قد أدبر العر عنها وهي شاملها ... من ناصع القطران الصرف ترسيم
تسقي مذانب قد زالت عصيفتها ... حدورها من أتي الماء مطموم
من ذكر سلمى وما ذكرى الأوان لها ... إلا السفاه وظن الغيب ترجيم
صفر الوشاحين ملء الدرع خرعبة ... كأنها رشأ في البيت ملزوم
هل تلحقي بأولي القوم إذ شحطوا ... جلذية كأتان الضحل علكوم
تلاحظ السوط شزرًا وهي ضامرة ... كما توجس طاوي الكشح موشوم
كأنها خاضب زعر قوائمه ... أجنى له باللوى شرى وتنوم
يظل في الحنظل الخطبان ينقفه ... وما استطف من التنوم مخدوم
فوه كشق العصا لأيًا تبينه ... أسك ما يسمع الأصوات مصلوم
حتى تذكر بيضات وهيجه ... يوم رذاذ عليه الريح مغيوم
فلا تزيده في مشيه نفق ... ولا الزفيف دوين الشد مسؤوم
يكاد منسمه يختل مقلته ... كأنه حاذر للنحس مشهوم
يأوي إلى خرق زعر قرادتها ... كأنهن إذا بركن جرثوم
وضاعة كعصي الشرع جؤجؤه ... كأنه يتناهى الروض علجوم
حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع ... أدحي عرسين فيه البيض مركوم
يوجي إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الروم
صعل كأن جناحيه وجؤجؤه ... بيت أطافت به خرقاء مهجوم
تحفه هقلة سطعاء خاضعة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم
بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا ... عريفهم بأثافي الشر مرجوم
والجود نافية للمال مهلكة ... والبخل مبق لأهليه ومذموم
والمال صوف قرار يلعبون به ... على نقادته واف ومجلوم
والحمد لا يشترى إلا له ثمن ... مما تضن به النفوس معلوم
والجهل ذو عرض لا يستراد له ... والحلم آونة في الناس معدوم
ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه ... أنى توجه والمحروم محروم
ومن تعرض للغربان يزجرها ... على سلامته لابد مشؤوم
وكل بيت وإن طالت إقامته ... على دعائمه لابد مهدوم
قد أشهد الشرب فيهم مزهور رنم ... والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
كاس عزيز من الأعناب عتقها ... الغض أربابها حانية حوم
تشفى الصداع ولا يؤذيك صالبها ... ولا يخالطها في الرأس تدويم
عانية قرقف لم تطلع سنة ... يجنها مدمج بالطين مختوم
ظلت ترقرق في الناجود يصفقها ... وليد أعجم بالكتان مفدوم
كأن إبريقهم ظبي على شرف ... مقدم بسبا الكتان ملثوم
أبيض أبرزه للضح راقبه ... مقلد قضب الريحان مفعوم
وقد غدوت على قرني يشيعني ... ماض أخو ثقة بالخير موسوم
وقد علوت قتود الرحل يسفعني ... يوم تجيء به الجوزاء مسموم
حام كأن أوار النار شامله ... دون الثياب ورأس المرء معموم
وقد أقود أمام الحي سلهبة ... يهدي بها نسب في الحي مغلوم
لا في شظاها ولا أرساغها عتب ... ولا السنابك أفناهن تقليم
سلاءة كعصا النهدي غل بها ... ذو فيئة من نوى قران معجوم
تتبع جونًا إذا ما هيجت زجلت ... كأن دفا على علياء مهزوم
يهدي بها أكلف الخدين مختبر ... من الجمال كثير اللحم عبثوم
إذا ترغم من حافاتها ربع ... حنت شغاميم في حافاتها كوم
وقد أصاحب فتيانًا طعامهم ... خضر المزاد ولحم فيه تنشيم
وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه ... معقب من قداح النبع مقروم
لو ييسرون بخيل قد يسرت بها ... وكل ما يسر الأقوام مغروم
- ٣ - وقال علقمة أيضًا يعارض امرأ القيس:
ذهبتَ من الهجران في غير مذهب ... ولم يك حقًا كل هذا التجنب
ليالي لا تبلى النصيحة بيننا ... ليالي حلوا بالستار فغرب
مبتلة كأن أنضاء حليها ... على شادن من صاحة متربب
محال كأحواز الجراد ولؤلؤ ... من القلقى والكبيس الملوب
إذا ألحم الواشون للشر بيننا ... تبلغ رس الحب غير المكذب
وما أنت أم ما ذكرها ربعة ... تحل بأير أو بأكناف شربب
أطعت الوشاة والمشاة بصرمها ... فقد أنهجت حبالها للتقضب
وقد وعدتك موعدًا لو وفت به ... كموعود عرقوب أخاه بيثرب
1 / 26