- 4 - أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم
أسماء الخلفاء المهديين ، والأئمة أمراء المؤمنين | وأسماء الولاة - من قريش ومن بني هاشم - أمور المسلمين وذكر مددهم إلى زماننا وبالله التوفيق
خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
استخلف أبو بكر رضوان الله عليه وبركاته ، يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت مدته في الخلافة عامين وثلاثة أشهر وثمانية أيام . وتوفي في ثمان خلون ( 1 ) من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ، وله ثلاث وستون سنة . وأمه : سلمى ، تكنى بأم الخير ، بنت صخر ( 2 ) بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، مسلمة ، رحمها الله تعالى . وفي أيامه كانت وقعة اليمامة ، ووقعة بصرى ، ووقعة أجنادين ، ووقعة مرج الصفر .
خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
Bogga 137
يكنى أبا حفص ، ولي الخلافة في رجب ( 3 ) سنة ثلاث عشرة حين موت أبي بكر . وقتل في آخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، قتله أبو لؤلؤة ، واسمه فيروز ، عبد المغيرة بن شعبة ، مجوسي ، طعنه حين كبر للصلاة ، صلاة الصبح ؛ فكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر ونصف شهر ، قتل غيلة ، وله ثلاث وستون سنة ، وهو أول من سمي أمير المؤمنين . أمه : حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . وفي أيامه كانت وقعة فحل واليرموك مع الروم ، والقادسية وجلولاء ونهاوند على الفرس ، وبنيت الكوفة والبصرة وفسطاط مصر .
خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه
يكنى أبا عمرو ، وقيل أبا عبد الله ، وولي الخلافة في ذي الحجة ، بعد قتل عمر ، رضي الله عنه ، بثلاث ليال ، وقيل : بل أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين ، وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين . وكانت ولايته اثني عشر عاما كاملة غير عشرة أيام ( 1 ) . وقتله أول خرم دخل في الإسلام ، فإن المسلمين استضيموا في قتله غيلة . واشترك في قتله جماعة ، منهم : كنانة بن بشر التجيبي ، وقتيرة السكوني ( 2 ) ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، وكلهم من أهل مصر . واختلف في سنه ما بين ثلاث ( 3 ) وستين إلى تسعين سنة . وأمه : أروى بنت كرير بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف . وفي أيامه كانت وقعة إفريقية ( 4 ) .
خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه
Bogga 138
يكنى أبا الحسن ، ولي الخلافة يوم قتل عثمان رضي الله عنهما بالمدينة ، فرحل عن المدينة إلى الكوفة فاستقر بها ، وكانت الخلافة قبل ذلك بالمدينة . وتأخر عن بيعته قوم من الصحابة بغير عذر شرعي ( 5 ) ، إذ لا شك في إمامته . وقتل رضي الله عنه بالكوفة غيلة ، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي حين دخل المسجد ، وذلك في رمضان لثلاث بقين منه لسنة أربعين من الهجرة ، وله ثلاث وستون سنة . أمه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، مهاجرة رضوان الله عليها . وفي أيامه كانت وقعة الجمل وصفين ، وعلم الناس منه فيها كيف قتال أهل البغي ، وحديثهما قد اعتنى به ثقات أهل التاريخ ، كأبي جعفر بن جرير وغيره . وقتل أهل النهروان من الخوارج ، ونعم الفتح كان ، أنذر به صلى الله عليه وسلم . وكانت خلافته رضي الله عنه أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام ، واستضيم المسلمون في قتله غيلة ، رضي الله عنه .
خلافة ابنه أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما
يكنى أبا محمد ، ولي الخلافة يوم مات أبوه علي ، وكانت مدة خلافته ستة أشهر ( 1 ) . كره سفك الدماء ، فتخلى عن حقه لمعاوية بن أبي سفيان ، وانخلع ( 2 ) ، وبايع معاوية ، وعاش رضي الله عنه متخليا عن الدنيا إلى أن مات ، سنة ثمان وأربعين . وأمه : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولاية معاوية بن أبي سفيان
Bogga 139
ثم ولي الخلافة - إذ تركها الحسن بن علي بن أبي طالب - معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، يكنى أبا عبد الرحمن . بويع لثلاثة أشهر خلت من سنة إحدى وأربعين ، وكانت مدته عشرين سنة غير سبعة أشهر ، ومات في نصف رجب سنة ستين ، وسنه ثمان ( 3 ) وسبعون ( 4 ) سنة . وأمه : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، مسلمة . رحمها الله تعالى . وفي أيامه حوصرت القسطنطينية ؛ وقتل حجر بن عدي وأصحابه صبرا بظاهر دمشق أيضا ( 1 ) - من الوهن للإسلام أن يقتل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من غير ردة ولا زنى بعد إحصان - ولعائشة في قتلهم كلام محفوظ ( 2 ) . وفي أيامه بنيت القيروان بإفريقية .
