Arstaqraatiyada: Hordhac Kooban
الأرستقراطية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
انطبق الوضع نفسه على معظم المعارضة الفكرية لحكم النبلاء قبل القرن الثامن عشر؛ فطالما تعرض النبلاء للنقد، لا لأن وجودهم كان خطأ، بل لأنهم فشلوا بطرق شتى في تحقيق المثل العليا التي زعموها، والتي تذكر من أجل تبرير وضعهم. صحيح أن مكيافيللي أطلق عليهم اسم «الهوام»، لكنه تعرض لتحقير شديد لأسباب أخرى جعلت انتقاداته القاسية بلا تأثير تقريبا. وربما وقع ضرر أكبر جراء السخرية التي انهال بها ثيربانتس على دون كيشوت، الذي كان رأسه مشوشا بأحلام عن فروسية عتيقة الطراز، ومع هذا كان كتابه مفضلا للغاية لدى قراء من النبلاء. لقد وضع نجاح فكرة جون لوك في القرن الثامن عشر، التي تقضي بأن كل البشر ولدوا متساوين - جسديا وفكريا - وليس فقط أمام الرب، أسسا مهمة لرفض أي مزاعم عن التميز الوراثي. وفي هذا الوقت فقط بدأت بعض الكتب الكلاسيكية التي كان المتعلمون يقرءونها في المدارس تبدو أكثر صلة بهذا الموضوع. فعلى سبيل المثال، في هذا الوقت فقط تبدو مشاعر ماريوس - أول فرد من غير النبلاء يصل إلى منصب القنصل في عام 111ق.م - أكثر صلة بالعصر الحديث. فعلى حد قول المؤرخ سالوست، فإن ماريوس صرح للشعب الروماني قائلا:
أعتقد أن جميع الرجال يتشاركون في طبيعة واحدة ومتماثلة، وأن فضيلة الرجولة هي سمة النبل الوحيدة ... فقد حقق أجدادكم شهرة لأنفسهم وللدولة. وبالاعتماد على هذه الشهرة من أجل خلع مجد غير مستحق على أنفسهم ... يكن النبلاء - المختلفون في شخصياتهم كثيرا عن هؤلاء الأجداد - الاحتقار لنا نحن الذين نحاكي فضائلهم، ونتوقع الحصول على جميع المناصب التشريفية، لا لأنهم يستحقونها، بل لأنهم كما لو كانوا يتمتعون بامتياز خاص للحصول عليها. يرتكب هؤلاء الرجال المتغطرسون خطأ فادحا؛ فقد ترك لهم أجدادهم كل ما يستطيعون من ثروات، وأقنعة تعكس وجوههم، وذكراهم المجيدة. أما الفضيلة، فلم يورثوها لهم، ولا يستطيعون ذلك؛ إذ إنها الشيء الوحيد الذي لا يستطيع أحد أبدا إعطاءه لأحد أو الحصول عليه من أحد.
شكل 5-1: أعداء الأرستقراطية: (أ) أونوريه دي ميرابو (1749-1791م)، و(ب) ديفيد لويد جورج (1863-1945م). توفي لويد جورج وهو إيرل، رغم أنه لم يتبوأ قط مقعده في مجلس اللوردات.
مع هذا، لم يظهر نقد حديث متماسك قبل الثورة الأمريكية، لكن في هذا الوقت ألغت الولايات المتحدة الحديثة التكوين رسميا أي ألقاب للنبلاء بوصفها تتعارض مع المؤسسات الجمهورية، وعندما أنشأ الضباط في الجيش القاري جمعية سينسيناتي الوراثية، من أجل تخليد إنجازهم عبر الأجيال التالية، تعرضت لاستنكار شديد بوصفها بداية لطبقة أرستقراطية أمريكية. وطالما أعلن بنجامين فرانكلن، السفير الأمريكي في فرنسا، أن ادعاءات التميز الموروث هي «محض دعابة». وقد أجرى حسابات ليظهر أنه عقب بضعة أجيال فقط لا يبقى في عروق أي إنسان إلا قدر ضئيل من دم أجداده. وعندما وصلته أخبار عن الجدل الدائر حول جمعية سينسيناتي، قرر نقل الرسالة المناهضة للأرستقراطية إلى أوروبا. فأقنع كونت ميرابو - النبيل الثوري الذي يعيش على الكتابة - بعمل كتيب ظاهريا عن جمعية سينسيناتي، لكنه في حقيقة الأمر يشن هجوما على النبلاء بوجه عام. وفي عام 1784م ظهر كتابه «تأملات في مجتمع سينسيناتوس». وفي استنكاره لطبقة النبلاء بوصفها لا تزيد على مجرد فكرة