Arstaqraatiyada: Hordhac Kooban
الأرستقراطية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
كان الهدف من هذه الآثار عادة هو التأثير في الآخرين. وهي ما زالت تؤدي هذا الدور، رغم أن الجمهور المستهدف من التابعين قد اختفى منذ وقت طويل. ومع هذا، فإن واجهاتها الواثقة عادة ما تخفي أكثر بكثير مما تظهر؛ فقد كانت الهيمنة الأرستقراطية دوما أكثر تقلقلا وأقل ثقة مما كانت تحب أن تبدو عليه. كذلك كان السلوك الأرستقراطي أقل صلاحا وخلوا من العيوب مقارنة بالمبادئ النبيلة التي يفترض أنها توجهه. في الواقع، تاريخ الطبقات الأرستقراطية عامر بخرافات تخدم مصالحها الشخصية، أظهر غير المنتمين لهذه الطبقات استعدادا مثيرا للدهشة لتقبلها دون نقدها. وقلما تقدم نتائج الأجيال الجديدة من الأبحاث والدراسات التاريخية مبررا للاستمرار في القيام بهذا. وهذا الكتاب الصغير - القائم على سنوات من التدريس والكتابة عن الأرستقراطيين وأساليبهم - يسعى إلى دمج هذه النتائج في دراسة مستقلة عن كيفية تنظيمهم لأنفسهم وممارستهم للسلطة، وفي النهاية عن كيفية فقدانهم لهذه السلطة.
يتتبع الفصل الأول تاريخ مصطلح الأرستقراطية وتطوره، ويحاول تقديم عناصر تعريف موضوعي لها، أما الفصل الثاني فيدرس وجهات النظر الشخصية للأرستقراطيين أنفسهم. هذا ويدور الفصل الثالث حول معايير السلوك الأرستقراطي، في حين يسلط الفصل الرابع الضوء على بعض الطرق التي أثر بها الأرستقراطيون بمبادئهم وسلوكياتهم على باقي أفراد المجتمع غير المنتمين لطبقتهم الاجتماعية. إن أهم شيء بشأن الطبقات الأرستقراطية - من منظور القرن الحادي والعشرين - هو أنها قد اختفت، وكذا تأثيرها، إلى حد كبير، وعليه يدور موضوع الفصل الأخير حول كيفية حدوث هذا، رغم أنها - على مر القرون - واجهت كثيرا من التحديات الأخرى وتغلبت عليها.
الفصل الأول
معان وألقاب
ظهرت كلمة أرستقراطية لأول مرة في بلاد الإغريق قديما. لم تكن تعني في الأصل مجموعة من الأفراد، بل أحد أشكال الحكم: حكم الصفوة. لكن، من كانوا هؤلاء الصفوة؟ (1) من دستور إلى طبقة اجتماعية
اعتقد أفلاطون (في كتابه «الجمهورية») أن أفضل الناس هم أكثرهم خبرة في تحديد المصلحة العامة والسعي وراء تحقيقها. يعرف هؤلاء باسم «الوصاة»، وهم الحكام والقادة المحترفون. وعليه، يحصل هؤلاء على تدريب طويل ودقيق، ولا يحصلون على أي ممتلكات كبيرة قد تدفعهم إلى السعي وراء مصالح شخصية بدلا من المصلحة العامة. كان معظم هذا الكلام نقدا ضمنيا لأسلوب الحكم الفعلي في الدول المدن في عهد أفلاطون. إلا أن تلميذ أفلاطون الشهير، أرسطو، لم ير أن هذه الجمهورية عملية، وفضل تقديم الوصف بدلا من تقديم العلاج، وقدم تعريفا للأرستقراطية بناء على ملاحظاته. لقد وصفها بأنها أحد أشكال الحكم «يحكم فيه أكثر من شخص، ولكن ليس كثير من الأشخاص ... وقد أطلق عليها هذا الاسم؛ إما لأن الحكام هم أفضل الرجال، أو لأنهم يعملون على تحقيق مصالح الدولة ومواطنيها.» وعليه فقد كانت الأرستقراطية حكم الأقلية الفاضلة، ولكنها انحرفت بسهولة لتصبح مجرد حكم الأقلية «عندما أصبح هدفها الاهتمام بمصالح الأغنياء فقط.» وفي نظام حكم الأقلية المتطرف تعمد الطبقة الحاكمة إلى «الاحتفاظ بالمناصب في أيديها، ويقضي القانون بأن يخلف الابن والده.» إلا أن أرسطو كان واقعيا؛ فالثراء كان أساسيا من أجل التغلب على إغراء المناصب العامة؛ لذا فإن القضاة في نظم الحكم الأرستقراطية كانوا يختارون «على أساس ثروتهم وجدارتهم». وإذا كانت «الفضيلة هي أساس الأرستقراطية»، فإن هذه الصفة كان يزيد احتمال توافرها لدى المتميزين «في المولد والتعليم»، وكان التميز في المولد يعني الانتماء إلى عائلة «عريقة تتمتع بالثراء والفضيلة».