ولاية يزيد ابنه
Bogga 140
وبويع يزيد بن معاوية ، إذ مات أبوه ؛ يكنى أبا خالد . وامتنع عن بيعته الحسين ابن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن الزبير بن العوام . فأما الحسين عليه السلام والرحمة فنهض إلى الكوفة فقتل قبل دخولها . وهو ثالثة مصائب الإسلام بعد أمير المؤمنين عثمان ، أو رابعها بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وخرومه ، لأن المسلمين استضيموا في قتله ظلما علانية . وأما عبد الله بن الزبير فاستجار بمكة ، فبقي هنالك إلى أن أغزى يزيد الجيوش إلى المدينة ، حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى مكة ، حرم الله تعالى ، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار يوم الحرة . وهي أيضا أكبر مصائب الإسلام وخرومه ، لأن أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهرا ظلما في الحرب وصبرا . وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر ، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا كان فيه أحد ، حاشا سعيد بن المسيب فإنه لم يفارق المسجد ؛ ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان ، ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله . وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له ، إن شاء باع ، وإن شاء أعتق ؛ وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بقتله فضرب عنقه صبرا . وهتك مسرف أو مجرم الإسلام هتكا ، وأنهب المدينة ثلاثا ، واستخف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومدت الأيدي إليهم وانتهبت دورهم ؛ وانتقل هؤلاء إلى مكة شرفها الله تعالى ، فحوصرت ، ورمي البيت بحجارة المنجنيق ، تولى ذلك الحصين بن نمير السكوني في جيوش أهل الشام ، وذلك لأن مجرم بن عقبة المري ، مات بعد وقعة الحرة بثلاث ليال ، وولي مكانه الحصين بن نمير . وأخذ الله تعالى يزيد أخذ عزيز مقتدر ، فمات بعد الحرة بأقل من ثلاثة أشهر وأزيد من شهرين . وانصرفت الجيوش عن مكة . ومات يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين ، وله نيف وثلاثون سنة ( 1 ) . أمه : ميسون بنت بحدل الكلبية ، وكانت مدته ثلاث سنين وثمانية أشهر وأياما فقط .
ولاية ابنه معاوية بن يزيد
ثم بويع أبو ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية ، فبقي نحو أربعين يوما ، ثم رأى صعوبة الأمر ، وكان رجلا صالحا ، فتبرأ عن الأمر ، وانخلع ، ولزم بيته ، ومات رحمه الله ، إلى أيام ( 2 ) ، نحو أربعين يوما ، وسنه عشرون سنة . أمه : أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف .
ولاية عبد الله بن الزبير بمكة
Bogga 141
بويع له بمكة سنة أربع وستين ، بعد ثلاثة أشهر منها ، وأجمع عليه المسلمون كلهم من إفريقية إلى خراسان ، حاشا شرذمة ابن الأعرابية ( 3 ) بالأردن ، فوجه إليهم رسوله مروان بن الحكم ليأخذ بيعتهم بعد أن بايعه مروان بن الحكم . فلما ورد عليهم خلع الطاعة ، وهو أول ( 4 ) من شق عصا المسلمين بلا تأويل ولا شبهة ، وبايعه أهل الأردن ، وخرج على ابن الزبير ، وقتل النعمان بن بشير ، أول مولود في الإسلام من الأنصار ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بحمص . وخرج المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي ، فقتل بالكوفة ، وادعى النبوة في جهالات توجب أنه كان يعلم نفسه أنه ليس كما يظهر ، وحاله مضبوطة عند علماء التاريخ . ومن جيد ما وقع منه أنه تتبع من ( 5 ) الذين شاركوا في أمر ابن الزهراء الحسين ، فقتل منهم ما أقدره الله عليه ، وفعل أفعالا يعفي فيها على هذه الحسنة . وقتل بالكوفة ممن توهم منه ما يوجب مباينة ما هو عليه ، فهذا كان الغالب عليه . وتغلب مروان على مصر والشام ، ثم مات بعد عشرة أشهر ، فقام مقامه في الخلعان ( 1 ) لعبد الله بن الزبير ، ابنه عبد الملك ، وبقيت فتنته إلى أن قوي أمره ، ووجه عامله الحجاج بن يوسف إلى مكة فحاصرها ، ورمي البيت بحجارة المنجنيق ، وقتل ابن الزبير في المسجد الحرام بمكة سنة ثلاث وسبعين في جمادى الآخرة مقبلا غير مدبر ، مدافعة عن نفسه ، مقاتلا ، فلذلك لم يعرف من قتله ، وله ثلاث وسبعون سنة ، وهو أول مولود ولد في الإسلام . [ وقتله أحد مصائب الإسلام ] ( 2 ) وخرومه ، لأن المسلمين استضيموا بقتله ظلما علانية ، وصلبه ، واستحلال الحرم . وكانت ولايته تسعة أعوام وشهرين ونصف شهر . أمه : أسماء بنت أبي بكر الصديق رضوان الله عليهم .