ملفقة، أدان كونت ميرابو سجلها التاريخي الدموي والمستبد، والكبرياء والغرور اللذين نبعت منهما جميع الأفعال التي يزعم أنها نبيلة، والحماقة في تصديق أن التميز يمكن أن يورث، والمثال السيئ من الكسل والعبث الذي قدموه للمجتمع بأسره. لقد كانت مكانة النبلاء إهانة متعمدة للمساواة الفطرية، فقد انحدر أعضاؤها من قطاع للطرق، والآن هم مجرد «عبيد ذوي ألقاب للحكام الطغاة». وفي هذا الوقت - قبل خمس سنوات من اندلاع الثورة الفرنسية - قام أحد الذين قدر لهم أن يكونوا ضمن قادتها الأوائل بالتنديد برتبته بأسلوب سيتبناه زملاؤه من الثوار من بعده بوقت قصير بوصفه جزءا محوريا في أيديولوجيتهم الكاملة؛ فقد أظهرت أمريكا إمكانية وجود مجتمع ناجح دون نبلاء. وكان الفرنسيون على وشك اكتشاف هل سيتحقق الأمر نفسه في أوروبا أم لا. (2) الثورة
لم يكن الهجوم معدا مسبقا، ولم يتوقعه النبلاء، فمن المعروف أن النبلاء هم من فعلوا معظم الأشياء التي عجلت بالأزمة عن طريق مقاومتهم - في نزاع تقليدي يتعلق بالدستورية الأرستقراطية - لخطط ملكية تهدف إلى تجنب الإفلاس. كانت الإصلاحات الشرعية الوحيدة - على حد زعمهم - تتطلب موافقة الهيئة الملكية التمثيلية الوحيدة: مجلس طبقات الأمة. لم يجتمع هذا المجلس منذ عام 1614م، لكن النماذج التي رصدت في هذا الوقت بدت أنها تعد النبلاء بالدور السيادي الجماعي الموجود في حكومة الضفة الأخرى من القنال الإنجليزي؛ فقد كانوا ممثلين في مجلس واحد فقط من المجالس الثلاثة، لكنهم كانوا واثقين من السيطرة على رجال الدين عن طريق تحكمهم في منصب الأسقف، ويمكن أن يتخطى عدد أصوات أي طبقتين أصوات الطبقة الثالثة. إلا أن إمكانية تطبيق «نظم عام 1614م» أثارت الغضب بين أعضاء الطبقة الثالثة المتعلمة، التي رأت أن هذه النظم تدين 95٪ من الأمة بالخضوع التشريعي الدائم لمن يطلق عليهم اسم «الرتب المتميزة». وأشار أشهر كتيب عن الحملة الانتخابية في عام 1789م، الذي يحمل عنوان «ما الطبقة الثالثة؟» لأمانول سييس، إلى أنه لا يمكن لأي طبقة متميزة أن تكون جزءا من الأمة، وأن من يزعمون أنهم أحفاد الفرنكيين يجب أن يعودوا إلى الغابات الألمانية التي جاءوا منها. واستجابة للصخب الذي حدث، ضاعف الملك عدد نواب الطبقة الثالثة، لكن لم يكن لهذا أي معنى دون حق التصويت لكل فرد. تعاطف عدد قليل من النبلاء مع الطبقة الثالثة، لكن معظم الذين انتخبوا للتمثيل النيابي في طبقة النبلاء قاوموا أي محاولة لتوحيد الطبقات في جمعية وطنية واحدة حتى أسست الطبقة الثالثة من جانبها فقط هذه الجمعية عقب أزمة دامت ستة أسابيع. حتى في هذا الوقت، تطلب الوضع صدور أمر ملكي مباشر لجعل الغالبية العظمى من النبلاء يتقبلون انتهاء الطبقات المنفصلة. انتهت ثمانية أشهر من الجدل ومقاومة النبلاء لمطالب الطبقة الثالثة بإطلاق العنان لهجوم مرير من الشك والعداوة الاجتماعية. فأصبحت كلمات «أرستقراطي» و«أرستقراطية» مصطلحات عامة تشير إلى عدو من أي نوع للثورة. وفي البيان الرسمي الأصلي باسم «إعلان حقوق الإنسان والمواطن» (26 أغسطس 1789م) أعلن الثوار المساواة أمام القانون، والمساواة أمام مسئولي الضرائب، والمساواة في الحصول على الفرص. فجاء فيه: «يولد الناس أحرارا ومتساوين في الحقوق. ولا يجوز أن تسند الامتيازات الاجتماعية إلا وفقا لاعتبارات الصالح العام.» وهكذا انتهى عالم امتيازات الهيمنة الأرستقراطية.
