Artimis waxay ka tagtay dayaxa
أرتيميس تركت القمر
Noocyada
عذراء الصيادين هي ، وحاميتهم ، راعية الحيوانات، ومن تساند النساء عند الولادة. لا أعرف علاقتها الحقيقية بالقمر، لا أحد يعرف، وأعرف جيدا أن عبد الله بذل مجهودا كبيرا ليبهرني بالأساطير الدينية الإغريقية، وأظنه كان موفقا جدا في اختيار أرتيميس، لا أعرف متى ارتبطت بها رغم ثقتي في احتيال عبد الله، لكنني لا أنكر أنني أحببته، لست أنا من أحببت عبد الله، بل جزء مني، وجزء آخر، وتنافسا على حبه، وهو أيضا أحب جزءا مني وجزءا آخر، لكن أمل خطاب؟ أنا؟ لم يعرفني ولم يحبني، وأنا أيضا كنت أحتاج لوجوده أكثر من احتياجي له، الحضور، أستطيع تفهم موقفه جيدا. في نهاية رسالتي سأحكي لك عن آخر مرة رأيته.
قابلت نزار، وقابلته كاميليا أيضا، تعاتبا وثارا وتصافيا، أعطاها إرثها ورفضت معظمه، وأعطته أختا وأما، صار لي خال يا دكتور، أيضا لن تصدق ما حدث مع عمي، كان يعرف كل شيء ويراقب كل شيء، احتفظ لي بثروتي وزادها وتركني أظنه اللص الذي يحاول سرقتي وسرقة أمي، حكى لي كثيرا عن أبي، وعن جدتي، أقصد أم أبي، وليست جدتي التي ربتني، وأقصد زوجة جدي.
تعجبت كثيرا من عدم قدرتي على معرفة كل هذا، كنت أعيش حياتين؛ كلتاهما لا تعرف شيئا، توقفت عن استقبال كل ما يخص العائلة، توقفت عند صورة واحدة وليس هذا ما جعلني أتعجب، فالآن أفهمه؛ ما جعلني أتعجب هو كيف لعالمة التاريخ والفن ألا يثير فضولها أن تعرف من أين أتت؟ وكيف كانت؟ لكنك بسطت لي كل الأمور دكتور، الآن أتحدث عن أبي، وليس عن الدكتور إسماعيل خطاب، أحببت كلمة أبي، أترحم عليه كثيرا وأقبل يد كاميليا كي تسامحه، الحقيقة أنني أعرف جيدا أنها سامحته، لكنها تحب أن تبدو هكذا، ربما تظن حبها له ضعفا، وأقول لها إن ضعفها في حبه هو سر قوة هذا الحب، وسر بقاء هذا الحب.
تظاهرت أنها تعرف كل شيء عني، وتظاهرت أنها تعرف أيضا، زارتني بالجامعة، قالت لرجال الأمن إنها والدة الدكتورة أمل خطاب، كانت تشعر بالفخر والزهو، وهي تنظر لي، وكنت أشعر بالفرحة، كانوا يظنونني يتيمة في الجامعة، كنت أتجول بها بأقسام الكلية، وكلما رأيت من أعرفه قلت هذا القمر أمي، تحمر وجنتاها كالأطفال، بكينا وضحكنا وتشاجرنا، أم وابنتها، ثم نسينا الأم والابنة، وصرنا أصدقاء، لم تفارقنا العمة سناء، وصرنا الصبايا الثلاثة نجوب في الإجازات الأرض بطولها وعرضها، ونتسامر بالمساء، ونعد الشاي بالتناوب أنا وكاميليا للعمة سناء، لم أتوقف عن مناداتها العمة سناء رغم أنني أنادي أمي بكاميليا، والعمة سناء تكشر عن أنيابها ظنا منها أنني أعاملها كمسنة، وأمي كصبية، نضحك، وأقبل رأسها ولا أتوقف عن إثارتها، ولا تتوقف عن تكشيرة أنيابها.
يبقى في رسالتي شيئان؛ الأول يخصك دكتور أحمد، وهو أنني أريدك أن تنشر قصتي بالشكل الذي تراه مناسبا، وأعرف جيدا أنك لن تستخدم الأسماء الحقيقية؛ لذا أرسلت رسالتي بالأسماء التي اخترتها أنا وقت بدأنا الجلسات، أعرف أنك لا تبحث عن الشهرة أو المال، لكن الأمر لا يخص بحثك أنت، بل يخص الكثيرين ممن يبحثون عن أنفسهم، فقط أخبرهم مهما كان الأمر مظلما فسيظل بداخلنا بصيص من النور، يأخذنا للسلام والحب والأمان، لا يهم كم عاما قضيت حتى عرفت من أنا، لكنني الآن أعرف من أكون، وأحب من أكون، وأحب كل من أوصلني لتلك النقطة من ولادتي، وحتى جلوسي لأكتب لك رسالتي، اجعلها قصة عن الحب دكتور، لا أحب أن تبدو قصتي مؤلمة أو مريرة، اجعلها قصة عن الانتصار، العودة، الأمل، قصة أمل خطاب.
والأمر الثاني عبد الله، هذا المحتال الجميل، هو من أعادني لي، فجر بداخلي ينابيع من الحب، قبل أن يفجر ثورتي وغيرتي، أمشاني عارية بلا خجل، أغواني وأغويته، وبعد رحيله لا أذكره إلا بابتسامة تذكرني بغيرته من سيرابيس الغارق «الإله الذي لا يعرفه أحد» كما كان يقول عنه. وسأحكي لك عن آخر مرة رأيته كما وعدتك، كنت وكاميليا والعمة سناء نحضر أحد عروض الأوبرا، وبعد انتهاء العرض خرجنا لنمشي على البحر، رأيته، كان يفتح سيارته لبطلة الأوبرا، سمراء جميلة، وكأنها منحوتة بمعبد مصري بالصعيد ، فتح لها الباب، ركبت، ولمحت شيئا يسقط من سيارته، ثم ركب هو وانطلق، لم يرني، لم يشعر بوجودي، كانت الأميرة السمراء هي كل ما يرى، اقتربت لأرى ماذا سقط من سيارته؛ فوجدت كتابا صغيرا بعنوان «الآلهة في مصر القديمة» تذكرت أرتيميس، ابتسمت، وتحولت ابتسامتي لضحكة عالية. (تمت)
Bog aan la aqoon