الفصل الحادي عشر
شر الأخلاق المراء
أي شيء يكون أقبح مرأى
من صديق يكون ذا وجهين؟
من ورائي يكون مثل عدوي
وهو إذ يراني يقبل عيني
فخرج عزيز وترك الباشا يفكر فيما سمعه عن ابنته، وقد وجه انتباهه من ذلك الحين إلى مراقبتها وهو لا يزال واثقا بتعقلها وعفافها، فلم يمنعها شيئا مما اعتادت عليه من ضروب المعيشة والذهاب والإياب، ولكنه صار يلاحظ أميالها عندما تسنح له الفرص، على أن اهتمامه الأعظم كان منصرفا إلى ما أمله من الكسب إذا تولى الوصاية على أموال عزيز.
وحينما كان عزيز عند الباشا يكلمه بشأن ابنته كان بخيت واقفا عند الباب، فسمع كل ما دار بينهما، فبادر قبل خروج عزيز واختلى بشفيق يقص عليه حكاية صديقه بسرعة؛ خوفا من أن يدركهما عزيز، وعند نهاية الخبر قال: لا بد لنا من تأجيل اجتماعك بسيدتي ريثما تذهب الشبهة عنها.
فبهت شفيق لما سمع من كلام بخيت ، ولكنه لم يقطع بأن عزيزا اجتمع مع الباشا قصد السعاية أو التفريق بينهما؛ لما كان وعده به من المساعدة عند عودهما من الجزيرة، فصبر نفسه ريثما يتحقق الخبر.
أما عزيز فخرج من خلوة الباشا توا إلى خلوة شفيق، فلم يره فيها، فبحث عنه حتى لمحه منفردا ببخيت، فتغاضى عنهما حتى افترقا، ثم سار إلى شفيق وهو يظهر الخجل. ولعلمه أن بخيتا أطلعه على كل ما دار بينه وبين الباشا، بادره قائلا: اعذرني يا عزيزي؛ فقد أطلت الغياب عليك. أما إذا أطلعتك على ما فعلته، فإنك تعذرني. وأراد بذلك أن يرفع الشبهة عنه. ثم قال: وما هو الوقت الآن؟ فقال: نحن في منتصف الليل، وقد انقضى التمثيل وارفض الجمهور؛ فهيا بنا.
Bog aan la aqoon