ولاية عبد الملك بن مروان بن الحكم
هو أبو الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن [ أبي ] ( 3 ) العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، يكنى بأبي الوليد ( 4 ) . ولي إذ قتل ابن الزبير ، وبقي إلى أن مات ، يوم الخميس النصف من شوال سنة ست وثمانين بدمشق . وكانت ولايته ثلاثة عشر عاما وشهرين ونصفا . أمه : عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس ، قتله ( 5 ) النبي صلى الله عليه وسلم صبرا . سنه إذ مات اثنتان وخمسون سنة ( 6 ) .
ولاية الوليد بن عبد الملك
Bogga 142
يكنى بأبي العباس ؛ ولي إ مات أبوه ، وبقي واليا إلى أن مات يوم السبت في النصف من جمادى الأولى سنة خمس وتسعين ، وكانت مدة ولايته تسع سنين وسبعة أشهر ، ومات وله ست وأربعون سنة ( 1 ) . أمه : ولادة بنت العباس بن جزء ( 2 ) بن الحارث بن زهير بن جذيمة العبسي . وفي أيامه فتحت الأندلس ، وما وراء النهر بخراسان والسند .
ولاية سليمان بن عبد الملك
كنيته أبو أيوب ، وسكناه بالرملة من فلسطين ، وكانت سكنى أبيه وأخيه بدمشق . بويع إذ مات أخوه الوليد ، وبقي واليا إلى أن مات يوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين . فكانت ولايته عامين وتسعة أشهر وخمسة أيام . ومدة عمره ، قيل : سبع وثلاثون سنة ( 3 ) ، وهو شقيق الوليد أخيه ؛ وفي أيامه حوصرت القسطنطينية ، وحاصرها أخوه مسلمة ، وسن مسلمة أربع وعشرون سنة .
خلافة عمر بن عبد العزيز
يكنى أبا حفص . وهو عمر بن عبد العزيز ، ولي رحمه الله يوم مات سليمان ، باستخلاف سليمان ، وسكناه بخناصرة من عمل حمص . فأقام واليا إلى أن مات ، رحمه الله ، يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة . وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام ( 4 ) ، ومات وله تسع وثلاثون سنة ، وقيل أربعون سنة كاملة ، رضوان الله عليه ، وهذا أصح لأن مولده ومولد الأعمش وهشام بن عروة كلهم ولدوا سنة إحدى وستين من الهجرة . وفضله أشهر من أن نتكلف ذكره هنا ( 5 ) ، لأن هذا الكتاب بني على ما لا بد من ذكره من الضروري . أمه : أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب .
ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان
Bogga 143
بويع إذ مات عمر بن عبد العزيز ، باستخلاف سليمان له بعد عمر ؛ يكنى أبا خالد . فبقي واليا إلى أن مات ليلة الجمعة لأربع بقين لشعبان سنة خمس ومائة ( 1 ) . وكان سكناه بالبخراء ( 2 ) من عمل حمص ، فكانت ولايته أربعة أعوام وشهرا واحدا . مات وله نحو أربعين سنة . وأمه : عاتكة بنت يزيد بن معاوية .
ولاية هشام بن عبد الملك
بويع إذ مات أخوه يزيد باستخلاف يزيد له ، وكانت سكناه بالرصافة ، على ( 3 ) يوم من الرقة ؛ يكنى أبا الوليد . فبقي واليا إلى أن مات لعشر خلون لربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة ، فكانت ولايته تسع عشرة ( 4 ) سنة وسبعة أشهر غير أيام ، ومات وله اثتان ( 5 ) وخمسون سنة . امه : أم هاشم ( 6 ) بنت [ هشام بن ] ( 7 ) إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك
بويع إذ مات عمه هشام ، باستخلاف يزيد له بعد عمه هشام . فلم يزل واليا إلى أن قتل يوم الخميس لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة . وكان يكنى أبا العباس ، وسكناه في بعض أعمال حمص . وكان فاسقا خليعا ماجنا ، وكانت ولايته سنة واحدة وشهرين ، وقتل وله اثنتان وأربعون سنة ( 8 ) . أمه : بنت محمد بن يوسف ، أخي الحجاج بن سوسف الثقفي .
خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان
Bogga 144
أقام رحمه الله تعالى منكرا للمنكر ، فقتل ابن عمه الوليد بن يزيد ، بما صح من فسقه وكفره . وبويع يزيد فأقام واليا إلى أن مات في ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة ؛ وكانت مدته ستة أشهر ، ومات وله نحو خمس وثلاثين سنة ، وكان فاضلا ؛ يكنى أبا خالد ، وسكناه بدمشق . أمه : شاهفريد ( 1 ) بنت خسروفيروز ملك الفرس بن يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز .
ولاية إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم
بويع إذ مات أخوه . فأقام ثلاثة أشهر مضطرب الحال ، مخالف الأمر ، إلى أن انخلع لمروان بن محمد بن مروان بن الحكم . وبقي حيا إلى أن مات . قيل غرق يوم الزاب ، وقيل مات قبل ذلك . يكنى أبا إسحاق أمه أم ولد لا أعرف اسمها ( 2 ) .
ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم آخر الأمويين من الأعياص
Bogga 145
بويع مروان بن محمد بن مروان بالجزيرة في صفر سنة سبع وعشرين ومائة . فلم يستقر له حال ؛ ولا ثبت في مكان واحد ، واضطربت لديه الأمور بكثرة خروج بني عمه عليه وغيرهم . ويكنى أبا عبد الملك . فلم يبقى إلى أن قتل ببوصير من أرض مصر ، وهو يقاتل إلى أن سقط ميتا ، ، فلم يسمع نفسه ، يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وتولى قتله عامر بن إسماعيل المسلي ( 3 ) من أهل خراسان . فكانت ولايته خمس سنين وشهرا ، وله ست وتسعون سنة . واختلف في أمه : فقيل أم ولد ، وقيل من بني جعدة من بني عامر بن صعصعة . وانقطعت ( 4 ) دولة بني أمية ، وكانت دولة عربية ، لم يتخذوا قاعدة ( 5 ) ، إنما كان سكنى كل امرئ ( 1 ) منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة ، ولا أكثروا احتجان الأموال ، ولا بناء القصور ، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل ولا التسويد ( 2 ) ، ويكاتبوهم بالعبودية والملك ، ولا تقبيل الأرض ولا رجل ولايد ، وإنما كان غرضهم الطاعة الصحيحة من التولية ( 3 ) والعزل في أقاصي البلاد ( 4 ) ، فكانوا يعزلون العمال ، ويولون الأخر ، في الأندلس ، وفي السند ، وفي خراسان ، وفي إرمينية ، وفي اليمن ( 5 ) ، فما بين هذه البلاد ( 6 ) . [ وبعثوا إليها الجيوش ، وولوا عليها من ارتضوا من العمال وملكوا أكثر الدنيا ، فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض ، إلى أن تغلب عليهم بنو العباس بالمشرق ، وانقطع به ملكهم ، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس ، وملكها هو وبنوه ، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة ، فلم يك في دول الإسلام أنبل منها ، ولا أكثر نصرا على أهل الشرك ، ولا أجمع لخلال الخير ، وبهدمها انهدمت الأندلس إلى الآن ، وذهب بهاء الدنيا بذهابها ] . وانتقل ( 7 ) الأمر [ بالمشرق ] إلى بني العباس بن عبد المطلب رضوان الله عليه ، وكانت دولتهم أعجمية ، سقطت فيها دواوين العرب ، وغلب عجم خراسان على الأمر ، وعاد الأمر ملكا عضوضا محققا ( 8 ) كسرويا ، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة ، رضوان الله عليهم ، بخلاف ما كان بنو أمية يستعملون من لعن علي ( 9 ) ابن أبي طالب رضوان الله عليه ( 10 ) ، ولعن بنيه الطاهرين من بني الزهراء ؛ وكلهم كان على هذا حاشا عمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد رحمهما الله تعالى فإنهما لم يستجيزا ذلك . وافترقت في ولاية بني العباس ( 1 ) كلمة المسلمين ، فخرج عنهم من منقطع الزابين دون إفريقية إلى البحر المحيط وبلاد السودان ، فتغلب في هذه البلاد طوائف من الخوارج وجماعية وشيعة ومعتزلة من ولد إدريس وسليمان ابني ( 2 ) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، ظهروا ( 3 ) في نواحي بلاد البربر ، ومنهم من ولد معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، تغلبوا على الأندلس ، وكثير من غيرهم . وأيضا في خلال هذه الأمور تغلب الكفرة على نصف الأندلس وعلى نحو نصف السند [ فأما ما لم يملكه العباسيون فهو ما وراء الزاب من بلاد المغرب وتلمسان وأنظارها ، فوليها محمد بن سليمان الحسني ، وفاس وأنظارها كان فيها شيعة ثم آل ملكها إلى إدريس ، وأما تامسنا ففيها أولاد صالح بن طريف على ضلالتهم ، وأما سجلماسة فنزلها رئيس الصفرية . هذه هي البلاد المتفق عليها ، وأما المختلف فيها فإفريقية قيل أنه كان فيها عبد الرحمن بن حبيب ثائرا ، وفي الأندلس يوسف بن عبد الرحمن الفهري ] .
