تأليف
شبلي شميل
بيان
نشرت جريدة الأخبار منذ مدة للكاتب أ. ش. انتقادا على كتاب خالد للريحاني، جاء فيه تعريض بآرائي وأنها آراء غريبة، فكتبت ردا على ذلك وبعثت به إلى نفس الجريدة فلم يتيسر لها نشره، ولما كان هذا القول يشبه أن يكون صدى رأي الجمهور أكثر من أن يكون رأي الناقد الخاص، ولئلا يرسخ في الأذهان أن الغرابة هي دائما في مخالفة الشائع المشهور، رأيت أن أنشر هذه الكلمة في رسالة على حدة جلاء للحقيقة؛ عملا بقولي: «الحقيقة أن تقال لا أن تعلم.» فقط.
مصر سنة 1912
تمهيد
قال الكاتب أ. ش: «وأما أراؤه - أي صاحب كتاب خالد - الدينية والاجتماعية والفلسفية، فمعظمها غريب عن الرأي الغالب بين طوائف الإنس والجن، بعضها أغرب من آراء الدكتور شميل.»
أنا لم أقرأ كتاب خالد لأقف على حقيقة هذه الغرابة فيه وموضعها من الصحة وعدمها، وإنما أنا أقدر أن أتكلم عن آرائي الدينية والاجتماعية والعلمية ولا أقول الفلسفية؛ لأني لا أحب أن أعنى كثيرا بالفلسفة، إلا ما كان منها من قبيل الاستقراء العلمي فقط؛ لما تجر إليه غالبا من السفسطات البالغة إذا شردت عن العلم، بل أنا أكره جدا الانتساب إليها.
فإذا كان الخروج عن مألوف الناس ولو إلى الصواب يعد غرابة فآرائي غريبة عن الرأي الغالب بين طوائف الإنس، وأما طوائف الجن فليس لي علم بها وبآرائها، ولكن معنى الغرابة هنا يتناول البعد عن الصحة أيضا.
فآرائي الدينية والاجتماعية والعلمية ليست غريبة عن العلم اليوم، وهي ليست من الآراء الفلسفية التي يتسع مجال التخريج فيها لكل مفكر غير مقيد بقيد علمي، بل هي نتيجة لازمة لأبحاث علمية خارجة من معمل الطبيعي وداخلة في بوتقة الكيماوي وواقعة تحت مشراط المشرح، ولا سبيل للخروج عنها إلا بالوقوع في الغريب. لا يجوز أن ترمى بالغرابة إلا إذا جاز أن تكون الأحكام الاجتهادية أصدق من الدليل الاختياري والنظر المجرد أصدق من الحس.
Bog aan la aqoon