[chapter 27: III 10] 〈علة الحركة فى الكائنات الحية〉
والذى يظهر لنا أنه محرك الحيوان حركة الانتقال شيئان: أحدهما الشهوة، والآخر العقل (وإن وضع أحد التوهم بموضع الفهم: فكثير من الأشياء يتبع التوهم فيكون عنه بغير علم، وفى سائر الحيوان ليس الادراك إلا بالتوهم وبالفكر). فهذان الاثنان محركان للحيوان الحركة المكانية: وهما الشهوة والعقل. والعقل عقلان: عقل مفكر لعلة ومن أجل شىء، وعقل عن تأمل؛ والفصل بينهما الابتداء من الغاية. وكل شهوة فانما تعرف من أجل، وليس هذه الشهوة بدء العقل الفعال، بل أجزاء العقل الفعال بدء العقل. من ذلك صح أن هذين هما اللذان يحركان الحيوان حركة الانتقال فيما يظهر، وهما: الشهوة والفكر العملى. والمطلوب المشتهى يحرك أيضا، 〈وما〉 من أجله أن الفكر يحرك، 〈هو أن〉 المشتهى بدء حركة الفكر. — والتوهم إذا حرك لا يحرك بغير شهوة.
والشىء المشتهى محرك واحد؛ ولو كان اثنين (أعنى العقل والشهوة) 〈لكانا〉 يحركان تحريكا بصورة مشتركة. ولسنا نرى هذا كائنا فيهما، ما خلا العقل فانا لا نراه يحرك بغير شهوة، وذلك أن الروية أرب وشهوة، ويحرك العقل بالفكر فانما يتحرك بالروية؛ وأما الشهوة فانما تحرك بغير فكر — لأن الشهوة إنما هى ضرب من الشوق. وكل عقل فان مذهبه مستقيم؛ فأما التوهم والشوق فان مذهبهما مستقيم وغير مستقيم. من أجل ذلك صار كل شىء مشتهى محركا، إلا أنه يحرك فيدعو إما إلى خير هو فى نفسه خير، وإما إلى خير فى ظاهر أمره. وليس كل خير خيرا ما خلا المعمول به؛ والمعمول هو الذى يمكن أن يكون بحال غير الحال الذى عمل بها.
Bogga 82