الكنيسة الحرة والعهد؛ ومن ثم لها الحق في أن يتعامل معها قس ينتمي لعقيدتها، ويجب ألا تفكر في أنه يكفي إرسال قس من الكنيسة الإنجليزية أو المعمدانية أو الميثودية إليها.
في حال عدم ذهابها إلى السجن وتجولها في الشوارع، يتعين علي أن أخبرك بأنها ذات شعر داكن اللون، وأنها طويلة القامة، وهزيلة القوام. ليست جميلة، ولكنها ليست قبيحة فيما عدا أن لها عينا حولاء. •••
من السيد جيمس مالن؛ كاتب المحكمة، والي، إلى الموقر والتر ماكبين، كارستيرز، نورث هورون، 30 سبتمبر 1852.
وافر التقدير لخطابك الذي وصلني في الوقت المناسب، والمتعلق بالشابة آني هيرون. لقد أكملت رحلتها إلى مدينة والي سالمة ودون أن يلحق بها ضرر بالغ، على الرغم من أنها كانت واهنة وجائعة عندما سلمت نفسها إلى السجن. لدى سؤالها عما فعلته هناك، قالت إنها أتت للاعتراف بارتكابها جريمة قتل، ولكي تودع في السجن. وبعد مشاورات هنا وهناك أرسلت من أجلها، وافقت على ضرورة إبقائها في السجن؛ حيث إن الوقت كان يقترب من منتصف الليل، وفي اليوم التالي زرتها وحصلت على تفاصيل قدر استطاعتي.
Bog aan la aqoon