Hubka Nukliyeerka: Hordhac Gaaban
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
الفصل السابع
الأسلحة النووية في عصر الإرهاب
نختتم تحليلنا للأسلحة النووية بسؤال بسيط ظاهريا: هل يجعل انتشار الأسلحة النووية العالم أكثر أمنا أم أكثر خطرا؟ أغلب الناس عادة ما يجيبون بالإجابة الغريزية على هذا السؤال: بالطبع يتسبب انتشار الأسلحة النووية في جعل العالم أكثر خطرا. وكيف يمكن ألا يكون الحال كذلك؟! ولهذا قد يبدو من المفاجئ ألا يتفق جميع المحللين النوويين على تلك الإجابة، وأن يظل النقاش مفتوحا دون حسم. وشأن العديد من القضايا المرتبطة بالأسلحة النووية، ينبني النقاش بالأساس على تخمينات وعلى خبرات تاريخية مبهمة؛ فالأسلحة النووية تظل خيارا جذابا في أعين الدول غير الآمنة أو الدول الطموحة. وفي الصراعات الإقليمية كما الحال في شبه القارة الهندية وشرق آسيا والشرق الأوسط، لا يزال للقنبلة تأثير بالغ. وبغض النظر عما قد يقوله المرء خلاف ذلك - وعلى الأرجح قيل كل شيء بالفعل بشأن الاستراتيجية النووية الخاصة بالعقود الستة الماضية - فإن تمتع الدولة بالقوة النووية يمنحها مكانة ونفوذا استثنائيين. لا تزال الدول التسع الأعضاء بالنادي النووي حاليا تملك نحو 27 ألف سلاح نووي عامل من مختلف الأنواع، كما أن ما لا يقل عن خمس عشرة دولة تملك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لبناء سلاح نووي.
منذ عام 1945، العديد من الأصوات المؤثرة تعبر عن قلقها من أن انتشار الأسلحة النووية سيؤدي لا محالة إلى دمار العالم، وإلى الآن لم تثبت صحة هذا التنبؤ. لكن هل يرجع هذا إلى الجهود الفعالة المبذولة لمنع انتشار الأسلحة النووية أم أنه راجع ببساطة - حسب كلمات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق دين أتشيسون التي قالها في أعقاب الأزمة الكوبية - إلى «الحظ الأعمى وحسب»؟
تظل قضية الانتشار النووي قضية ملحة ليس فقط بسبب خطر امتلاك التنظيمات الإرهابية لأسلحة نووية، وإنما أيضا لأن انتشار الأسلحة النووية يعني بالضرورة انتشار حالات الردع النووي؛ فالأسلحة النووية لطالما كانت ذات أثر مضاعف للقوة؛ إذ إنها قادرة على تعويض الفوارق في القوة العسكرية التقليدية. من قبيل المفارقة إذن أن يغري التفوق الكاسح للولايات المتحدة في القوة العسكرية والبراعة التكنولوجية الدول الأخرى لمحاولة الحصول على القنبلة كوسيلة للتأثير على - أو حتى ردع - مبادرات السياسة الخارجية الأمريكية. وقد نقل عن أحد القادة العسكريين الهنود قوله إن الدرس المستفاد من حرب الخليج الأولى هو أنك لا تستطيع محاربة الولايات المتحدة دون أن تملك القنبلة النووية، كما أن غزو عام 2003 للعراق يوضح بجلاء القوة الحامية للترسانة النووية. ليس هذا بتطور جديد، بل هو في واقع الأمر درس شغل اهتمام صناع السياسة الأمريكيين لوقت طويل، وهي قضية ليس من المرجح أن يكون لها حل بسيط. وقد أوضح ليس أسبن - وزير الدفاع في إدارة كلينتون - المشكلة في ديسمبر 1993 قائلا:
خلال الحرب الباردة، كان عدونا الأساسي يملك في أوروبا قوة تقليدية متفوقة عدديا بدرجة كبيرة، وبالنسبة لنا كانت الأسلحة النووية السبيل لمعادلة تلك القوة. كان التهديد باستخدام هذه الأسلحة حاضرا، وقد استخدم التهديد سبيلا لتعويض قلة أعداد قواتنا التقليدية مقارنة بالعدو، واليوم لا تزال الأسلحة النووية وسيلة لتعويض الفارق الكبير في القوة التقليدية. لكن اليوم صارت الولايات المتحدة هي الدولة صاحبة القوة العسكرية التقليدية التي لا تناهز، وصار أعداؤنا المحتملون هم من يسعون لامتلاك الأسلحة النووية.
