Artimis waxay ka tagtay dayaxa
أرتيميس تركت القمر
Noocyada
اقتربت منها واحتضنتها رغم مقاومتها، اعتصرتها حتى سكنت، وهدأت قليلا، ثم جذبتها لتجلس وجلست جوارها، ابتسمت لها بحب. - سناء قالت لك إنني مجنونة، أليس كذلك؟ - لا، هي قالت إنك تذهبين لمركز من مراكز التأهيل المملوكة لكم بالإسكندرية، ولم أسألها لماذا تأهيل، آثرت أن أعرف منك. - ماذا تريد أن تعرف، إن كنت أنا لا أعرف.
لم تكن تراوغني، بل كانت ضحية مراوغة عقلية لا تفهمها، حاولت مساعدتها لتتذكر أباها وزوجها وما حدث لدراستها بكلية الطب، انتقلت من المساعدة للضغط، من الضغط للمحايلة، لم أصل لشيء، أخبرتها أنني جئت هنا لها، وكنت برفقتها، لم تتذكر أي شيء، سألتها لم تأتي للإسكندرية، لم تعرف! قالت بأنها يجب أن تأتي؛ فهذا ما تفعله لعشرين عاما مضت وعليها أن تفعله؛ فهي حين تمرض، أو يتعذر عليها المجيء تتحول حياتها لجحيم، تصيبها نوبات الصداع، والإغماء. - الجميع يظن بأنني أدعي، يقولون بأني مجنونة مثل أمي، هي لا تتذكر أي شيء، أظن الأمر بدأ معها تدريجيا، مثلما بدأ معي، إخوة أبي، المفترض أنهم أعمامي، يأخذون شهريا مقابل عدم محاولتهم إثبات أنني مختلة، والحجر علي، أنا وأمي، ما زلت لا أفهم كيف دخلت إلى هنا، أو كيف وجدتك عاريا بغرفة جدتي؟ أنت تقول بأنك كنت برفقتي، هل تعاملني أنت أيضا كمجنونة؟ - لا، أمل، أنا أعرف أنك لست مجنونة. - هل تظن بأن الشيطان يسكنني؟ - أمل، لا. - تعرف؟ - ماذا؟ - لم أستشعر الغربة معك، كأنني أعرفك من قبل، وأنت أيضا لم تكن تعاملني كغريبة قابلتها مرات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، أشعر أنك تعرف ما لا أعرفه، أرجوك أن تخبرني بكل ما تعرف، أرجوك.
بدأت تتوسل، وتقبل يدي باكية، وهي تردد أنها لا تريد أن تصير كأمها، تخبرني أنها تريد مساعدتي لها؛ فرفعت رأسها، ونظرت لعينيها الباكيتين، أتساءل، هل أخبرها؟ هل ستتقبل فكرة أرتيميس إله الصيد، وربة القمر؟ هل يمكنني شفاؤها، وإنهاء محنتها؟ - أمل، لا أعرف إن كان يجب إخبارك بما أعرف، لا أعرف إن كان هذا سيفيدك، ربما علينا مقابلة معالج. - أرجوك أن تخبرني أولا بكل شيء. - حسنا، أريد كلمتك في أمر المعالج. - لك هي، فقط أخبرني. - هل تعرفين أرتيميس؟ - ماذا؟ هل ستبدأ دروس الفلسفة الآن؟ رجوتك أن تخبرني، توسلت إليك، وأنت تريد التحدث عن آلهة الإغريق؟ هل تستخف بي لتلك الدرجة؟ - أرجوك اهدئي، أرتيميس هي من ستخبرك بكل شيء، هي من عذراوات الأوليمبس، إلهة الصيد وربة القمر، تظهر بملابس الصيد القصيرة ومعها جعبة الأسهم وقوسها، وتظهر أيضا برداء فضفاض طويل وتغطي رأسها بخمار، هي في الحقيقة أرتيميس أخت أبولو، لكنها شخصيتان، ولكل شخصية صفاتها وقدراتها. - لكنني لست عذراء، على الأقل منذ عرفتك، أم نسيت؟ - ليست المشكلة في عذريتها، أو عذريتك صغيرتي، المشكلة أنك تشبيهنها في شيء آخر. - ماذا تقصد؟ [قالتها بقلق يقارب الفزع]. - نعم طفلتي، أنت تملكين شخصية أخرى، أرتيميس إلهة الصيد، الدكتورة أمل خطاب أستاذة تاريخ الفن بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، التي قابلتها منذ فترة وكانت معي هنا بغرفة جدتك قبل أن تأتيني ثائرة.