شكل 1-1: أحد النبلاء الرومان مع أسلافه.
من ثم كان لشكل الحكم الأرستقراطي دلالات اجتماعية واضحة منذ بداية تكوينه؛ فقد ظلت نبالة المولد تميزا يحتفى به لعدة قرون في بلاد الإغريق قبل ظهور أفلاطون وأرسطو. فيصور أقدم الشعراء الكلاسيكيين، هسيود وهوميروس، ابتهاج الأبطال لانتسابهم لنسل الشخصيات الأسطورية، فضلا عن كونهم آلهة. كذلك في روما القديمة كانت السلالات المرموقة أحد أسباب الاحترام والتميز واستحقاق السلطة. وبالإضافة إلى كلمة «أرستقراطية» الإغريقية، فإن المصطلحات التي استخدمها الرومان للتعبير عن التميز الوراثي استمرت طوال كامل تاريخ الحكم في أوروبا والتنظيم الاجتماعي. لقد كانت النخبة الاجتماعية في الجمهورية الرومانية الأولى الأحفاد المزعومين للآباء المؤسسين للمدينة، الذين أطلق عليهم الأشراف. ورغم أن طبقة الأشراف كانت طبقة حصرية ويصعب الانضمام إليها، فإنها لم تتمتع قط بهيمنة مطلقة؛ إذ أجبرت هذه الطبقة بشدة، على مدى قرون النظام الجمهوري، على فتح المناصب العامة والسلطات أمام غير المنتمين إليها، فظهرت طبقة الأغنياء بمرور الوقت كنخبة ثانوية، عرف أعضاؤها بالفرسان. ترجع هذه التسمية إلى أصول نظرية مثل المحاربين الفرسان، ولم يكن هؤلاء من الأشراف، لكنهم كانوا أغنياء بما يكفي لامتلاكهم أشياء باهظة الثمن، مثل الخيل. وبعد صراعات ملحمية في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، حصل أيضا المواطنون العاديون - عامة الشعب - على المساواة السياسية؛ ونتيجة لهذا، أصبح تولي المناصب، والانحدار من سلالة من يتولون المناصب، عنصر التمييز الأبرز. وقد أطلقت الأسر المعروفة بانتمائها لمثل هذه السلالة، بصرف النظر عن نسبها، على نفسها اسم «النبلاء» (لقب نبيل في اللغة الإيطالية معناه «معروف»)، وكانت تحتفظ بأقنعة لأسلافها المشهورين في منازلها، وكانت تجعل الممثلين يجسدون شخصياتهم في المناسبات العامة. كان القنصلان (الحاكمان اللذان ينتخبان سنويا من أجل رئاسة الجمهورية) ينحدران من عائلات نبيلة، فيما عدا بعض الاستثناءات القليلة. وعندما تنتهي مدة توليهما الحكم، كان القنصلان ينضمان إلى مجلس الشيوخ، وهو أعلى هيئة تداولية في الجمهورية من المفترض أنها تجمع بين المعرفة العامة لجميع المواطنين وخبرة أصحاب المناصب العليا. لم يتجاوز قط عدد أعضاء مجلس الشيوخ ألف شخص، وفي معظم تاريخه كان أقل من ذلك بكثير. وقد جعل هذا عائلات أعضاء مجلس الشيوخ أكثر النخب الرومانية حصرية على الإطلاق. لكن بوجه عام كان الأشراف والفرسان والنبلاء وأعضاء مجلس الشيوخ يرون أنفسهم ببساطة أفضل الناس (الأرستقراطيين). لقد قضى شيشرون، المتعمق في الفكر الإغريقي والمطلع على فكر أرسطو، معظم حياته المهنية في القرن الأول قبل الميلاد وهو يحاول جمع أفضل الناس لتأدية واجبهم في التصدي لموجة الديمقراطية وسيطرة العوام، وهي سلطة ما يعرف باسم الحزب الشعبي. لقد فشل شيشرون في مساعيه، لكن عقب الحروب الأهلية التي كلفته حياته، اعترف أغسطس وخلفاؤه الأباطرة بالنخب التقليدية وبمطالباتهم بالتميز. فإذا كانت طبقة النبلاء واستعراض صفاتها قد اختفيا ببطء عبر قرون النظام الإمبراطوري، فإن هوية الأشراف والفرسان، والأهم من ذلك طبقة أعضاء مجلس الشيوخ، ظلت جميعها على قمة المجتمع الروماني حتى انهياره. وستهيمن الأمثلة والنماذج الرومانية على معظم المناقشات النظرية اللاحقة التي تدور حول معنى طبقة النبلاء والطريقة التي كان يفترض أن تتصرف بها تلك الطبقة.