ومن ثم فقد خلص أسبن إلى أن الولايات المتحدة قد ينتهي بها الحال وهي في موقف تكافؤ. ومن الأمثلة التاريخية على ذلك ما حدث حين أقر جون إف كينيدي في بدايات أزمة الصواريخ الكوبية بأن حتى العدد الصغير من الأسلحة النووية بإمكانه أن يردع أقوى الدول.
يدور عنصر رئيسي من عناصر النقاش الخاص بالانتشار النووي حول الفعالية المدركة للردع النووي. ويذهب مؤيدو الانتشار النووي إلى أنه لو عمل الردع على نحو يعتمد عليه، فمن المفترض ألا يتسبب انتشار الأسلحة النووية في مخاوف كبيرة. أما معارضو الانتشار النووي فيذهبون إلى أنه لو لم يعمل الردع النووي على نحو يعتمد عليه، فلن تؤدي زيادة أعداد الدول المالكة للأسلحة النووية إلى تعقيد المشهد على الساحة الدولية وحسب، بل إلى جعله أكثر خطرا أيضا.
ذهب بعض المحللين - على نحو مقنع - إلى أن الخوف من الانتشار النووي - بمعنى انتشار الأسلحة النووية - جرى المبالغة فيه كثيرا. بل ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك ويرون أن الانتشار النووي قد يزيد في حقيقة الأمر من الأمن العالمي. وهذه الحجة تنطبق فقط على الأسلحة النووية، ولا تنطبق على الأنواع الأخرى مما يطلق عليها أسلحة الدمار الشامل؛ كالأسلحة الكيميائية والبيولوجية. فالأسلحة النووية - حسبما يذهب أصحاب هذا الرأي - تتسبب في دمار بالغ للغاية لدرجة أن استخدامها سيكون مقامرة كبيرة، وسيكون من قبيل الجنون أن تطلق دولة سلاحا نوويا ضد دولة نووية أخرى معادية. بعبارة أخرى، الدول النووية تعلم جيدا أنه حري بها ألا تخوض حروبا مع بعضها البعض. وقد طرحت الحجة التي تقضي بأن الانتشار النووي لا يمثل تهديدا خطيرا لتبرير التوسع الأفقي - أي امتلاك دول أخرى لأسلحة نووية - والتوسع الرأسي؛ أي زيادة ما تملكه الدولة من الأسلحة النووية. وقد ذكر مايكل ماندلباوم منذ نحو خمسة وعشرين عاما أنه «منذ عام 1945، كلما زاد ما يملكه كل طرف من الأسلحة النووية، قل إجمالا احتمال استخدام أي طرف لهذه الأسلحة.» وقد ذهب آخرون إلى الرأي عينه، ومنهم على سبيل المثال كينيث والتز الذي يرى أن الأسلحة النووية تحافظ على «سلام غير مثالي» في القارة الهندية بين الهند وباكستان. وردا على التقارير التي تفيد بأن جميع سيناريوهات الحرب التي وضعها البنتاجون بشأن الهند وباكستان تنتهي على الدوام بتبادل للقصف النووي، قال والتز: «هل نسي جميع من في ذلك المبنى أن الردع ينجح تحديدا؛ لأن الدول النووية تخشى أن تتصاعد الاشتباكات العسكرية التقليدية إلى المستوى النووي، ومن ثم فإنها تتراجع قبل فوات الأوان؟!»
خضعت هذه الفكرة لنقاش متكرر خلال حقبة الحرب الباردة. وقد ذكر الجنرال بيير جالو - المخطط الاستراتيجي العسكري - عام 1960 أن الطريق نحو المزيد من الاستقرار يكمن في زيادة الانتشار النووي. وقد قال: «قلة قليلة من الناس هم من يتفهمون أن تمتع الأسلحة الجديدة بقوة مدمرة تفوق كل تصور هو تحديدا السبب وراء أنها تفرض استقرارا أكثر رسوخا مما عرفه العالم من قبل. كما أنه ليس من اليسير أن تجعل الناس يدركون أنه كلما زادت الأسلحة الانتقامية التي يملكها الجانبان عددا وترهيبا، يصير السلام مؤكدا بشكل أكبر ... وأن الحد من الأسلحة النووية إنما هو في الواقع أكثر خطورة بكثير من انتشاره.» قدم جالو هذه الحجة في سياق تبرير القنبلة الفرنسية وزيادة القدرات النووية لحلف شمال الأطلسي. واختتم جالو بقوله: «هذا هو واقع الحال في زماننا.»
Bog aan la aqoon