الأسماء الجلالية والعظمة ، فيحصل الوجد والحب الشديد المشوب بالخوف ، والحيرة المشوبة بالحزن . وفي الحديث أن النبي يحيى عليه السلام رأى يوما النبي عيسى عليه السلام يضحك ، فعاتبه قائلا : أتأمن مكر الله وعذابه ، فأجاب عيسى عليه السلام أأنت آيس من رحمة الله وفضله ؟ فأوحى الله سبحانه إليهما من كان منكما يحسن الظن بي أكثر فهو محبوب عندي أكثر .
فلما تجلى الحق المتعالي في قلب يحيى عليه السلام من خلال الأسماء الجلالية كان يحيى خائفا ، ومؤنبا للنبي عيسى عليه السلام بتلك الشدة . ولكن الحق قد تجلى بأسمائه الجمالية في قلب عيسى عليه السلام فأجاب عيسى يحيى حسب تجليات الرحمة .
فصل:
إعلم أن الظاهر من هذا الحديث الثاني والعشرين عندما يقول : «عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة» أن دار الآخرة والجنة مشيدة وقائمة ، وتتهدم بأعمالنا . ومن الواضح أن المقصود من قوله عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة هو التشابه به في التعبير ، فإنه لما عبر عن الدنيا بالتعمير عبر عن دار الآخرة بالتخريب . وإن عالم الجنة والنار وإن كانا مخلوقين ، ولكن تعمير دار الجنة ومواد بناء جهنم تابعة لأعمال أهلها . ففي الرواية أن أرض الجنة جرداء ومواد بنائها أعمال بني الإنسان . وهذا يتطابق مع البرهان وكشف أهل المكاشفة . كما يقول بعض العرفاء المحققين : (إعلم عصمنا الله وإياك أن جهنم من أعظم المخلوقات ، وهي سجن الله في الآخرة . وإنما سميت بجهنم لبعد قعرها حيث يقال لبئر بعيد الغور والعمق بئر جهنام . وهي تحتوي على حرارة وزمهرير البرودة وتكون برودتها في أقصى درجات البرودة ، وحرارتها في أقصى درجات الحرارة ، وتعتبر المسافة بين أعلاها وأسفلها مسيرة سبعمائة وخمسين عاما . والناس اختلفوا في أن جهنم مخلوقة أم غير مخلوقة ، وكان الخلاف في ذلك مشهورا . كما أنهم اختلفوا في أن الجنة مخلوقة أم غير مخلوقة . أما عندنا وعند أصحابنا من أهل المكاشفة والمعرفة فأن الجنة وجهنم مخلوقتان وغير مخلوقتين أما أنهما مخلوقتان فإن مثلهما ، مثل رجل بنى بيتا وأقام الجدار الخارجي حيث يقال له بيت ، ولكننا عندما ندخل لا نجد شيئا إلا سوره وحائطه الذي يصون البيت من الخارج ، ولكن بعد ذلك يشيد البيت حسب طلب الساكنين من بناء الغرف والمرافق والملاجئ وحسب هدف صاحب البيت وما ينبغي أن يكون فيه . انتهى) .
وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما أسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربما أمسكوا ، فقلت لهم : ما بالكم قد أمسكتم . فقالوا : تجيئنا النفقة . فقلت : وما نفقتكم ؟ قالوا قول المؤمن الاربعون حديثا :333
Bogga 332