شكل 5-2: الدعاية المناهضة للأرستقراطية في الثورة الفرنسية: (أ) أحد الفلاحين يحمل عبء أصحاب الامتيازات على ظهره، بينما آخرون (ب) يحتفلون بإلغاء النظام الإقطاعي عن طريق تدمير رموز النبالة.
وضعت شمولية هذا التحدي النبلاء الفرنسيين في حالة من الاضطراب. ورحب عدد قليل منهم بنهاية الطبقات المنفصلة وحاولوا التعاون في إعادة صياغة المؤسسات الوطنية. في حين فضل كثيرون اجتياز هذه المحنة في سلبية، آملين انحسارها في النهاية. وقد اختارت أقلية الهجرة إلى الخارج؛ إذ أداروا ظهورهم لدولة لم تعد دولتهم، موجهين تهديدات عدوانية من خارج حدود البلاد؛ ومن ثم لم يكن النبلاء ككل في وضع يمكنهم من مقاومة النهاية المنطقية لمثل هذا القدر من المشاعر والأفعال المناهضة للأرستقراطية. وفي 20 يونيو 1790م أصدرت الجمعية الوطنية إلغاء لمكانة النبلاء نفسها، ومعها استخدام الألقاب والأزياء الرسمية وشعارات النبالة أو إظهارها.
تولى نبلاء ليبراليون زمام الأمور في هذه الحالة، عاملين بذلك على زيادة تعميق الصدع مع رفاقهم النبلاء الآخرين. إلا أن معاناة من أصبحوا حاليا من «العصر البائد» لم تنته بعد؛ ففي عام 1791م، حاول الملك نفسه الهجرة دون جدوى. وما حدث معه شجع كثيرين ممن قاوموا - حتى وقتها - ما أطلق عليه الذين ذهبوا إلى الخارج «طريق الشرف». وقد كانت الأفعال الغريبة للمهاجرين، الذين أطلقوا على أنفسهم وحدهم النبلاء، هي التي دفعت الثوار إلى الدخول في حرب ضد القوى الألمانية في عام 1792م. وقد أصبح هؤلاء المهاجرون، الذين كان يحميهم العدو حينذاك، خائنين، فصودرت أراضيهم، وفي النهاية طبق هذا أيضا على أراضي أقاربهم الذين ظلوا داخل البلاد. وعندما ساءت الأوضاع في الحرب، أصبح جميع النبلاء السابقين مثيرين للشك، وفي عهد الإرهاب من عام 1793 إلى 1794م أعدم 1200 شخص. كان هذا العدد أقل من 1٪ من عددهم، وحصدت المقصلة حياة عدد أكبر من هذا بكثير من المواطنين العاديين. إلا أن الإذلال العام وإعدام الكثير من أعضاء الطبقة الحاكمة السابقة كشف على نحو مثير ضعف الأرستقراطيين. فلم يحدث من قبل قط في التاريخ أن تعرضت سلطة النبلاء ومجدهم لكل هذا التحدي والتشويه ثم الإطاحة الكاملة؛ فلم يتخيل أحد قط إمكانية حدوث هذا. والآن بعد حدوث ما كان يبدو مستحيلا، أصبح دوما من الممكن اجتذاب طموح المتطرفين والمصلحين والثوار الآخرين، ومطاردة الأرستقراطيين المتبقين في كل مكان، فتحطمت إلى الأبد أسطورة عدم وجود بديل عن الحكم الوراثي للنخبة المالكة للأراضي. (3) رتبة تلغي رتبا أخرى
ومع هذا فقد فشل إلغاء النبالة؛ فعقب انتهاء عهد الإرهاب، بدأ المهاجرون النبلاء في العودة تدريجيا بحذر، والعثور على طرق لاستعادة ممتلكاتهم التي فقدوها. وعندما استولى نابليون - وهو أحد النبلاء الذين كونتهم الثورة بدلا من أن تدمرهم - على السلطة، دعا سريعا أي فرد لا يؤيد أسرة بوربون المعزولة إلى العودة إلى البلاد والعمل معه. وعندما نصب نفسه إمبراطورا، أراد أن يحيط نفسه برجال البلاط، وأسس نخبة جديدة تحمل ألقابا، وادعى أن هذه لم تكن طبقة من النبلاء، وأنها تهدف إلى أن تحل محل القدر المتبقي من الطبقة القديمة، لكنه كان حريصا على إدخال نبلاء العهد البائد فيها، وعند سقوطه اعتبرت أسرة بوربون التي استعادت الحكم هذا التكوين البالغ من العمر ست سنوات التكوين الأصلي.
شكل 5-3: شارل موريس تاليران (1754-1838م)، أحد النبلاء في عصر ما قبل الثورة وتحول إلى أمير في عصر نابليون.
Bog aan la aqoon