ولاية أبي العباس السفاح (4)
Bogga 147
فكانت ولاية أبي العباس السفاح ، وهو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس في الكوفة في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وسكن الأنبار واليا إلى أن مات في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ، ومات وله ثلاثون سنة ، فكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر . وأمه : ريطة بنت عبيد [ الله ] ( 5 ) بن عبد الله بن عبد المدان الحارثية ، من بني الحارث بن كعب ، كانت قبله ( 6 ) تحت الحجاج بن عبد الملك بن مروان ، فولدت له عبد العزيز بن الحجاج ، وكان أخا أبي العباس لأمه ، ثم خلف عليها بعد أخوه عبد الله بن عبد الملك بن مروان ، فولدت له ابنة أدركت ولاية أبي العباس وكان يكرمها . وفي ولاية أبي العباس استعرض ( 1 ) ابن أخيه إبراهيم ( 2 ) أهل الموصل في الجامع إلى أن كسروا المقصورة ، وأخذوا العيدان ، وصدموا الجند ، فأخرجوهم ( 3 ) ، فنجوا ؛ وكان منهم ابن زريق جد صدقة الأزدي .
ولاية المنصور أبي جعفر
وولي بعد السفاح أخوه : المنصور ، وهو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ؛ بويع إذ مات أخوه ، وهو بنى بغداد ، وجعلها قاعدة ملكهم ، وبقي واليا إلى أن مات في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة ، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة ، مات متوجها إلى الحج ، ودفن ببئر بقرب مكة ، وله ثلاث وستون سنة . أمه : أم ولد نفزية ( 4 ) ، وقيل صنهاجية .
ولاية المهدي
Bogga 148
المهدي لقبه ، واسمه محمد . وولي بعد المنصور ابنه : أبو عبد الله محمد بن عبد الله ، فلم يزل واليا إلى أن مات سنة تسع وستين ومائة ، فكانت ولايته عشر سنين وأشهرا ( 5 ) ، إذ مات وله ثلاث وأربعون سنة بعيساباذ ( 6 ) . أمه : أم موسى بنت منصور الحميري ، كانت من أهل قيروان إفريقية ، فتزوجها هنالك فتى من ولد عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، كان خليعا متخلعا ، فولدت له ابنة . وكان لها زوج قبله خياط ولدت منه ولدا ( 7 ) ، وبلغ ذلك قومها ، فنهض أبو جعفر المنصور بنفسه ، وذلك في خلافة هشام بن عبد الملك ، فدخل القيروان ووجد الخياط قد مات أو طلقها ، فتزوجها أبو جعفر وأتى بها ، فلما صارت الخلافة إليه سموا ابن ذلك الخياط : طيفور ، وقالوا : هو مولى المهدي ، وإنما كان أخاه لأمه ، وهو جد عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر مؤلف ' أخبار بغداد ' ( 1 ) .
ولاية الهادي
وولي بعد المهدي ابنه : أبو محمد موسى بن محمد ، فلم يزل واليا إلى أن مات بموساباذ سنة سبعين ومائة ؛ وكانت ولايته عاما واحدا وشهرين ، وله أربع وعشرون سنة وأشهر . وأمه أم ولد ، اسمها : الخيزران .
ولاية الرشيد
وولي بعد الهادي أخوه : أبو جعفر هارون بن محمد ، فلم يزل واليا إلى أن مات بطوس من خراسان ، وهنالك قبره . وكان يحج عاما ويغزو عاما ، وهو آخر خليفة حج في خلافته ، وحج من بعده كثير من قبل ولايتهم . وقد سكن الرقة والحيرة ، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة . وكانت مدة ولايته ثلاثا وعشرين سنة وشهرا ، ومات وله ست وأربعون سنة ؛ وهو شقيق أخيه موسى .
ولاية الأمين
وولي بعد الرشيد ابنه : أبو عبد الله محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي ، فأقام واليا إلى أن قتيل سنة ثمان وتسعين ومائة ، أمر أخوه المأمون طاهر بن الحسين قائده ( 2 ) - حين وجهه إلى حربه - بقتله ، فقتل صبرا محمدا الأمين ، وكانت ولايته أربع سنين وأشهرا ، ومات وله سبع وعشرون سنة . وأمه : زبيدة ، واسمها أم جعفر بنت جعفر الأكبر بن أبي جعفر المنصور .
