Arbacun Hadithan
الاربعون حديثا
Noocyada
الاربعون حديثا :98
فصل:في بيان معالجة الكبر
بعدما عرفت مفاسد الكبر ، فحاول ان تعالج نفسك مشمرا عن ساعد الجد للبحث عن العلاج ، واشحذ همتك لتطهير القلب من هذا الدرن ، وازل الغبار والاتربة عن مرآته . فاذا كنت ممن قويت نفوسهم ، واتسعت صدورهم ، ولم يتجذر حب الدنيا في قلبك ، ولم يبهرك زبرجها وزخرفها ، وكانت عين انصافك مفتوحة ، فان الفصل السابق خير علاج علمي لك . واذا لم تكن قد دخلت هذه المرحلة ، ففكر قليلا في حالك ، فلعل قلبك يصحو .
فيا ايها الانسان الذي لم تكن شيئا في اول امرك ، وكنت كامنا في دهور العدم والاباد غير المتناهية ، ما هو الاقل من العدم واللاشيء على صفحة الوجود ؟ ثم لما شاءت مشيئة الله ان يظهرك ، الى عالم الوجود فمن جراء قلة قابليتك الناقصة وتفاهتك وضعتك وعدم اهليتك لتقبل الفيض ، أخرجك من هيولى العالم المادة الاولى الذي لا يكون سوى القوة المحضة والضعف الصرف ، الى صورة الجسمية والعنصرية ، التي هي اخس الموجودات واحط الكائنات ، ومن هناك اخرجك نطفة لو مستها يدك لاستقذرتها وتطهرت منها ، ووضعك في منزل ضيق رجس هو خصيتي الاب ، واخرجك من مجرى البول في حالة مزرية قبيحة ، وادخلك في رحم الام من مكان تنفر من ذكر اسمه . وهناك حولك الى علقة ومضغة ، وغذاك بغذاء يزعجك سماع اسمه ويخجلك . ولكن بما ان الجميع هذا هو حالهم وتلك هي بليتهم ، زال الخجل «والبلية اذا عمت طابت» .
في كل هذه التطورات كنت ارذل الموجودات واذلها واحطها ، عاريا عن ادراك ظاهري وباطني ، بريئا من كل الكمالات . ثم شملتك رحمته وجعلك قابلا للحياة ، ظهرت فيك الحياة رغم كونك في اشد حالات النقص ، بحيث انك كنت احط من الدودة في امور حياتك ، فزادت برحمته تدريجيا قابليتك على ادارة شؤون حياتك ، الى ان اصبحت جديرا بالظهور في محيط الدنيا ، اظهرك في هذه الدنيا من خلال اشد المجاري ضعة ، وفي اوطا الحالات ، وانت اضعف في الكمالات وشؤون الحياة ، وادنى من جميع مواليد الحيوانات الاخرى . وبعد ان منحك بقدرته قواك الظاهرية والباطنية ، ما زلت ضعيفا وتافها بحيث ان ايا من قواك ليست تحت تصرفك ، فلست بقادر على المحافظة على صحتك ، ولا على قواك ولا على حياتك ، ولست بقادر على الاحتفاظ بشبابك وجمالك . واذا ما هاجمتك آفة او انتابك مرض فلست بقادر على دفعهما عنك . وعلى العموم ، ليس تحت تصرفك شيء من ذلك . لو جعت يوما لتنازلت حتى لاكل الجيفة ، ولو غلبك العطش لما امتنعت عن شرب اي ماء آسن . وهكذا انت في شؤونك الاخرى عبد ذليل مسكين لا قدرة لك على شيء . ولو قارنت حظك من الوجود ومن الكمالات الاربعون حديثا :99
Bogga 98