PARATEXT|
أربعون حديثا عن أربعين حافظا
كتاب الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين
تأليف شيخنا وسيدنا الشيخ، الفقه الإمام، العالم، الحافظ، النبيه، شرف الدين، ناصر السنة، قامع البدعة، بقية السلف، عمدة الخلف، أبي الحسن علي بن القاضي الوجيه الأنجب أبي المكارم المفضل بن علي بن مفرج بن حاتم المقدسي المالكي أمده الله، ونفعنا به برحمته، ونفع المسلمين برحمة رب العالمين.
رواية شيخنا أبي العباس أحمد بن شجاع بن ضرغام القرشي عنه،
سماع عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي السعدي عفا الله عنه بمنه.
Bogga 109
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر يا رب
أخبرنا شيخنا الشيخ الإمام العالم الحافظ، شيخ الإسلام، ناصر السنة، قامع البدعة، الفقيه، النبيه، شرف الدين، أبو الحسن علي بن القاضي الوجيه الأنجب، أبي المكارم، المفضل بن علي المقدسي أيده الله بقراءتي عليه بمحروسة القاهرة بالمدرسة الصاحبية عمرها الله تعالى.
قال:
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام، المقدم حمده أمام كل كلام، الذي لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله وآله خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام، وسائر أهل الإسلام، صلاة متصلة الدوام، مدى الليالي والأيام.
أما بعد: فهذه أربعون حديثا مخرجة من حديث أربعين حافظا، من حفاظ الإسلام المتقدمين، وأئمة الشريعة الماضين، الذين انتدبوا للتحديث والرواية، واشتهروا بالعلم والدراية، وعنوا بالتعديل والتجريح، واشتغلوا بالتسقيم والتصحيح، مرتبة على عشر طبقات، من كل عصر أربعة من الحفاظ الثقات، يكون العصر الثاني قد تنزل في طبقة من أخذ عن العصر الأول، والعصر الثالث في طبقة من أخذ عن الثاني، ثم كذلك على التوالي والتداني.
Bogga 111
وابتدأت بعصر التابعين دون من تقدمهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، لأنه لابد لكل تابعي إذا كان الحديث مسندا أن يصله بصحابي إما بالسماع منه، أو بالأخذ عمن أخذ عنه، ولذلك لم أتعرض أيضا لعصر شيوخي الذين رويت عنهم، لأنه لا يكون أيضا متصلا إلا بذكر واحد منهم.
فالمعنى المشار إليه في الطبقة العليا موجود بعينه في الطبقة الدنيا، وهو أنهما من ضرورة اتصاله والسلامة من إرساله.
وانتهيت بالعصر العاشر إلى عصر الخطيب أبي بكر، وابن ماكولا أبي نصر، والبيهقي، وابن عبد البر، فإنني وإن لم أدرك أصحابهم، فقد أدركت بسني أضرابهم، واتصلت روايتي بمن يروي عن رجل عن رجالهم، فكأنه قد سمع منهم أو سمع من أمثالهم.
وجعلت تبويب الكتاب على حسب الطبقات، وترتيب الدرجات،
Bogga 112
وذكرت عقيب حديث كل واحد منهم رحمهم الله ورضي عنهم ما تيسر ذكره من فضائله وآثاره، وحكاياته وأخباره، وعلى وجه الإيجاز والاختصار، دون التطويل والإكثار، والله تعالى ينفعنا به ومن سمعه ونظر فيه ويوفقنا لما يرضيه وجميع المسلمين بكرمه، آمين.
Bogga 113
الطبقة الأولى
[1-الزهري]
أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ابن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، القرشي الزهري، المديني، يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة.
سمع من الصحابة رضي الله عنهم: أنس بن مالك، وسهل بن سعد، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن ثعلبة، ومحمود بن الربيع، وسنينا أبا
Bogga 114
جميلة، وأبا الطفيل عامر بن وائلة، ورأى ابن عمر، وسمع من التابعين خلقا يطول ذكرهم، منهم: عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة، واسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعطاء بن يزيد، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وسالم، وحمزة وعبد الله، وعبيد الله بنو عبد الله بن عمر، وغيرهم.
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعمرو بن دينار، وصالح بن كيسان، ومنصور بن المعتمر، ومالك بن أنس، ومعمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد ابن الوليد الزبيدي، والليث بن سعد، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وبكير بن الأشج، وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم.
توفي في السابع عشر من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة بالشام.
Bogga 115
قال الواقدي: وهو ابن سبعين سنة، وقال ابن بكير، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي
Bogga 116
قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران السكري قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، سمع أنس
Bogga 117
ابن مالك يقول: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين -وكن أمهاتي يحثثني على خدمته. فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم دارنا، فحلبنا له من شاة لنا داجن، فشيب له من ماء بئر في الدار، وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم وعمر ناحية، فقال له عمر: أعط أبا بكر. فناول الأعرابي، وقال: ((الأيمن فالأيمن)) .
