ولكانت حركة وسكون العين واللسان واليد والرجل ، وافعال كل القوى والجوارح مع ذكر الحق . ولم تقم القوى الظاهرية والباطنية في جسم الانسان بإنجاز ما يخالف الوظائف الشرعية المقررة . فتكون حركاتها وسكناتها مبدوة ومختومة بذكر الحق ، وتنفذ «بسم الله مجريها ومرسيها» (1) في جميع اطراف المملكة جسم الانسان بما فيه القوى الظاهرية والباطنية .
وفي النتيجة يتحول الانسان الى حقيقة الاسماء والصفات ، بل الى صورة اسم الله الاعظم ، ومظهره . وهذه هي الغاية القصوى لكمال الانسان ومنتهى رجاء اهل الله . وكلما حصل انخفاض عن هذا المستوى الرفيع ، وقل نفوذ الذكر في الانسان انتقص وبنفس النسبة من كمال الانسان ، وأثر نقصان كل من الظاهر والباطن ، في الآخر ، لأن نشآت وجود الانسان مترابطة ومتأثرة بعضها ببعض .
ومن هنا يعلم ان ذكر الحق بالنطق واللسان الذي يعد من اقل مراتب الذكر ، يكون مجديا ونافعا ايضا لأنه :
اولا : قام اللسان بوظيفته بواسطة ذكره وان كان هذا الذكر قالبا لا روح له . وثانيا : يمكن ان يصير هذا التذكر الذكر باللسان سببا لتفتح لسان القلب ايضا بعد فترة من المواظبة على الذكر والاستمرار عليه بشروطه .
قال شيخنا الكامل العارف الشاه آبادي روحي فداه يجب ان يكون الانسان الذاكر مثل المعلم الذي يريد ان يعلم الطفل الصغير الذي لم ينطق بعد الكلمات ، حيث يكرر الكلمة ، حتى ينفتح لسان الطفل وينطق الكلمة ، ثم نرى المعلم يداعب الطفل ويردد الكلمة بمثل ما سمعها من الطفل فيزول تعب المعلم وكأن مددا يبلغه من الطفل . كذلك الذاكر يجب ان يعلم قلبه الذكر اذا لم ينفتح لسانه القلب على الذكر . وسبب تكرار الذكر هو انفتاح لسان القلب على الذكر . وآية انفتاحه لسان القلب ان لسان الفم يتبع القلب ، فيزول نصب تكرار الذكر وعنائه . في البدء كان اللسان ذاكرا والقلب استمد الذكر منه ، وبعد انفتاح لسان القلب بالذكر ، يتبعه لسان الفم ، ويستمد اللسان منه القلب الذكر ، او من الغيب .
ولا بد من معرفة ان الاعمال الظاهرية الصورية لا تليق بمقام الغيب ، ولا تحشر في عالم الملكوت ، الا اذا بلغها من باطن الروحانية ولباب القلب مددا ، ووهبها حياة ملكوتية ، ولا يكون ذلك الا بالنفخة الروحية التي هي بمثابة الروح والباطن ، لصورة خلوص النية ، والنية الخالصة ، وبتبعها يحشر الجسم في عالم الملكوت ويعتبر لائقا للقبول في مقام الغيب القدسي . ولهذا أورد في الروايات الشريفة ان قبول الاعمال على قدر توجه القلب . ومع كل الاربعون حديثا :277
Bogga 276