243

Arbacun Hadithan

الاربعون حديثا

Noocyada

الطوسي قدس الله نفسه القدوسية في تعريف الصبر : انه كف النفس عن الجزع عند حلول مكروه . وقال العارف المحقق المشهور في كتاب «منازل السائرين» انه : امتناع النفس عن الشكوى على الجزع المستور . (انتهى) .

واعلم ان الصبر يعتبر من مقامات المتوسطين ، لان النفس ما دامت تكره المصائب والبليات ، وتجزع منها ، يكون مقام معرفته ناقصا . كما ان مقام الرضا بالقضاء ، والابتهاج من اقبال المصائب عليه ، مقام ارقى من مقام الصبر ، رغم كون مقام الرضا من مقامات المتوسطين ايضا . وهكذا يكون الصبر على المعصية والطاعة ، من جراء نقص المعرفة بأسرار العبادة وصور المعاصي والطاعات . فان الانسان اذا ادرك حقيقة العبادة وآمن بصورها البهية البرزخية ، وكذلك آمن بالصور البرزخية الموحشة للمعاصي لما كان للصبر على الطاعة او المعصية وقع . بل الامر يغدو معكوسا . فانه اذا واجه ابتهاجا وراحة او افضى به الامر الى ترك عبادة او فعل معصية ، لأصبحت هذه الامور مكروهة عنده وكان جزعه الباطني النفسي اكثر من جزع ذوي الصبر في البليات والمصائب .

نقل عن العبد الصالح ، العارف بوظائف العبودية وصاحب المقامات والكرامات علي بن طاووس قدس الله نفسه انه كان يحتفل في كل عام يوم ذكرى بلوغه للتكليف الشرعي ، ويتخذه عيدا وينثر الهدايا على الاصدقاء والاهل ، وذلك لما شرفه الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم بالاذن في فعل العبادات والطاعات .

هل ان فعل الطاعات يعد لهذا الروحاني من الصبر على المكروهات الكامنة في اعماق الانسان ؟ أين نحن وأين هؤلاء العباد المنقادون للحق تبارك وتعالى ؟ نحن نحسب بأن الحق تبارك وتعالى قد كلفنا وشدد علينا ، ونعتبر الاحكام الشرعية كلفة وازعاجا . واذا بذل احدنا الجهد في اول الوقت لأداء الفريضة ، لقال انه المفروض علي ، ويجب في أقرب وقت ان ارتاح منه ! كل هذه التعاسة من جهلنا وقلة علمنا ونقص او فقدان ايماننا .

وعلى اي حال فالحقيقة ان الصبر هو الامتناع عن الشكوى على الجزع الكامن . وما ورد في ائمة الهدى او الانبياء العظام من نعتهم بالصبر ، فمن المحتمل انه من الصبر على الآلام الجسدية التي تسبب الانفعال والتأثر حسب طبيعة الانسان او من الصبر على فراق الأحبة وهو حينئذ من المقامات الكبيرة للمحبين فيصح الحديث عنه في تراجم حياتهم . واما الصبر على الطاعات او المعاصي او النوائب عدا ما ذكرنا الآلام الجسمية فلا معنى لها في حقهم ولا في حق شيعتهم .

يقول العارف المعروف كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني في كتابه شرح المنازل : ان هدف خواجة الانصاري من قوله ان الصبر كف النفس عن الشكوى . هو الشكوى الى المخلوق الاربعون حديثا :248

Bogga 247