Bogga 118
متفق عليه من حديث الزهري، أخرجه البخاري ومسلم جميعا من حديث مالك عنه، فرواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عنه، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه، وانفرد البخاري برواية شعيب عن الزهري فرواها عن أبي اليمان عنه، وبرواية يونس عن الزهري، فرواها عن عبدان عن ابن المبارك عنه، وانفرد مسلم برواية ابن عيينة هذه التي أوردناه بها، فرواها عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو بن محمد الناقد، وزهير بن حرب، ومحمد بن عبد الله نمير..
....
Bogga 119
عن ابن عيينة، ووقع إلينا عاليا جدا كأن شيخنا سمعه من صاحب البخاري في رواية يونس، والله أعلم.
Bogga 120
أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار البغدادي الصيرفي قال: أخبرنا علي بن أحمد
Bogga 121
الفالي، أخبرنا أحمد بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي، قال: حدثنا إسحاق بن أبي حسان الأنماطي، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: أخبرنا الوليد،
Bogga 122
عن سعيد أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يملي على بعض ولده شيئا من الحديث، فدعا بكاتب وأملى عليه أربع مائة حديث، فخرج الزهري من عند هشام، فقال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مائة (حديث) ، ثم لقي هشاما بعد شهر أو نحوه، فقال للزهري: إن ذلك الكتاب قد ضاع. قال: لا عليك. فدعا بكاتب فأملاها عليه، ثم قابل بالكتاب الأول فما غادر حرفا واحدا.
قال الرامهرمزي: وحدثني عبد الرحمن بن محمد المازني، قال:
Bogga 123
حدثنا هارون الفروي. قال: حدثنا أبي (موسى بن عبد الله بن أبي علقمة) ، قال: ((سمعت مالكا يقول: قد رويت عن ابن شهاب أربعين حديثا في مجلس، ثم شككت في إسناد حديث فجئته أستثبته، فضجر علي وقال: ما هكذا كنا)) .
أخبرنا أبو محمد العثماني، أخبرنا محمد بن منصور الحضرمي
Bogga 124
وجعفر بن إسماعيل الأنصاري، قالا: أخبرنا أحمد بن سعيد بن نفيس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي، حدثنا أبو أحمد بن المفسر، حدثنا أحمد بن علي، حدثنا ابن عباد حدثنا سفيان، عن الهذلي، قال: ((جالسنا الحسن وابن سيرين، ما رأينا مثل الزهري)) .
Bogga 125
[2- عمرو بن دينار]
أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي الأثرم مولى ابن باذان ويقال باذام، وكان من أبناء الفرس من اليمن.
سمع من الصحابة: ابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وابن الزبير، وأبا شريح.
ومن التابعين: جابر بن زيد، وطاووسا، وسعيد بن جبير، والزهري.
روى عنه: أيوب، وشعبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد وروى عنه مالك حديثا وحكاية.
Bogga 127
توفي سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل سنة ست وعشرين، وكان أسن من الزهري، وكان يقول: ((قد جاوزت السبعين)) .
وقال الذهلي: حدثنا علي بن عبد الله -يعني: ابن المديني- قال: سمعت سفيان قيل له: كم مات عمرو بن دينار؟ قال: في أول سنة خمس وعشرين ومائة، وهو ابن ثمانين سنة)) .
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة، أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن محمود، حدثنا علي بن محمد بن بشران، حدثنا إسماعيل بن
Bogga 128
محمد بن إسماعيل الصفار ، حدثنا سعدان بن نصر بن منصور البزاز، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: لما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} ، قال: ((أعوذ بوجهك)) {أو من تحت أرجلكم} ، قال: ((أعوذ بوجهك)) ، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: ((هاتان أهون أو أيسر)) .
انفرد البخاري بحديث ابن عيينة هذا عن عمرو. فرواه عن علي بن المديني عنه.
وانفرد به أيضا من حديث حماد بن زيد، فرواه عن أبي النعمان عنه،
Bogga 129
وعن قتيبة عنه، ووقع لنا عاليا بإسناد الحديث الذي قبله.
أنبأنا أحمد بن أبي أحمد الحافظ، قال: كتب إلي عيسى بن أبي ذر الهروي عن أبيه، قال: أنبأنا حمد بن عبد الله الأصبهاني، عن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، حدثنا أبو هارون الخراز محمد بن خالد، حدثنا علي بن سليمان البلخي، قال: قال ابن عيينة: قلت لمسعر: من أثبت من
Bogga 130