Art and Its Schools in Arabic Prose
الفن ومذاهبه في النثر العربي
Daabacaha
دار المعارف
Lambarka Daabacaadda
الثالثة عشرة
Noocyada
آثارًا تشبها، وقد أعدت هذه الحال إلى ظهور فكرة الأساليب المحفوظة، التي تورث وتكرر وترد دبين الكتاب، على أننا لا نترك الخوارزمي، وبديع الزمان إلى قابوس بن وشمكير صاحب طبرستان، وجرجان حتى نجده يحقق ضروبًا من التعقيد لزخرف التصنيع، لم تكن معروفة من قبله، وهي ضروب تجعله أقرب كتاب عصره إلى ذوق التصنع، والمتصنعين، ونحن نقف عند هؤلاء الثلاثة: الخوارزمي، وبديع الزمان وقابوس لنفسر نمو مذهب التصنيع من جهة، وتحول الكتاب قليلا قليلًا إلى مذهب التصنيع من جهة أخرى، حتى تنكشف لنا هذه الدورة في تاريخ النثر العربي، وما يتصل بها من فن، وصناعة انكشافًا تامًا.
٢- أبو بكر الخوارزمي، وتصنعه:
كان أبو بكر كاتبًا كبيرًا، كما كان شاعرًا كبيرًا أيضًا، وهو ابن أخت محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ المعروف١، وأصله من طبرستان، ومولده ومنشؤه خوارزم٢، وإليها ينسب، وقد "فارقها في ريعان عمره وحداثة سنه، وهو قوي المعرفة، قويم الأدب، نافذ القريحة، حسن الشعر، ولم يزل يتقلب في البلاد، ويدخل العراق والشام، ويأخذ عن العلماء، ويقتبس من الشعراء، ويستفيد من الفضلاء، حتى تخرج وخرج فرد الدهر في الأدب والشعر، ولقي سيف الدولة وخدمه، واستفاد من يمن حضرته، ومضى على غدوائه في الاضطراب والاغتراب، وشرق بعد أن غرب، وورد بخارى.... ووافى نيسابور ... ثم قصد سجستان.. ثم إنه عاود نيسابور، وأقام بها إلى أن وفق التوفيق كله بقصد حضرة الصاحب بن عباد بأصبهان، ولقائه بمدحه، فأنجحت سفرته، وربحت تجارته، وسعد جده بخدمته، ومداخلته، والحصول في جملة
١ وفيات الأعيان ١/ ٥٢٣. ٢ اليتيمة للثعالبي "طبع الصاوي" ٤/ ١٩٢.
1 / 230