اجتاز بهلول بسوق البزازين، فرأى الناس اجتمعوا على باب ينظرون إلى نقب قد نقب على بعضهم، فاطلع على النقب ثم قال: ويحكم! ألا تعلمون ذا عمل من؟ قالوا: لا. قال: فإني أعلم من هو. فقال الناس: هذا بهلول يرى اللصوص بالليل ولا يتحاشونه، فأنعموا له القول لعله يخبر بذلك. فسألوه أن يخبر فقال: إني جائع، فهاتوا أربعة أرطال رقاق ورأسين. فأحضروا له ذلك وأكل، فلما استوفاه قال: أشتهي فالوذجا. فأحضروا له رطلي فالوذج فأكله وفرغ منه، وقام وتأمل النقب ثم قال: أوصحيح أنكم لا تعلمون؟ قالوا: لا. قال: هو من عمل اللصوص، وعدا.
المتنبئ النازل عن رتبته
وقيل ادعى رجل النبوة، فأمر الحاكم بضرب عنقه، فلما حضر السياف ولم يبق إلا أن يضرب قال: لم تقتلوني؟ قيل له: لأنك تدعي النبوة. فقال: لست مدعيها. قيل له: فأي شيء أنت؟ قال: صديق. قال الحاكم: اضربوه بالسياط، فلما أحضروا السياط ليضربوه قال: لأي شيء تضربوني؟ قيل له: لأنك تدعي أنك صديق. قال: لا أدعي ذلك. قيل له: فمن أنت؟ قال: من التابعين. فقال الحاكم: اضربوه بالدرة وعزروه. فلما أرادوا ذلك قال: ولم؟ قيل له: لادعائك ما ليس لك. فقال: ويحكم! من ساعة كنت نبيا، أتريدون أن تجعلوني في ساعة واحدة من آحاد الناس، وتحطوني من النبوة إلى منزلة العوام؟! أمهلوني إلى الغد أصير معكم إلى ما شئتم، فضحكوا وأطلقوا سبيله.
الدينار المفرخ
ومن نوادر أشعب أن جارية أودعت عنده دينارا، فقال لها: دعيه تحت الفراش. فلما مضت وضع معه درهما، ثم جاءته بعد ذلك، وطلبت منه الدينار، فقال لها: خذيه بيدك من موضع وضعتيه - وضعته. فمدت يدها لتأخذه فوجدت معه الدرهم فقالت: ما هذا؟ قال: «يا جارية، لا أستحل لك شيئا، هو دينارك ولد عندنا درهما، فخذيه وولده، وإن تركته فهو قد استأنس بالمكان، ويلد كل يوم درهما.» فتركته وذهبت، فأخذه، فجاءت له بعد ذلك تطلبه، فتلقاها بالبكاء، فقالت له: ما القضية؟ قال: مات دينارك في النفاس. قالت: ويحك! الدينار يموت؟! قال: ويحك! تصدقين بالولادة ولا تصدقين بالموت؟!
السائل الثقيل
ويحكى أن بعضهم وقع من دابة فانصدعت رجله، فجعل الناس يدخلون عليه للسلام، ويسألونه: كيف وقعت ؟ فلما أكثروا عليه وضجر كتب قصته في رقعة، وطرحها بين يديه، فكان إذا دخل عليه عابر وسأله عن سبب وقوعه دفع إليه القصة المكتوبة، فدخل عليه فيمن دخل بعد ذلك رجل، فسأله عن حاله فأعطاه القصة، فشرع يسأله، فقال: إنما كتبناها لأجل ترك الكلام. فجعل يلومه على عدم تحرزه عن الوقوع. فقال: حتى نستريح ها نحن نجيب عن هذه الأسئلة على الحاشية، ودعنا من إلحاحك.
العطف بعد التصغير
عمل بعض النحويين كتابا في التصغير، وأهداه إلى رئيس كان يختلف إليه، فنقص عطيته، فصنف كتابا في العطف وأهداه إليه، وكتب معه: رأيت باب التصغير وأهديته إلى الرئيس فصغرني، وأرجو أن يعطفه علي باب العطف.
القالي وكتاب الجمهرة
Bog aan la aqoon