ولاية المأمون
Bogga 149
وولي بعد الأمين أخوه : أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي ، فلم يزل واليا إلى أن مات غازيا بأرض الروم ، وقبره بطرطوس ، وكانت ولايته عشرين سنة وأشهرا ، ومات وله ثمان وأربعون سنة ، وكانت وفاته سنة ثماني عشرة ومائتين يوم الخميس ، في نصف رجب ، وكان يرى حب آل البيت ، ولا يعطي من أعرض عنهم ، أو عرضهم ( 1 ) ، رخصة ، فقيل : كان يتشيع . أمه أم ولد ، اسمها : مراجل ، بادغيسية خراسانية تركية . وفي أيامه افتتح المسلمون صقلية وإقريطش .
ولاية المعتصم
وولي بعد المأمون أخوه : أبو إسحاق محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله ، فرحل عن بغداد ، واتخذ سر من رأى قاعدة ، وأضعف أمور الخراسانية جند آبائه ، واستظهر بالأتراك ، فأتى بهم واتخذهم جندا ( 2 ) ، فبطلت دولة الإسلام ، وابتدأ ارتفاع عمود الفساد حينئذ ، وكانت له مع ذلك فتوحات عظيمة الغناء في الإسلام ، منها : قتل بابك الخرمي ، وقد ظهر بآذربيجان معلنا بدين المجوسية ، وبقي نحو عشرين عاما يهزم الجيوش السلطانية ، ويضع سيفه في الإسلام . ومنها قتله المازيار المجوسي صاحب جبال طبرستان ، وفتح طبرستان . وكان هنالك أيضا معلنا بدين المجوسية . ومنها قتله المحمرة ( 3 ) بالجبل ، وقد قاموا أيضا بدين المجوسية . وهو آخر خليفة غزا أرض الكفر بنفسه . وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب . وكان يذهب مذهب الاعتزال . وكانت ولايته ثمانية أعوام وثمانية أشهر وثمانية أيام ؛ ومات وله ثمان وأربعون سنة ؛ وذلك سنة سبع وعشرين ومائتين في ربيع الأول . أمه أم ولد ، اسمها : ماردة ، كوفية ، مولدة .
Bogga 150
ولاية الواثق
وولي بعد المعتصم : أبو جعفر هارون بن محمد بن هارون بن عبد الله ، فبقي واليا إلى أن مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين . وكانت ولايته خمس سنين وثمانية أشهر ، وله إذ مات ست وثلاثون سنة وأشهر ، وكان يذهب مذهب الاعتزال . أمه أم ولد ، اسمها : قراطيس ، رومية .
ولاية المتوكل
وولي بعد الواثق أخوه : أبو الفضل جعفر بن محمد بن هارون بن محمد ، فأقام واليا إلى أن قتل ليلة الأربعاء لأربع خلون لشوال سنة سبع ( 1 ) وأربعين ومائتين . تولى قتله باغر ( 2 ) ويجن التركيان ( 3 ) ، غدرا في مجلسه ، بأمر ابنه المنتصر ، كانت ولايته خمسة عشر عاما ، غير شهرين ، وقتل وهو ابن اثنتين وأربعين عاما . أمه أم ولد ، اسمها : تركية .
ولاية المنتصر
وولي بعد المتوكل ابنه : أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد ، وهو الذي دس على قتل أبيه ، فأقام واليا إلى أن مات لخمس خلون لربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائتين . وكانت ولايته ستة أشهر . وكانت مدة عمره خمسا وعشرين سنة ، وكان يتشيع . أمه أم ولد ، اسمها : حبشية ، رومية . وقيل إنما قتل والده لما كان يراه منه ويسمعه من تنقص آل البيت ، وما يسمعه من جلسائه ، كعلي بن الجهم ومن نحا نحوه . وقد كان الرشيد يميل إلى ما يميل إليه المتوكل لكن بغير إفراط ، فقد مدح الرشيد وتنقص أهل البيت في أثناء مدحه بما لا يرضاه ، فكان سببا لحرمان ذلك الشاعر ولطرده ، ولم يكن المتوكل يكره المبالغة في تنقص أهل البيت .
Bogga 151
ولاية المستعين
وولي بعد المنتصر ابن عمه لحا : أبو العباس أحمد بن محمد المعتصم ، فأقام واليا مخلوعا إلى أن قتل في شوال من العام المؤرخ ( 1 ) . أمر بقتله المعتز ، فقتل صبرا ، وكان عمره ستا وثلاثين سنة ، وقيل اثنتين وثلاثين سنة . أمه مخارق ، قيل أم ولد ، وقيل إنها بنت عبيد ( 2 ) من أهل دوسرة ( 3 ) قرية بالموصل .
