Arbacin Mughniyya

Saladin d. 761 AH
157

Arbacin Mughniyya

كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين

Noocyada

582- الذي ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والشافعي وجمهور أصحابهم والأوزاعي وأبو ثور وغيرهم أن الأفقه مقدم في الإمامة على الأقرأ؛ لأنه قد يعرض في الصلاة أمور لا يقدر على مراعاة الصواب فيها إلا العارف بالفقه والمتبحر فيه، وتأولوا هذا الحديث على أن الأقرأ في ذلك الزمن كان هو الأفقه؛ لما روي أنهم كانوا لا يتعدون الآية حتى يعلموا أحكامها. وهذا التأويل يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة))؛ فإنه فرق بين القرآن ومعرفة السنة، ولذلك قال بمقتضاها أحمد بن حنبل وأصحابه وإسحاق بن راهويه وبعض الحنيفة وابن المنذر وغيره من أصحابنا.

583- فأقوى ما اعتضد به الأولون أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر للصلاة بالناس ولم يكن جمع القرآن، وكان في الصحابة جماعة غيره جمعوا حفظ القرآن، هذا مع كونه صلى الله عليه وسلم نص على أن أقرأهم أبي، ولم يقدمه، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة)) وسماهم، وقدم أبا بكر رضي الله عنه للإمامة.

584- ويمكن أن يجاب عن هذا بأن تقديم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في مرض موته للإمام إنما كان للتنبيه والإشارة إلى تقديمه في الإمامة الكبرى، لكن يعارض هذا تقديم بلال والصحابة رضي الله عنهم أبا بكر رضي الله عنه أيضا في صلاة العصر لما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، وكانت هذه القصة متقدمة، ولم يكن ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تقديم الصحابة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في غزوة تبوك لما تأخر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء وصلى خلفه، ولم يقدموا الأقرأ، والمسألة محتملة من جهة تكافؤ الأدلة.

585- وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة))، قصره أبو حنيفة على زمنه صلى الله عليه وسلم، قال: لأن الهجرة انقطعت بعده، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرة بعد الفتح)).

Bogga 459