100

Asraar Macluumaad

أسرار معلنة

Noocyada

يسدل الليل أستاره فجأة في حوالي الساعة السادسة، ولا بد أن تجد ما يشغلها ليلا. لا يوجد تليفزيون بالشقة، لكن ثمة مكتبة على بعد مسافة بسيطة من المحلات تقدم خدمات الاستعارة، وتديرها امرأة عجوز من خارج الغرفة الأمامية لبيتها. ترتدي هذه العجوز شبكة لتثبيت الشعر، وجوارب قطنية رمادية اللون على الرغم من حرارة الجو. (أين يمكننا الآن العثور على مثل هذه الجوارب؟) يبدو من قوامها أنها تعاني سوء التغذية، وشفتاها دقيقتان وشاحبتان ومتجهمتان؛ إنها المرأة التي خطرت على بال جيل عندما كتبت خطاب الرد على ويل نيابة عن كاثرين ثورنابي. وكلما كانت جيل ترى سيدة المكتبة هذه تتخيل وكأنها تحمل هذا الاسم، وهو ما كان يحدث على نحو شبه يومي؛ لأنه كان من غير المسموح به أن يقرأ المرء أكثر من كتاب في كل مرة، وعادة ما كانت جيل تقرأ كتابا كل ليلة. كانت تحدث نفسها بأن هذه هي كاثرين ثورنابي التي توفيت وانتقلت إلى حياة أخرى على بعد بضع بنايات.

كل القصة التي ألفتها عن آل ثورنابي الذين يملكون شعار النبالة وهؤلاء الذين لا يملكونه اقتبستها من كتاب. لم يكن من بين الكتب التي تطالعها جيل حاليا، بل من كتاب قرأته في أيام الصبا. كان بطل القصة ممن لا يملكون شعار النبالة، لكنه كان الوريث الشرعي لممتلكات ضخمة. لم تكن تستطيع تذكر عنوان الكتاب. كانت تعيش آنذاك مع أناس دائما ما يطالعون رواية «شتيبينوولف»، أو رواية «ديون»، أو أعمال كريشنامورتي، وقرأت بتأثر روايات رومانسية تاريخية. لم تكن تعتقد أن ويل قرأ كتابا كهذا أو توصل إلى هذه المعلومة من أي طريق، وهي متأكدة أنه سيرد على خطابها ليعنف كاثرين.

انتظرت وعكفت على مطالعة الكتب المستعارة من المكتبة، والتي يبدو أنها ترجع إلى عصر سابق للروايات الرومانسية التي قرأتها منذ عشرين عاما. بعضها استعارته من المكتبة العامة في وينيبيج قبل أن تغادر البيت. كانت تلك الكتب تبدو عتيقة حتى آنذاك؛ «فتاة ليمبرلوست»، «القلعة الزرقاء»، «ماريا تشابديلين»، تذكرها هذه الكتب بحياتها قبل ويل. ما زالت هذه الحياة موجودة، وبإمكانها أن تنقذ ما يمكن إنقاذه منها إن شاءت. لديها أخت تعيش في وينيبيج، ولديها خالة أيضا تسكن في دار للمسنين ما برحت تطالع كتبا بالروسية. يتحدر جد جيل وجدتها من روسيا، ووالداها ما زال بإمكانهما أن يتحدثا الروسية، واسمها الحقيقي ليس جيل، بل جاليا. عزلت نفسها عن عائلتها - أو ربما عائلتها هي التي نبذتها - عندما غادرت البيت في الثامنة عشرة من عمرها؛ لتهيم على وجهها في البلاد كما كانت عادة المراهقين في تلك الأيام. في البداية برفقة أصدقاء، ثم برفقة عشيق، ثم برفقة عشيق آخر. كانت تصنع الخرز والأوشحة المصبوغة وتبيعها.

عزيزتي الآنسة ثورنابي

أتقدم إليك بخالص الشكر لتفسيرك للفارق المهم بين آل ثورنابي الجديرين بشعار النبالة ومن هم غير جديرين به، وظني أنك تعتقدين بشدة أنني ربما أنتمي إلى الفريق الثاني.

أستميحك عذرا. لست أنتوي الخوض في هذه المنطقة المقدسة، ولا أنتوي ارتداء شعار نبالة آل ثورنابي على قميصي؛ فنحن لا نقيم وزنا لهذه الأشياء في بلدنا، ولم أكن أحسب أنكم تفعلون الشيء نفسه هنا في أستراليا، لكنني أدركت الآن أنني كنت مخطئا.

ربما بلغت من الكبر عتيا فلم تلحظي التغير الذي طرأ على قيمة الأشياء. الأمر مختلف تماما بالنسبة إلي؛ فأنا أعمل في مجال التدريس، وأحمل طوال الوقت على الدخول في نقاشات جدلية مع زوجتي الشابة.

هدفي البريء كان ببساطة أن أتواصل مع شخص في هذا البلد خارج الوسط المسرحي الأكاديمي الذي وجدت نفسي وزوجتي أسيرين له. لدي أم في كندا أشتاق إليها كثيرا، وحقيقة الأمر أن خطابك ذكرني بها بعض الشيء؛ فهي تستطيع أن تكتب خطابا كهذا على سبيل المزاح واللهو، لكنني أشك أنك تمزحين. يبدو لي كنسب كريم.

عندما يشعر ويل بالاستياء والاضطراب بطريقة معينة - طريقة يصعب التنبؤ بها ويصعب على أغلب الناس إدراكها - فإنه يميل إلى التهكم الشديد؛ فهو يعجز عن مواراة تضايقه، ويتخبط فيشعر الناس بالحرج، لا من أنفسهم كما يريد، بل من أجله هو. نادرا ما يحدث ذلك، وعادة عندما يحدث فإن ذلك يكون معناه أن لديه شعورا قويا بعدم تقدير الآخرين له، بل إن ذلك يكون معناه أنه حتى لم يعد يقدر نفسه.

هذا ما حدث إذن. هكذا تعتقد جيل؛ لا بد أن ساندي وأصدقاءها الشباب بثقتهم الشديدة واعتدادهم المحض بأنفسهم يشعرونه بالبؤس. لم يلحظ أحد سرعة بديهته، وبدت الأشياء التي يتحمس لها عتيقة الطراز وعفا عليها الزمان. لم يكن هناك من سبيل ليوحي لنفسه بالانتماء إليهم، وفخره بارتباطه بساندي ينحسر تدريجيا.

Bog aan la aqoon