ولاية المعتز
وولي بعد المستعين ابن عمه لحا : أبو عبد الله الزبير بن جعفر المتوكل ، فأقام واليا ، إلى أن قتل في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين . أدخل في حمام وسد عليه بابه حتى مات . أمر بذلك صالح بن وصيف التركي متولي خلعه . وفي أيامه ابتدأ ظهور المتغلبين في أطراف البلاد ، فكانت مدته منذ خلع المستعين إلى أن خلع هو أربع سنين غير خمسة أشهر ( 4 ) ، وكان عمره خمسا وعشرين سنة غير شهر ( 5 ) ، ولم يحج قط . أمه أم ولد ، اسمها : قبيحة ، صقلية .
خلافة المهتدي رضي الله عنه
وولي بعد المعتز ابن عمه لحا : أبو عبد الله محمد بن هارون الواثق ، وكان رحمه الله تعالى إمام عدل ( 6 ) ، فأقام واليا إلى أن قتل في نصف رجب سنة ست وخمسين ومائتين ؛ فقام عليه موسى بن بغا ، فحاربه ، فأصابت المهتدي جراحات ، ثم أخذ فقتل ( 7 ) ، فكانت مدته في الخلافة أحد عشر شهرا ، وعمره سبع وثلاثون سنة . أمه أم ولد ، اسمها : قرب .
Bogga 152
ولاية المعتمد
وولي بعد المهتدي ابن عمه لحا : أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل ، فأقام واليا إلى أن مات ، فكانت ولايته ثلاثا وعشرين سنة ، ومات لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين ، وله خمسون سنة . أمه أم ولد ، اسمها : فتيان ( 1 ) . وفي أيامه قتل أخوه أبو أحمد الموفق صاحب الزنج القائم بهدم الإسلام . والمعتمد أول خليفة تغلب عليه ، ولم ينفذ له أمر ولا نهي ( 2 ) . ولم يكن بيده من أمر الخلافة إلا الاسم فقط ( 3 ) .
ولاية المعتضد
وولي بعد المعتمد ابن أخيه : أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن طلحة بن المتوكل ، فأقام واليا إلى أن مات لسبع بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين ، فكانت ولايته عشر سنين غير شهرين وأيام ، ومات وله ست وأربعون سنة ( 4 ) ، وكان يتشيع ، ورجع إلى بغداد وسكنها ، ولم يحج قط ، لا هو ولا أحد بعده من الخلفاء إلى زماننا إلى أن نقطع عنده إن شاء الله تعالى التأليف عند آخرهم . أمه أم ولد ، اسمها : ضرار . وفي أيامه ظهرت دعوة الكفر بقرامطة البحرين ، وفي بلاد إفريقية وباليمن ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ولاية المكتفي
Bogga 153
وولي بعد المعتضد ابنه : أبو محمد علي بن أحمد ؛ فأقام واليا إلى أن مات عشية يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت لذي القعدة سنة أربع وتسعين ومائتين . وكانت مدة ولايته خمس سنين وسبعة أشهر وأياما ( 1 ) ، ومات وله ثلاث وثلاثون سنة ، وكان يتشيع . أمه أم ولد ، اسمها : جيجك ( 2 ) .
ولاية المقتدر
وولي بعد المكتفي أخوه : أبو الفضل جعفر بن أحمد ، وله أربع عشرة سنة ( 3 ) ، ولم يل إمرة المؤمنين أحد إلى يومنا هذا أصغر منه . وفي ايامه فسدت الخلافة ، ورقت أمور المسلمين ، وظهرت غالية الروافض الكفرة ، فغلبوا على كثير من البلاد ، وتسموا بإمرة المؤمنين ، وسلك سبيلهم في ذلك من تغلب على الأندلس من ولد هشام بن عبد الملك بن مروان ، وسلك سبيلهم في زماننا من تغلب على بعض الجهات من ولد أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما ، واختل النظام جملة . فلم يزل واليا إلى أن قتل في شوال سنة عشرين وثلاثمائة ، يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال في حرب مؤنس الخادم ، إذ قام عليه ، وسنه ثمان وثلاثون سنة وأشهر . وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة غير شهرين . | أمه أم ولد ، اسمها : شغب ( 4 ) . وفي أيامه ملك الروافض الغالية إفريقية كلها ، وغلب القرامطة الكفرة على مكة ، وقلعوا الحجر الأسود . وقتل الناس في الطواف ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولاية القاهر
Bogga 154
وولي المقتدر أخوه : أبو منصور محمد بن أحمد ، فأقام واليا إلى أن خلع وسملت عيناه ، يوم الأربعاء لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين ( 5 ) وعشرين وثلاثمائة ، فكانت ولايته عاما واحدا وستة أشهر ، ثم عاش خاملا مضاعا فقيرا ، إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وله ثمان وخمسون سنة . وأمه أم ولد ، اسمها : قتول ( 1 ) .
