132

الاربعون حديثا :136

لذلك يمكن ان توصف هذه السجية بانها ام الامراض النفسية ومفتاح كل شر . ويقابلها كظم الغيظ واخماد سعير الغضب فانه من جوامع الكلم ودائرة تمركز الحسنات ومجمع الكرامات . كما جاء في الحديث (الكافي) عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال سمعت ابي يقول :

«اتى رسول الله رجل بدوي ، فقال : اني اسكن البادية فعلمني جوامع الكلام فقال : آمرك ان لا تغضب . فاعاد عليه الاعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل الى نفسه . فقال : لا اسال عن شيء بعد هذا . ما امرني رسول الله الا بالخير . قال : وكان ابي يقول : اي شيء اشد من الغضب ؟ ان الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله ويقذف المحصنة» (1) .

قعد ان يدرك الانسان ، في حال تعلقه وسكون نفسه وخمود غضبه ، المفاسد الناجمة عن الغضب ، والمصالح الناجمة عن كظم الغيظ ، يلزم ان يحتم على نفسه ان يطفئ هذا اللهيب الحارق وهذه النار المشتعلة في قلبه ، مهما لاقى من عنت ونصب في سبيل ذلك ، ليغسل قلبه من الظلام والكدر ، ويعيد اليه صفاءه ونقاءه . وهذا امر ممكن تماما بشيء من مخالفة النفس والعمل ضد هواها ، وبقليل من النصح والارشاد والتدبر في عواقب الامور . وهذه وسيلة يمكن بها ازالة جميع الاخلاق الفاسدة والعادات القبيحة من ساحة النفس ، وابدالها بجميع الصفات الحسنة والاخلاق المحمودة التي يجب ان يتحلى بها القلب .

فصل: في بيان علاج الغضب المشتعل

ان للغضب المشتعل علاجا علميا وعمليا ايضا .

اما علاجه العلمي فهو ان يتفكر الانسان في تلك الامور التي ذكرت ، ويعد هذا من العلاج العملي ايضا .

اما العلاج العملي فاهمه صرف النفس عن الغضب عند اول ظهوره . وذلك لان الغضب اشبه بالنار ، فهو يزداد شيئا فشيئا ويشتد ، حتى يتعالى لهيبه ، وترتفع حرارته ويفلت العنان من يد الانسان ، ويخمد نور العقل والايمان ، ويطفئ سراج الهداية ، فيصبح الانسان ذليلا مسكينا . فعلى الانسان ان ياخذ حذره قبل ان يزداد اشتعاله ويرتفع سعيره ، فيشغل نفسه بامور اخرى ، او ان يغادر المكان الذي ثار فيه غضبه ، او ان يغير من وضعه . فاذا كان جالسا فلينهض الاربعون حديثا :137

Bogga 136