مع هذا، في أواخر العصور القديمة أطلقت الأسماء المقدسة المستمدة من عصور النظام الجمهوري على جماعات ومؤسسات لا يوجد إلا قدر ضئيل من التشابه بينها وبين نماذجها الأولية البعيدة. لقد أصبحت جميعها تدخل تحت فئة عامة تعرف باسم «رجال الشرف»، وهم «الرجال الأكثر احتراما»، وأدخل الأباطرة الذين جاءوا فيما بعد تقسيمات فرعية وألقابا تفاضلية تدل على رفعة المكانة. كانت هذه سابقة أيضا، لكن لم يحصل إلا لقبان فقط من الألقاب الرومانية المتأخرة على مكان في التسلسل الهرمي للألقاب فيما بعد؛ ففي بداية القرن الرابع حصل قادة الجيش على لقب دوق، في حين كان يعطى لقب الكونت لعدد كبير من الضباط. نقلت اللغة اللاتينية هذه الألقاب وخلدتها عبر عصور وأزمان أعطيت خلالها معاني مختلفة تماما. وخلال ذلك، توقف الاستخدام المعتاد لكلمة «أرستقراطية» لما يقرب من ألف سنة. وعندما ظهرت مرة أخرى، في القرن الخامس عشر، ظلت تعني أحد أشكال الحكم، لكنها كانت تستخدم إلى حد كبير في وصف الدول التي يحكمها النبلاء.
لم يختف قط استخدام كلمة «نبيل»، على الأقل بين رجال الدين اللاتينيين الذين دونوا سجلات العصور الوسطى. لقد استخدموا هذه الكلمة في وصف النخبة العلمانية في أوروبا في فترة ما بعد الكلاسيكية، وهي عائلات كانت تقدر نبالة المولد تماما مثل القدماء. لكن لم يتمتع النبلاء في العصور الوسطى بفضيلة التفكير في المواطنين، التي كان أرسطو وتلاميذه الرومان يعتقدون أنها تميز أفضل الناس. بالطبع كانوا يمتلكون الثروة التي تدعم طموحاتهم، لكن القتال كان أكثر ما يستحوذ على اهتمامهم. كانت النبالة تعني الشجاعة في ساحة المعركة. وانقسم المجتمع إلى ثلاث مجموعات وفقا للوصف التقليدي له الذي ظهر في العصور الوسطى. ونظرا لأن رجال الدين هم من كانوا يدونون هذا التعريف، فقد كانت الوظيفة الرئيسية فيه بطبيعة الحال من نصيب رجال الدين، وهم من يؤدون الصلوات. لكن جاء في المرتبة الثانية بفارق ضئيل للغاية المقاتلون، وهم طبقة النبلاء. أما باقي المجتمع، فقد كانوا ببساطة طبقة عاملة. على أرض الواقع لم يكن هذا التعريف دقيقا قط؛ ففي الوقت الذي تبلور فيه هذا التعريف، كان بالفعل ثمة بعض النبلاء الذين لا يقاتلون، وتزايدت أعدادهم بانتظام على مدار القرون التالية. مع هذا في كثير من الممالك قدم هذا التقسيم الثلاثي للوظائف الاجتماعية مبررا لتنظيم المجتمع رسميا في صورة طبقات يقرها القانون، عادة ما تكون لها أشكالها الخاصة من التمثيل المؤسسي. وظلت وظيفة المحارب عنصرا مهما في تعريف النبلاء وهويتهم منذ العصور الهمجية وحتى القرن العشرين.
Bog aan la aqoon