ولاية الراضي
وولي بعد القاهر ابن أخيه : أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر ، فأقام واليا إلى أن مات ليلة السبت النصف من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وكانت ولايته سبع سنين غير شهر واثنين وعشرين يوما ( 2 ) ، وكانت سنه إذ مات إحدى وثلاثين سنة وشهورا . أمه أم ولد ، اسمها : ظلوم . وفي أيامه كثر المتغلبون ( 3 ) ، فتغلب على كل ناحية متغلب ، وتغلب عليه وعلى من بعده من الخلفاء ، وفسد الأمر إلى هلم جرا .
ولاية المتقي
وولي بعد الراضي أخوه : أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر ، المتقي ، فأقام واليا إلى أن انخلع ، وسملت عيناه ، لسبع بقين من صفر ، سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ، أمر بذلك توزون التركي إذ قام عليه ، فكانت ولايته أربع سنين غير شهر . وكان رجلا صالحا إلا أنه لم يتمكن من ولاية الأمور ، وعاش مخلوعا إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة . وسنه إذ مات سبع واربعون سنة . وأمه أم ولد ، اسمها : خلوب .
ولاية المستكفي
Bogga 155
وولي بعد المتقي ابن عمه لحا : أبو القاسم عبد الله بن علي المستكفي . فأقام واليا إلى أن خلع وسملت عيناه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، بأمر أحمد ابن بويه الديلمي الأقطع ( 4 ) ، إذ دخل بغداد وتغلب على الخلافة . وكانت ولايته سبعة عشر شهرا ، وعاش مخلوعا إلى أن مات سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، وسنه إذ مات إحدى وخمسون سنة وشهور . أمه أم ولد ، اسمها : غصن .
ولاية المطيع
وولي بعد المستكفي ابن عمه لحا : أبو القاسم بن جعفر المقتدر . فأقام واليا إلى أن فلج ، وتخلى لابنه عن الأمر طائعا غير مكره ( 1 ) ، يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت لذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة . وكانت ولايته تسعا وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفا ، وسنه إذ مات أربع وستون سنة ، وعاش في ولايته مضطهدا ليس له من الأمر شيء إلا الاسم . وأمه أم ولد ، اسمها : مشغلة . وفي ايامه ضعفت الخلافة ووهت ، وغلبت الديالم على بغداد ، وغالية الروافض في مصر والشام كلها ومكة والمدينة ، وغلب الروم على إقريطش والثغور الشامية وبعض الجزيرة ، وردت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه من الكعبة .
ولاية الطائع
وولي بعد المطيع ابنه : أبو بكر عبد الكريم ، فأقام واليا إلى أن خلع سة ثمانين وثلثمائة . وكانت ولايته ستة عشر عاما وأشهرا ، وعاش بعد ذلك مخلوعا مسمولا إلى أن مات سنة أربعمائة ( 2 ) ، وتولى خلعه وسمله خسرو فيروز ( 3 ) بن فناخسرو بن الحسن بن بويه الديلمي ( 4 ) .
ولاية القادر
Bogga 156
ثم تولى بعد الطائع ابن عمه لحا : أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر ، فأقام واليا إلى أن مات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة ( 5 ) ، ولم يبلغ أحد من الخلفاء في الإسلام مدته في إمرة المؤمنين ، ولا طول عمره ، لأن ولايته اتصلت ثلاثا وأربعين سنة ، ومات وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ، لأن مولده كان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة .
ولاية القائم بالله عبد الله بن القادر بالله
تولى بعد القادر بالله : أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله ، فهو أمير المؤمنين اليوم ( 1 ) . ونسأل الله تعالى بمنه أن يوزع المسلمين أميرا رشيدا يعز به وليه ، ويذل به عدوه ، ويعلي به كلمة الإسلام ، ويسفل كلمة من ناوأه من سائر الأديان ، ويظهر معه العدل ، وحكم الكتاب والسنة ، آمين ، آمين . آمين رب العالمين . قد أعان الله تعالى على استيفاء الغرض في كتابنا هذا ، فله الحمد واصبا عدد خلقه ، ورضى نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته . وهو المستغفر من الزلل ، والمرجو للرحمة والقبول . لا إله إلا هو ، رب كل شيء ومليكه ، الأحد الأول الحق . وصلى الله على سيدنا محمد خيرة الله تعالى من خلقه ، وعلى آله وصحبه وعترته ، ورضي الله عن صحابته ، وسلم تسليما . وكان الفراغ منه في العشر الأخير من شهر صفر سنة 776 ست وسبعين وسبعمائة . صفحة فارغة
Bogga 157