Artimis waxay ka tagtay dayaxa
أرتيميس تركت القمر
Noocyada
لم تعجب عبد الله لهجة الدكتور أحمد، شعر بأنه متهم.
استمر الحديث طويلا بينهما، وبعد انصراف عبد الله، أعاد الطبيب كل حساباته، باتت شخصية عبد الله أكثر وضوحا الآن، يعرفها جيدا، لم يتعمد إثارته لكنه يدرك جيدا ما يدور بذهنه الآن، وصار الأمر أكثر تعقيدا.
أدار الدكتور أحمد بعض الموسيقى وأعد قهوته، أشعل غليونه وفتح ملف أمل مرة أخرى، يتذكر الدكتور إسماعيل خطاب جيدا، كان طبيبا بارعا، «المريض يظن أنه يعرف علته.» كانت تلك مقولته الشهيرة، المريض يظن أنه يعرف، ربما كان هذا الظن أكبر مصاعب التشخيص؛ فظن المريض يضلله ويضلل طبيبه، لكن الأمراض النفسية تختلف عن العضوية، أمل لا تظن؛ فهي بقدر مقاومتها تدرك أنها بحاجة للمساعدة، هي حقا لا تعرف ما بها. •••
دخلت أمل غرفة الدكتور أحمد مراد هادئة، أمل التي يسميها عبد الله بإلهة الصيد، أستاذة تاريخ الفن، بملابسها البسيطة الفاتنة، وحقيبة نسائية صغيرة انتقلت من يدها اليمنى لليسرى لتسلم عليه، رحب بها، دعاها للجلوس، وأعد القهوة وأشعل الغليون وأدار مسجلته، طقوس تعرفها أمل، وتعرف أن دورها الآن في الحديث، بقدر ما عليها البوح بما يدور في عقلها، بقدر ما تبتغي أجوبة عن مصيرها. - لدي اعتراف دكتور مراد. - لم تتناولي العقاقير [قالها مبتسما]. - نعم، لكن كيف عرفت؟ - لا يهم، لكن كيف لم تتناوله هي؟ - في الحقيقة كنت خائفة أن تتناوله فاستبدلت جميع الأقراص بأقراص المقويات والفيتامين.
ابتسم لها الطبيب، وكانت ابتسامته مرساة لمخاوفها، هدأ خوفها، وتزايدت حيرتها حول مصيرها؛ ففي تلك اللحظة لم تعد مستعدة لتلك المعايشة السلمية، تريد أن تعرف كل النتائج.
حاولت الوقوف على نتيجة ترضيها، لم يكن ليرضيها سوى العيش ببيت جدتها بالإسكندرية.
يكفيها سيرابيس الغارق أمامها، حتى عبد الله لم تعد تفهمه، طال صمتها أمام ابتسامته.
فأوقف المسجلة. - ما رأيك أن نشرب القهوة قبل أن نبدأ؟ - حسنا دكتور هذا يريحني أكثر.
فكيف يريدونها أن ترحل وتترك كل شيء؟ وهل ستغتسل الأخرى من أثرها؟ كلا؛ فهي من تحتاج للاغتسال من آثار الأخرى، هل سيتحمل عبد الله إحداهما بمفردها كثيرا؟ لا تظن؛ فهي تعتقد أنه بدأ الاستمتاع بالتبديل على أوتارهما.
شعرت أن صمتها قد طال رغم رحابة صدر الطبيب وابتسامته الهادئة، طلبت منه إدارة مسجلته لتبدأ الجلسة؛ فاعتدلت في جلستها ولم تنتظر أن يسألها. - وعدتك بالحديث عن عبد الله، وسأفي بوعدي، لكن هناك ما لم أفهمه، في البداية كان لدي سر أخفيه، سر وجودها، أو وجودي، أو وجودنا سويا، كنت أظن أنه بإمكاننا الحياة بهذا الشكل طويلا، حتى بعد مقابلة عبد الله، كشف سري وكشفت سره، واجهني ولم أواجهه، وسعى لعلاجي ولم أفعل، كيف رضيت أنا بسره ولم يرضه سري؟ كيف تصورت الحياة بوجوهنا ووجودنا الأربعة، وأراد هو الاحتفاظ بسره؟ وحين قابلتك، لم أعد أعرف هل أنا الحقيقية التي ستبقى، أم أنا الوهم الذي ستفيق منه الأخرى، ربما دفعني هذا للقدوم اليوم، ليس لمعرفة حقيقتي فقط، بل لمعرفة حقيقة عبد الله، هل هو مثلي حائر لا يعرف حقيقة وجوده أم أن الأمر برمته لا يعنيه؟ - سنتحدث عن عبد الله كثيرا، لكن أريد أن تطمئني؛ فكلما زادت رغبتك في الشفاء كان وشيكا، سأجيب أسئلتك بعد أن تفرغي من روايتك، أريدك أن تشعري بالراحة ولا تنتقي كلماتك، فقط دعيها تخرج من عقلك كما هي؛ فما زال لدي وأعتقد لديك أيضا الكثير لنعرفه. - هل لي في المزيد من القهوة؟
Bog aan la aqoon