قاطعتني، ثارت، أخذت تصرخ، هدأت، جلست على الأرض، تبكي على ركبتي، أخبرتها بضرورة الذهاب لمعالج نفسي، سأذهب معها، وعدتها ألا أتركها، ظننتها بدأت تفهم، لم تتحدث، بكاء تحول لهمهمة، ثم صمت ينظر في ساعته، بدا قلقا من تأخر العاصفة.
لم تتأخر كثيرا عاصفتها، هبت واقفة تصرخ بأنها ليست مجنونة وبأنني مثل الجميع، أخذت تكرر أنها ليست مجنونة، حاولت إفهامها أنها تحتاج للمساعدة، زادت ثورتها، وبدأت تضرب رأسها بالحائط، لم يبق لدي إلا أن أصرخ بها أن تذهب إلى الحجرة، وكأنني أطلقت تعويذة سحرية، أخمدت ثورتها، وتحركت بصمت، بهدوء، ببطء، في اتجاه الغرفة المجاورة لغرفة جدتها.
كنت أفكر في مغادرة البيت والرحيل عن كل تلك الفوضى، لكنني أعطيتها وعدا، لكنني أيضا لم أحفظ الكثير من الوعود من قبل، لماذا أحاول مساعدتها؟ ربما لأنها تحتاج مساعدتي؟ ربما تعاطفت مع مأساتها؟ لا، لا أريد أن أصدق الفكرة، عشقتها، عشقت نصفيها، نعم، عشقت اثنتين، في واحدة، تمنيت الابتسام لهذا العبث، قمت أبحث عن أي شيء أشربه؛ فوجدتها خارجة من الغرفة عارية، نظرت لي متسائلة: لماذا ارتديت ملابسك مبتلة؟
أصابني الشلل لحظة أو ربما لحظات، كيف يمكنها التحول بتلك السرعة؟ عادت أرتيميس في تلك اللحظة إلهة الصيد بقوسها وجعبتها، تعتزم الصيد الأخير، تريدني وحدي لها، وتغار من اهتمامي بها، أقصد هي الأخرى، مشت للشرفة، قدمت صلواتها الصامتة لسيرابيس الغارق، ثم عادت مرة أخرى، سألتها عن شيء نشربه، ولا تنتهي مفاجآتها، نبيذ فرنسي فاخر معتق، مرة أخرى أفروديت وهيرا وسؤال باريس من الأكثر جمالا، وأفروديت لا تنوي الخسارة، لم تكن تلك هي أسلحتها الوحيدة، ولم تكن صلواتها لسيرابيس وحده، فقد بدأت أشعر بقوى بوسايدون، كانت تحيطني كالبحر يقتلع قطعة من الأرض ويفصلها، صرت جزيرة في بحرها، جزيرة لا ترى القمر، أنستني أرتيميس الأخرى، أنستني كل شيء.
انتهى اليوم بطردي من البيت، بعد منتصف الليل خرجت بملابسي المبللة وذهبت لشقتي بالمبنى المجاور لمبناها، ارتديت ملابس جافة، وعدت لمراقبتها، لم تكن ليلتها انتهت بعد؛ فقد ظلت تدخل الغرفة المغلقة وتخرج الأخرى منها مرات عديدة وكأن معركة بينهما تدور، ظللت أراقبها تتبدل، وتتحول من إحداهما للأخرى، حتى غافلني سلطان النوم حيث أجلس ولم أعرف كيف انتهت المعركة.
قمر يحاول الهروب
أفقت والساعة قاربت السادسة، شقة أمل هادئة، ليست بغرفة جدتها، ربما بالغرفة المغلقة، لم تطل انتظاري، أو تثر قلقي، فقبل أن أنتهي من إعداد بعض القهوة كانت قد خرجت من الغرفة المغلقة، أرتيميس ربة القمر، خرجت مسرعة كعادتها، تأكدت من إغلاق النوافذ، نوافذ الشقة، نوافذها، وقفت قليلا ربما أغلقت نوافذ حلمها أو خوفها، حتى القمر كان يحاول التسلل من ليلها، أمسكت به في السماء بعد الفجر بقليل، مكتملا ، لكنه هارب، هارب لكنه باه، يغوي إيوس ربة الفجر لمساعدته، أو التوسط لدى سيليني شبيهة أرتيميس، يبحث عن هيكاتي الربة الغامضة ذات الثلاثة رءوس المشرفة على أعمال السحر والكهانة وتحمي الساحرات، فهي لا تشرق إلا باكتماله وقبل شروق الشمس، ما الذي يجعل القمر يرحل من ليل أرتيميس ويغادر سماءها؟
Bog aan la aqoon