Ashhar Khutab Wa Mashahir Khutaba
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Noocyada
في أواخر الدولة الأموية خرج عبد الله بن يحيى وكان من حضرموت فأنكر طاعة خلفاء بني أمية؛ «لأنه رأى جورا ظاهرا وعسفا شديدا وسيرة في الناس قبيحة.» فدعا الناس إلى مبايعته، فبايعوه. وكان من أشد أنصاره رجل يدعى أبا حمزة. فجيش الجيوش وفتح مكة والمدينة. وفتح أبو حمزة المدينة في سنة 130ه، وخطب أهلها الخطبة التالية:
يا أهل المدينة سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فأسأتم - لعمر الله - فيهم القول. وسألناكم: هل يقتلون بالظن؟ فقلتم: نعم. وسألناكم: هل يستحلون المال الحرام والفرج الحرام؟ فقلتم: نعم. فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم، فنناشدهم الله أن يتنحوا عنا وعنكم ليختار المسلمون لأنفسهم، فقلتم: لا تفعلون. فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم نلقاهم، فإن نظهر نحن وأنتم نأت بمن يقيم فينا كتاب الله وسنة نبيه وإن نظفر نعدل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم، ونقسم فيئكم بينكم. فإن أبيتم وقاتلتمونا دونهم قاتلناكم. فأبعدكم الله وأسحقكم يا أهل المدينة! مررت بكم في أزمان الأحول هشام بن عبد الملك وقد أصابتكم عاهة في ثماركم فركبتم إليه تسألونه أن يضع خراجكم عنكم، فكتب بوضعها عنكم؛ فزاد الغني غنى وزاد الفقير فقرا. فقلتم: جزاكم الله خيرا. فلا جزاه الله خيرا ولا جزاكم.
خطبة أخرى لأبي حمزة
خطب هذه الخطبة في أهل المدينة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أتعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا ولا عبثا ولا لهوا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا ثأر قديم نيل منا. ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت، وعنف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت. وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله، ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الأرض، فأقبلنا من قبائل شتى، النفر منا على بعير واحد عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافا واحدا، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، وأصبحنا والله بنعمته إخوانا، ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم مروان وآل مروان. شتان لعمر الله ما بين الغي والرشد، ثم أقبلوا يهرعون ويزفون، قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه وغلت بدمائهم مراجله، وصدق عليهم ظنه. وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون، وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا مروان وآل مروان يسحقكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ويشف صدور قوم مؤمنين. يا أهل المدينة إن أولكم خير أول وآخركم شر آخر. يا أهل المدينة، الناس منا ونحن منهم إلا مشركا عابد وثن، أو كافرا من أهل الكتاب، أو إماما جائرا. يا أهل المدينة، من زعم أن الله تعالى كلف نفسا فوق طاقتها، أو سألها عما لم يؤتها، فهو لله عدو ولنا حرب ... يا أهل المدينة بلغني أنكم تنتقصون أصحابي، قلتم هم شباب أحداث وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة، وهل كان أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إلا شبابا أحداثا؟ شبابا والله، مكهلون في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أقدامهم، قد باعوا أنفسا تموت غدا، بأنفس لا تموت أبدا ... منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية خوف شهقوا خوفا من النار، وإذا مروا بآية شوق شهقوا شوقا إلى الجنة. فلما نظروا إلى السيوف قد انتضيت وإلى الرماح قد أشرعت وإلى السهام قد فوقت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، استخفوا وعيد الكتيبة عند وعيد الله، ولم يستخفوا وعيد الله عند وعيد الكتيبة، فطوبى لهم وحسن مآب! فكم من عين في منقار طائر طالما بكى بها صاحبها من خشية الله! وكم من يد قد أبينت عن ساعدها طالما اعتمد عليها صاحبها راكعا وساجدا! أقول قولي هذا وأستغفر الله من تقصيرنا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. (16) خطبة المنصور الخليفة العباسي
كان الخلفاء العباسيون يمتازون على خلفاء بني أمية بقرابتهم من النبي، وكانت هذه القرابة سببا في نعرة دينية يتباهون بها على سائر المسلمين، فكانوا يتكلمون بلهجة باباوات رومية في القرون الوسطى، وكانوا يتمادون في الأتوقراطية لا يعرفون معنى للشورى أو الدستور. وخطبة المنصور تدل القارئ على مبلغ عتو هذه الدولة وغرور خلفائها بنفوسهم، كما هي أيضا علامة من علامات الزمن آذنت بانحطاط الدول العربية التي رضيت باستبداد خلفائها.
وقد بويع المنصور في سنة 136ه الموافقة لسنة 754م وتوفي في سنة 775م، وهو قاتل أبي مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية وباني مدينة بغداد.
خطب في مكة فقال:
Bog aan la aqoon