على الاعداء، أمير البررة، وقاتل الكفرة، وأحد العشرة المبشرة، أقدمكم جهادا وأسبقكم اجتهادا ، حليف السهر، ومعدن الفكر، مشيد الدين، ومولى المومنين، والانزع البطين المعقل الركين، القوي في دين الله، القائم (1) بأمر الله.
معاشر الناس، ولقد كان بيني وبين علي هنات، وهنات في ليال مظلمات في محال البصرة، فيا لها من كرة وأية كرة استوسق ظلامها وهجع نوامها، فوطئت الكثبان وركبت القضبان حتى أتيت خلل عسكره، فرأيته بعد كثيبين أحمرين لا يمنعه بعد السفر عن السهر.
فدنوت حتى صرت بين يديه فإذا هو واضح خده على التراب يبكي وينتحب ويتململ تململ الثكلى، وهو يقول: سجد لك وجهي، وخضع لك قلبي، واستسلم لامرك نفسي فكيف المفر غدا من أليم عذابك، وشديد عقابك قالت: فدنوت منه، حتى صرت بين يديه وأخذت رأسه في حجري ومسحت عوارضه من التراب، ثم رجعت من عنده، ولا أحد من خلق الله أحب إلي منه.
قال زر بن حبيش: ثم ألقت نفسها على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله تبكي وتنتحب وهي تقول: بأبي أنت وامي يا نبي الهدى، قتل والله حامل لوائك غدا.
ثم نظرت إلى الناس يبكون، فقالت:
أيها الناس إبكوا فاليوم والله طاب البكاء، فاليوم قبض محمد المصطفى وفاطمة الزهراء، ثم رأت الناس يبكون فتنفست الصعداء، ورمت بنفسها على القبر [فوالله] (2) ما ظننتها إلا أنها فارقت الدنيا، فحملتها نساء قريش إلى منزلها وهي تقول:
عجبت لقوم يسألوني عن الذى * فضائله مشهورة في المشاهد فجدد حزني والستهلت مدامعي * لوجهك يامن يرتجى للشدائد (3).
Bogga 94